24.3.08

الاقتصاد العالمي في بقرتين - منقول

ملحوظة: هي قديمة شوية .. بس لسه شغالة

الشيوعية: أن تكون لديك بقرتان فتأخذ الحكومة الاثنتين وتمنحك بعض اللبن.

الفاشية: أن تكون لديك بقرتان فتأخذ الحكومة الاثنتين وتبيع لك بعض اللبن.

النازية: أن تكون لديك بقرتان فتأخذ الحكومة الاثنتين و تعدمك

البيروقراطية : أن تكون لديك بقرتان فتأخذ الحكومة الاثنتين وتقتل واحدة وتحلب الأخرى وتلقي باللبن بعيدًا.

البيروقراطية : أن تكون لديك بقرتان، و كلما حلبتهما دفعت عليهما 10 جنيه دمغة.

الحكومة اللمصرية:
أن تكون لديك بقرتان، فتباع البقرتان، و يحلبوك أنت !

الرأسمالية: أن تكون لديك بقرتان فتبيع واحدة وتبتاع ثورًا، من ثم ينمو القطيع فتبيعه وتتقاعد معتمدًا على الدخل.

شركة أمريكية: أن تكون لديك بقرتان فتبيع واحدة وترغم الأخرى على أن تعطيك لبن أربع بقرات ثم تستأجر خبيرًا استشاريًا لفهم لماذا ماتت البقرة ؟!

شركة فرنسية: أن تكون لديك بقرتان فتعلن الإضراب لأنك تطالب بثالثة.

شركة يابانية: أن تكون لديك بقرتان. تعيد تصميمهما جينيًا بحيث تصيرا عشر حجم البقرة العادية، مع مضاعفة اللبن عشرين مرة. ثم تبتكر شخصية بقرة للرسوم المتحركة اسمها (كاوكيمون) وتسوقها في العالم كله.

شركة ألمانية: أن تكون لديك بقرتان. تعيد تصميمهما جينيًا بحيث تعيش الواحدة مائة عام وتحلب نفسها و تأكل مرة كل شهر.

شركة إيطالية: أن تكون لديك بقرتان لكنك لا تعرف أين هما ثم تكف عن البحث لأن ساعة الغداء حانت.

شركة روسية: أن تكون لديك بقرتان تعدهما فتجد أن لديك خمس بقرات. تعد من جديد فتجد أن العدد 42 تعد من جديد فتجد أنهما بقرتان تتوقف لتفتح زجاجة فودكا أخرى.

شركة سويسرية: أن تكون لديك 5000 بقرة لا تملك واحدة منها. لكنك تتقاضى من الآخرين ثمن الاحتفاظ بها.

شركة صينية: أن تكون لديك بقرتان ولديك 300 عامل لحلبهما. تنشر أخبارًا عن انعدام البطالة وتقدمُ صناعة الألبان وتعتقل الصحفي الذي نشر الأرقام الحقيقية.

شركة هندية: أن تكون لديك بقرتان وأنت تعبدهما.

شركة بريطانية: أن تكون لديك بقرتان مجنونتان!

شركة مصرية: أن تكون لديك بقرتان كلتاهما ذهبتا لمبايعة مبارك

23.3.08

مرثية تركية

إهداء لصديقي العزيز: المهيس الأكبر
عربيّ أنا
وهواي تركيّ

و عشقي لها
في القلب مطويّ

فليس من عابثٍ
شيطانٍ أو إنسيّ

رأيتها فعشقتها
و كأنه كان مقضيّ

فساكنةٌ و مالكةٌ أبـ
دًا كلَّ ما فيّ

أهوي هواها
و هواها عني قصيّ

فإذا الكون نورٌ
أمام عيني دجيّ

و إذا الرحاب ضيقٌ
و إذا الذكر نسيّ

و ما باقٍ غيرُ قلبٍ
كسيرٍ، و حبٍ مرثيّ

ملحوظة سابقة لأوانها: أعرف رأيك قبل أن تقوله يا سيادة المهيس، حتقولي "إيه ده، ده لا شعر و لا إحساس و أنت لا تعرف حاجة في الحب .. بلا نيلة" .. بس أحب أقولك إن الموضوع استهواني و القافية كانت شغالة مش أكتر ..

21.3.08

الذهب الأحـمر - تابع الفصل الأول

انفتح الباب بهدوء لا يكاد يلحظ و سط هذا الضجيج ليدلف أرنوك بخطواته الهادئة و ملابسه و لثامه الذي لا يخفيه بل يجعله مميزا ، حتى و صل الى احدى الموائد فارتمى على مقعد بهدوء و جلس يشاهد الناس يرقصون على تلك الموسيقى ، و شرد قليلا و قد حملت اليه تلك النغمات سيلا من الذكريات ، بعضها جميل و بعضها لا يحب أن يذكره .. قطع عليه شروده صوت يقول : أهلا بالقناص ،ثم اكمل : كيف حال غزلانك يا أرنوك ؟؟
- يرسلون اليك بي يا بالرين .. و يأبون الا أن آتي لزيارتك من حين لآخر
قالها ثم رفع رأسه مبتسما لصديقه القديم الذي سحب مقعدا ليجلس قبالته .. سأله بالرين : فيم كنت شاردا يا أرنوك ؟؟
- في ذكرياتي يا رين ..
- لقد نسيت الذكريات من زمن يا روك .. نسيتها كلها فلا أذكر منها سواك ..
- إذ لم يبق منها سواي .. قالها و هو يشرب من تلك الكأس التي ناولتها اياه امرأة تعمل في الحانة

أشار اليها بالرين لترحل ، نظرت اليه و هي تستدير و كأنها تسأله شيئا فابتسم لها و قد أومأ .. ثم قال : فلتنس يا روك .. انس يا صديقي .. لقد انتهى ما كنا عليه و ها نحن ذا .. أحدنا صاحب خانه .. و الآخر قناص يقضي ايامه في الغابة هائما .. ليعود بين الفينة و الأخرى ببعض لحم الغزال ، أو فراء لثعلب فيبيعه بثمن بخس .. يحصد كرونكات قليلة تكفي بالكاد مئونته ..
- اراني انسى في الترحال ما كان ..
- دعك من هذا فما جئت هنا لتتذكر .. ألم تشتق لطعام غاريتا ؟؟
- و من لا يشتاق اليه .. اكاد أحيانا أراهن أنها أمهر من طباخ الملك
ضحكا معا ، ثم سأل بالرين : أولم تشتق لغير الطعام .. أولم تشتق لصاحبته ؟؟

سكت أرنوك و قد أخذ يخط بأظافره علامات على خشب المائدة القديم ، - إنها لا تزال تحبك يا روك .. أنها تعد الأيام ، فإذا انقضى الشهر و لم تأت تقلق و تضطرب و لا تزال تسألني ان كنت سمعت من أخبارك شيئا ، أنا لا أعرف حقا ما الذي حدث لك .. لقد كنت تبادلها نفس المشاعر ، أخبرتني بهذا بنفسك
قطع أرنوك كلامه قائلا : كفي يا رين .. كفى .. و إن كنت أحبها ، ما يجدي الآن ، هل سأصطحبها معي إلى الغابات كفرسي ؟؟! أم هل أتركها هنا و هي زوجتي فلا أعود اليها الا بين شهر و آخر .. أم هل اظل هنا معها و نموت جوعا .. أتحسبني اسعد عندما أتغافلها أو أشيح بعيني عنها كيلا أرى في عينيها نظرة اللوم و الحب ؟؟ و لكن ما يجدي الحب إن كنت لا أستطيع أن أمنحها ما حلمت به دوما
- لكنها تعرف ما جرى يا روك و لا تنتظر أكثر من حبك
- و لكن انا لا أرضى لها مجرد حبي ، لا أريد أن يعني حبي جوعها أو عنائها ؛ فحبها يعني لي الكثير ، لا تحسبني حجرا ، و لكني يا صديقي أدرك أنك ترعاها كما لو كنت أنا هنا بل و ربما أكثر ، ولولا وجودها عندك ، ما غفل لي جفن .. ففي هذا مصلحتها
-أقسم لك ان لو كانت لي أختا ، لما رعيتها أكثر من ذلك
- لست أخبرك هذا لتقسم لي يا رين ، فأنا اثق فيك أكثر من نفسي .. و لكن يشق علي أن أراها حزينه و لكن هذا الأفضل لها حتى تتغير الأمور
-و متى تتغير يا صديقي ؟؟ لا أحد يعلم
-فلنأمل يا رين .. هل لنا الا الأمل
- حسنا .. فلتبق لها على بعض أملها إذن ..
- ماذا تقصد ؟؟
قطع كلامهما مجيء غاريتا تحمل الطعام ، بعد أن أخبرتها السيدة التي جاءت بالشراب أن أرنوك بالخارج ، وضعته على المائدة و قد اخذت تنظر بطرف عينها الى أرنوك تتأمل ملامحه التي تحفظها عن ظهر قلب و هي تسأله عن حاله ، و استمرت تلحظه و هو يأكل في صمت ثم جمعت بقايا الطعام و نهضت لتعيدها للداخل .. حينها علا صوت في الحانة من جهة المشرب لهذا الذي أفرط في شرابه قائلا : ماذا أرى .. هل نزل القمر ليحتفل معنا الليلة أم ماذا .. اين كنت تخبئها عني يا بال .. أيكون لديك هذا الجوهرة و تمنعها عني
، أقبل مترنحا جهة المائدة و هو يشير لغاريتا .. مد يده ليضايقها و قبل أن تلمسه يدها كانت يد ارنوك تمسك برأسه الى الخلف و يده الأخرى ممسكة بالسكين و قد لامس نصلها رقبته و أرنوك يهمس في أذنه : فكر أن تضايقها و ساجعل لحمك يباع أرخص من لحم الكلاب
قال الرجل و قد آلمه النصل الذي انغرس طرفه برقبته فسال شريط رقيق من الدم : هون عليك يا رجل ، لم اكن أعلم أنها تخصك .. هون عليك
- نعم تخصني و لتعلم أنك لو سولت لك نفسك بشيء ، فلن أتركك إلا و سكيني تزين قلبك قالها أرنوك ثم اطلقه من يده دافعا اياه جهة المشرب : فلتلهو بكأسك هناك
أشار بالرين للعازف أن يستمر في عزفه ليصرف الناس عما حدث ثم التفت الى أرنوك يهدئه .. ثم نظر جهة الحانة قائلا : عليه اللعنة ذلك الزنديق ، لأنه جاسوس للقصر يظن أنه بوسعه أن يدوس الناس
- ولا الملك ذات نفسه يجرؤ أن يمسها وفي قطرة دماء تجري بعروقي يا بالرين .. قالها و هو يعيد سكينه الى غمدها ثم التقت عيناه بعيني غاريتا و قد امتلأت فرحا حين سمعت قوله ، خفض عينيه يخفيهما
- شكرا يا أرنوك قالت فرحة
قال ولا يزال مطرقا : لا بأس يا غاريتا .. لا بأس
مدت يدها تحمل الطعام و هي تمضي غاضبة من اعراضه و لكنه سرعان ما مد يده فأمسك بالاناء يعيده للمائدة ، و رفع راسه قائلا :
- هل ترقصين معي ؟؟

20.3.08

الشجرة الملعونة

الكل يعرف هذه الشجرة .. شجرة تحتل المنتصف من حقل شاسع واسع عريض، ممتلئ بزهر تباع الشمس، لكنه مع الوقت لم يعد سوي تباع الشجرة ..
نعم جذع هي و فروع و أغصان و ورق .. لكنها ليست كأي شجرة .. الشجر الذي يعرفه الناس لا يشتعل و يظل كما هو .. الشجر الذ يعرفه الناس لا يظل مشتعلاً ليلَ نهار صيفَ شتاء كل لحظة و ساعة و كل يوم منذ أجيال بادت و لأجيال قادمة تبيد في مسقبل الزمان ..
الكل يعرف هذه الشجرة، و يعرف أن الاقتراب منها محرم ..
محرم لأنها ملعونة .. لعنها الأقدمون فاشتعلت .. و لعنها المحدثون فظلت علي اشتعالها ..
لكن الفضول قبلاً قتل الهر، و بعدًا قتل مئات الأنوف التي لا تحب إلا أن تدس نفسها فيما لا ينبغي السؤال عنه ..
لكن اللعنة أيضًا قد حان لها أن تزول .. و حان للشجر أن تستريح .. حان لها أن تستريح من ذنب حملت وزره دون ذنب جنته سوي أن المذنبين اختاروها لتكون حيث يكون ذنبهم .. آن لها أن تستريح من شبح نفس تعذبت طويلاً .. طويلاً و هي شبح، و طويلاً وقت كانت جسدًا من طين ..
كان شابًا يافعًا واعدًا ذكيًا و لماحًا، لكنه كان فقيرًا .. لم يشفع له ذكاؤه و لا سرعة بديهته و لا أي شيء كي يلحق بالصفوة، أو هكذا يسمون أنفسهم .. سع طويلاً كي يلحق بالطبقة الأعلي، لكنهم نظروا دومًا لفقره و كأنه عار، و كأنهم نسوا كيف كانوا يومًا من الأيام ..
حتي كان يوم ضاق ذرعًا بكل هذا الهراء .. صفوة أو حثالة الأرض .. الكل بشر و الكل فان و الكل إلي التراب و الدود .. و الكل سيموت الليلة ..
أزمع أمره و أحكم فكره أن يفنيهم عن آخرهم .. و بخطة لم يكن لغيره أن يفكر فيها هجم و أحرق و أفني، لكنه وقع في أيدي أعدائه فكان العذاب ألوانا ..
بخطة لم يكن لغيره أن يضعها أحاط قصر كبيرهم و حيث يجتمعون كل ليلة بمئات البراميل من الوقود .. و بعود حطب مشتعل ألقاه بغضب أشعل النار في كل البراميل لتتجاوب مع براميل أُخر وزعها داخل القصر و براميل أخري كان يفرغها بنفسه في غل و غضب غير مبال بالنار التي تأكل كل ما حوله و وسط صراخ "الصفوة" .. بخطة كهذه أفني و أحرق و أحال قصورهم رمادًا .. لكنه في النهاية وقع في يد من لا تحمل قلوبهم أي رحمة ..
و عند الشجرة كان الحفل الدامي .. الحفل الذي طارت فيه أشلاء شاب لم يرتكب جرمًا سوي أنه جاء إلي الدنيا فقيرًا .. و سرعان ما ختموا الحفل بالحرق جزاء بما فعل .. أحرقوه هو و الشجرة وسط لعنات سحرتهم أن يظل مشتعلاً إلي الأبد ..
نجا هو من اللعنة إذ أخذته رحمة ربه إلي السماء مطلقة عقاله من هذا العذاب الذي لا يوصف و ظلت اللعنة في الشجرة .. مشتعلة منذ أن أشعلوا فيها النار و حتي جاء مخلصها ..
شاب آخر كأنما هو نسخة من الأول .. شاب آخر من مئات أكلهم الفضول لمعرفة سر هذه الشجرة المحترقة أبدًا .. شاب آخر اخترق حقول تباع الشمس الذي خرج إلي الوجود ذات صباح و كأنما نبت من العدم، لكن الحق هو أن شبح الشاب الأول ظل رعاه في عالم الخفاء حتي ظهر إلي الوجود فأعلنه مرة واحدة .. شاب آخر اخترق الحقل و وصل إلي الشجرة، لكنه ليس كأي شاب آخر، فهو وحده من بيده خلاص هذه الشجرة ..
تقدم في بطء و وجل .. تقدم من النار التي لم تنطفيء منذ أجيال .. و بفضول بشري بحت.. اخترقها ..
اندفع إلي نار و قفز فيها و في لحظة اختفي و اختفت النار و اختفت الشجرة .. و لم يبق إلا تساؤل سيظل علي مر الأجيال كما ظلت النار من قبل عن هذا اللوح الذي يتوسط حقل تباع الشمس و الذي فشل أي شخص في أن يزيل منه ورق واحدة، و قد كتب عليه:
" هنا الفقير الذي أذل الأغنياء فأذلوه، لكنه مات و قد أذل الجميع .."
سيظل لنعرف أن الدنا ما زالت قادرة علي إدهاشنا طالما نحن ما زلنا نظن أننا قد اكتفينا من الدهشة ..

حوار جد مع حفيدته 2050

الحفيدة : جدو تامر إزيك .. حلو البدي اللي انت لابسه ده . بس ده موضة قديمة قوي يا جدو
الجد : يا بنتي أنا راجل دقة قديمة وبالبس زي ما جيلنا اتعود وحسب التقاليد القديمة بتاعتنا
الحفيدة : أيوه بس مش حاسس إنك مخنوق وانت لابسه؟
الجد : أبداً ده هو ده اللبس المحتشم اللي مفروض الكل يلبسه ويحافظ عليه .. فين أيام زمااااااان لما كنا نلبس البدي اللي مبين البطن والظهربس، مع البنطلون السترتش الجلد والجوانتي الجلد... كانت حاجة آخر روشنة
الحفيدة : ياه يا جدو .. ده انتوا كان ليكم تقاليد غريبة خالص
الجد : وهو انتي فاكرة إن أيامكم دي أيام؟ يا بنتي أيامكو دي ما يعلم بيها إلا ربنا .. فين أيام سنة 2002م ، هو الواحد فينا كان يستجري يشرب سيجارة البانجو ولا يسحب له سطر بودرة قدام أبوه؟ طب ده الدنيا كانت تتقلب ساعتها وما تتعدلش .. أمال إيه .. كان فيه حاجة اسمها أخلاق
الحفيدة : معقول يا جدو؟ للدرجة دي؟؟
الجد : أمال انتي فاكرة إيه .. وبعدين كانت الست من دول ما تلبسش اللبس الخليع بتاع اليومين دول .. يعني الجيبة كان لا يقل طولها عن شبر ونص .. وكانوا الستات يلبسوا فوقيها بلوزة باستمرار ..مش زي دلوقتي
الحفيدة : يا خبر .. وإيه كمان ياجدو
الجد: ح أقول لك إيه ولا إيه .. يعني خدي عندك مثلاً .. زمان كنا نسمع الطرب الأصيل لمطربين حقيقيين زي مصطفى قمر ، وعمرو دياب ، وكانت الأغنية مدتها أكثر من دقيقتين متواصلين من الطرب الأصيل والسريعة الروشة اللي تعمر النافوخ بصحيح كانوا مطربين روشين طحن وكله كوم والست كوم تاني
الحفيدة: ومين الست دي يا جدو؟؟؟
الجد: في حد مايعرفش الست...نانسي عجرم طبعا
الحفيدة : وبعدين
الجد : وبعدين كنا نسمع على حاجة اسمها اسطوانات ليزر ، ودي صحيح انقرضت ، بس كان ليها طعم عن دلوقتي ، يا سلام لما كنا نحطها في الووكمان ونعلقه في حزام البنطلون ونمشي في الشارع كده ،، كانت أيام جميلة
الحفيدة : حكاويك ممتعة قوي يا جدو .. ثانية واحدة بس لما أصحي سوسو صاحبي لأنه بايت معايا في الأودة من امبارح .. )بعد عدة دقائق) هيه يا جدو .. وبعدين
الجد : أحلى أيام بقى كانت أيام الدراسة ، الفصل كان على أيامنا رايق وعدد التلاميذ فيه ما يزيدش عن ستين سبعين تلميذ ، وكنا ساعتها بنعرف نفهم الدرس كويس مش زي دلوقتي ، وكانت الشوارع أيامها فاضية لأن مصر كلها كان تعدادها 70 مليون مش أكثر ، تخيلي بقى الروقان اللي كنا فيه؟
الحفيدة : 70 مليون بس؟
الجد : أمال إيه .. علشان كده كانت كل حاجة رخيصة ، يعني مثلاً كيلو اللحمة يوم ما يضربه الدم كان يبقى بخمسة وعشرين جنيه أو بخمسة وتلاتين جنيه ، وكان أتخن جوز جزمة بمتين وخمسين جنيه ، وكان الواحد يقدر يشتري شقة تمليك بـ 350 الف جنيه بس .. وكان الدولار بستة جنيه بس تخيلي بقى؟
الحفيدة : ما هو علشان كده كان الجواز على أيامكم كان سهل خالص
الجد : أمال .. ده احنا الواحد مننا كان بمجرد ما يوصل سن 35 سنة يبتدي يفكر في الجواز على طول ، وما كانش عندنا الأفكار الغريبة اللي بتعملوها دلوقتي زي إن البنت تعد مع الولد كام سنه قبل الجواز علشان يتعرفوا على بعض أكثر زيك انتي وسوسو صاحبك ، أنا شخصياً شايف إن ده وضع مش لطيف ، ده احنا يا بنتي على أيامنا كان لا يمكن البنت تتأخر بره البيت عن الساعة أربعة صباحاً ، طب ده باباها كان ممكن ساعتها يخاصمها
الحفيدة : ده انتوا كنتوا متزمتين خالص ياجدو!!
الجد : يا بنتي إحنا اتربينا على الأخلاق والفضيلة والعادات والتقاليد .. يعني كان الواحد مننا زمان لما يدخل الأسانسير ويلاقي جاره في الأسانسير ممكن يفكر يصبح عليه ، ومش بعيد كان يسأله عن أحواله ... وكانوا أهل الفن محتشمين جداً وكانوا دايماً يطلعوا بالمايوهات البيكيني ، والمذيعات كانوا يقعدوا جنب الضيف مش على ركبته زي دلوقتي... هيـ يـ يـ يـ ـه الله يرحم دي أيام
الحفيدة : رايح فين يا جدو
الجد : أصلي كنت موصي الجزار على اتنين كيلو لحمة وأعطيته ثلاثة آلاف جنيه عربون وعايز أروح أطمن إذا كانت اللحمة وصلت ولا لأ؟؟؟؟

15.3.08

في ا لهـــوى


تدللت فقست عن غير عمد ِ
و أسرت العينــان بحفظِ عهدي

فلــــي الله من قسوةٍ زادتني
أمثالَ عشــق على ما كان عندي

و لـــــي الله من عينيْ ريم ٍ
حلو ٍ ذويْ لحـظٍ يُحيي و يُردِي

و لـــي الله و قد أخفى الفؤادُ
من هواها ضعفَ الــــذي يبدي

أفي الحب إبــاءٌ حتى تلوموا
دمعًا لشـوق ٍ جرى علـى خدّي

أوليس الفجرُ يبكي الندى علنا
إذا التقى بعد الشـــــــوق ِ بورد ِ

نعم أسيرُ هواها ، ولا أخجلُ
من قولتي : ربي، أبق ِ لي قيدي

14.3.08

الدائخ تحت الميكروسكوب


طلب منى بعض الزملاء بعض تدوينة" أصناف وأنواع" أن أقوم بتحليل شخصيات المدونة...... ولأن وقتها الوقت لم يكن مناسبا.... فقد أرجأت هذا الى حين..... وللعلم فقد استأذنت من الشخصيات التى سأقوم بوضعها تحت الميكروسكوب ودراستها..... ولقد بدأت بالدائخ بعد قرعة قمت بأجرائها.... وللعلم ما سأ قوله ليس بالضرورة هى شخصية أخونا الدائخ .... ولكننى سأحاول من خلال ما درسته أن أبرزها لكم وأتحسس الكامى جيدا خشية الذلل أو الخطأو... استعنّا على الشقا بالله.

عندما تنظر اى شخصية مثل الدائخ تجد أنك من الصعب جدا بل من المستحيل أن تضعه تحت أى تصنيف من الشخصيات التى صنّفناها........ هو شخص ليس اجتماعىّ بالدرجة الكافية التى تجعلك تقترب منه وتصادقه..... ولكن ما ان صادقته ستكتشف بداخله كنوز لا حصر لها..... وفىّ جدا فى صداقته ..... متفوق فى دراسته....... ما أن تدخل من باب المدرج حتى تعرفه من أول نظرة ..... فلو انت دخلت من باب مرج 3 أو4 ... حتلاقى واحد واقف أقصى اليمين وماسك فى ايده نوتة صغيرة وقلم رصاص سنون وبيكتب الملاحظات امهمة فى المحاضرة...... اما لو انت قاعد فى مدرج 1 - على طريقة كابتن لطيف الله يرحمه- حتلاقيه قاعد فى البنش قبل الأخير وقاعد جنبه حبيبة والمهيس الأكبر وفى ايدة نفس النوتة الصغيرة ونفس اقلم الرصاص....... الدائخ شخصية متذبذبة بطريقة كبيرة- زيّى تمام-فلو انت قاعد بتتكلم معاه صعب أوى هو اية اتجهاته بالضبط.... الشخصية التى عرفتها فى اعدادى عنه غير التى معنا الان......... أنا أعرف أنه فى ثانوى كان حاجةتانية خالص......الدائخ معلوماته فى الكورة زى معلومات الانسان المصرى عن اديمقراطية.... فهو ما يعرفش عنها غير ان هى مدورة..... طيب القلب أوى........ ضحكته مميزة جدا تسمعها و انت معدّى من جنبه على بعد 500 متر......شخصية غامضة أوى لدرجة ان أنا تعبت عقبال ما عرفت أكتب عنه حاجة...... فيه عادة غريبة أوى وهو وانت بتتكلم معاه بيقعد يتفرس فى وشك بصورة مبالغ فيها كأنك قاعد قدّام وكيل نيابة......أسلوبه جميل ومميز لدرجة أن أنا لمّا بخش المدونة وأقرا حاجة ايه باعرف على طول انها بتاعته من غير ما أقرا اسمه......لسانه نضيف .... ممكن يصدمك بكلامه .... ممكن تقول ان كلامه دبش حبتين..... بس فى النهاية العيبة ما تطلعش من بقه........ما جربتش قبل كدة أخرج معاه.... مش عارف الخروجة معاه شكلها اية...... ممكن اخواننا المهيسين اباقيين يقولولنا..... بس فى النهاية هو شخصية جدعة ..... أنا خلصت ..... أنا حاوت أرسم خطوط أساسية لشخصيته والله المستعان.

13.3.08

الذهب الأحمر - تابع الفصل الأول

استلقي الملك في إرهاق واضح، بعد أن أغلق ذلك الكتاب الضخم الذي ظل يقرأ فيه لما يزيد عن ساعة .. كان كتابًا ورثه عن والده يحوي خلاصة تجربته .. عادة ما يلجأ إليه في المواقف الصعبة .. عندما يحتاج إلي معين يثق فيه، فهو يلجأ لهذا الكتاب ..
هل هي شاقة حياة الملك ؟ .. بالطبع شاقة .. تمني كيرًا لو أنه أصبح فقط واحدًا من النبلاء .. نبيل لا هم له سوي رحلات الصيد و جمع الجواري و العبيد من الأسواق .. لكن حياة الملك !
يا لها من حياة .. الهوبوز في الأخدود الأعظم شرقًا هددون مملكته باستمرار بهمجيتهم المتوحشة .. و ملك إقليم البلخاي يهدده و يهدد المنطقة كلها، فهو ببساطة الأقوي و الأكثر نفوذًا، و يحق له أن يفعل ما يريد .. الغوغاء الذين يملأون الدنيا شغبًا في مملكته، و مجلس مشورة لا يشعر نحوه بالارتياح رغم ولائه و تنفيذهم الحرفي لأوامره ..
أي حياة هذه ؟ .. ظن في بداية ملكه أن الأمر لن يعدو جلوس علي العرش و جباية أموال و قليل من المجد في معركة أو اثنتين .. لكنه اكتشف أنه في طاحونة .. طاحونة اسمها القصر الملكي و مملكة النازوم .. مملكته التي أتعبته و أرهقته، لكنه لا ينكر أنها متعته بالكثير ..
زفر زفرة حادة، و انتبه لخطوات القادم بغير استئذان، يقول:
- صباح معطر بالورد و الياسمين .. علام الضجر يا أبي ؟
- حسنًا فعلت أن أسرعت بالمجيء ..
- رهن إشارتك يا مولاي ..
- اجلس ..
جلس را-هيمين بينما وقف والده و أخذ يذرع الحجرة جيئة و ذهابًا، فالتزم الصمت حتي يبدأه بالكلام، و لم تمض لحظات حتي قال:
- تعرف يا را أن الهوبوز لم يرحمونا طوال فترة الماضية .. هجمات متصلة متوحشة أضعفت الإقليم الشرقي من البلاد .. و هذا يستلزم بالطبع إعداد المزيد من الجنود لإرسالهم إلي هناك ليصدوا تلك الهجمات المتصلة .. لا أعرف بأي معدل يتكاثر هؤلاء القوم ؟
- و .. ؟
- و باختصار أريد أن أرفع قيمة ضريبة المسكن الدائم .. إنها تدر دخلاً معقولاً و لا بأس بزيادته لنواجه نقص الأموال في الخزينة و لنستطيع تجهز القوات التي ستذهب إلي هناك .. ما رأيك ؟
- في النهاية ليس رأيي وحده الذي يجب أن تأخذ به جلالتك .. يجب أن تعرض الأمر علي مجلس المشورة الملكية .. لكن إذا أردت رأيي بشكل شخصي فلست أري زيادة الضريبة أمرًا مجديًا ..
- كيف يا را ؟ .. إننا نواجه نقصًا حادًا في الأموال المخصصة للجيش و ضريبة المسكن الدائم توفر موردًا ممتازًا قابلاً للزيادة ..
- اسمح لي جلالتك أن أقول إن هناك بنود يُنفق عليها بصورة مبالغ فيها .. ينبغي أولاً أن نقتصد في المصروفات، ثم نفكر في الموارد ..
فرك الملك يمناه بيسراه ثم توجه إلي النافذة ينظر متأملاً معملاً فكره فيما قاله را-هيمين، ثم نظر لابنه و قال:
- نعم .. هذا أفضل .. و بعد ذلك نفكر أو لا نفكر في زيادة أي من الضرائب ..
عاد إلي موقعه الأول قريبًا من ابنه ثم قال:
- لا تنس استدعاء المستشار الملكي لشئون المال حتي نري ماذا يمكن خفضه ..
أخذ نفسًا قصيرًا كأنما يستعد لجولة جديدة من الحديث م تابع:
- دعك من هذا و لنتكلم فيما رغبت حقًا أن أتحدث فيه معك ..
صمت لحظة ثم تابع:
- تعرف الماك تارام ملك إقليم الشمال .. فكرت أن نعقد معه معاهدة لحماية حدودنا الشرقية المشتركة من هجمات الهوبوز .. الأخبار التي وصلتني تقول إنه مثلنا بل و أكثر بسبب الهوبوز .. لذا فإن اتفاقية تعاون بيننا ستقوينا و لن تضعف أحدًا .. فكرت أيضًا أن تكون أنت سفيري إليه ..
- فكرة جيدة .. لكن ما هو ما سنعرض و ماذا سنطلب منه بالضبط ؟
- دمج فيليقين من كلا الجيشين بتمويل مشترك .. و إذا اُعتدي علي إحدي الدولتين فإن الأخري ملزمة بالدفاع عنها..
- ألا تري أننا بذلك قد نتورط في حرب قد نخسر فيها الكثير ؟ .. من الأفضل - طالما أنه يُهاجم بصورة أعنف منا - ألا نضع هذا العرض، و إلا دمرنا نصف جشنا في الدفاع عن مملكته تاركين أرضنا عارية ..
- لكن لا بد من عرض مغر يقنعه بالتعاون ..
- فلنجعله عرضًا تجاريًا .. هذا أدعي لاستمالة عقله ..
زم الملك شفتيه مفكرًا، ثم قال:
- و استدع أيضًا المستشار الملكي لشئون التجارة .. نريد أن نري ماذا يمكننا أن نقدم و أن نقايض ..
قام عن مجلسه فقام الأمير أيضًا، إذ استشعر انتهاء المقابلة من طريقة القيام، و سارا سويًا و الملك يقول:
- علي كل استعد للرحلة .. حاول أن تبذل قصاري جهدك كي وافق، فنن بحاجة شديدة لهذا المدد ..
- لا خف يا والدي .. ليست أول مرة ترسلني سفيرًا .. أتيت لك بنيريانزو المرة السابقة ..
ابتسم الملك بزاوية فمه ثم قال:
- حسنًا .. لا تنس ما اتفقنا عليه ..
و تركه مفكرًا فيما سيفعل ف هذه المهمة الجديدة و هو لا يدري أن القدر يخبيء له الكثير ..

قمر

جلس في هدوء يحاول التركيز، لكنه لم يستطع .. ذهنه مشغول بالآف الأشياء التي لا يمكن أن يتجاهل أيًا منها ..
زوجه، و ولداه و عمتاه و هؤلاء الديانة الذين يطاردونه منذ أشهر .. كيف له أن يواجه كل هذا وحده ؟
قام ضَجِرًا شاعرًا بالعجز .. قام ليفعل الشيء الوحيد الذي يشعره بالراحة ..
أخذه قاربه الذي اشتكي من كثرة الإصلاح، و الذي ظل معه منذ أن استقل عن أبيه منذ عشرين عامًا .. أخذه إلي اللامحدود .. إلي البحر الواسع الممتد إلي ما بعد ما تصل إليه عين الناظر المتفحص ..
دفع قاربه بضربة مجداف ثم تركه يتهادي كيفما شاء ..
أخذ يفكر فيما وصل إليه حاله .. تسع سنوات مرت علي زواجه .. طيبة زوجه تلك .. لا تعرف من هم الدنيا سوي المأكل الذي ينقصه بعض الملح، و المشرب الذي تغير طعمه، و الملبس الذي بحاجة لبعض الرقع .. لا تشغل بالها بهم الديّانة الذين قصموا ظهره .. لا تشعر بتعب العمل الذي يقض مضجعه ..
تسع سنوات أثمرت عن فمين جائعين أبدًا .. لا يدري ألم يكن طفلاً من قبل، أم هو لا يعرف الأطفال، أم ماذا بالضبط ؟
حاول أن طرد عن نفسه الهموم .. لم يأت هنا للاستغمام بل للاستجمام .. لقليل من الهدوء .. لكن نهرب من الهموم و هي تطاردنا ..
نظر للأعلي .. للقمر .. هو هنا منذ الأزل ينظر إلي البشر و أفعالم .. تري حقًا ماذا رأي من أحداث ؟ .. حتمًا شهد حروبًا و نزاعات و فترات سكينة و سلام .. حتمًا رأي معاناة بشر و راحتهم .. حتمًا رأي نعيمًا و جحمًا .. راحة و تعبًا ..
تري لو يتكلم ماذا عساه قول ؟ .. أيقول إنه سئم دورانه الأزلي حول الأرض ؟ .. أيقول إنه مل البشر الذين ينير ظلمات لياليهم ؟ .. أيحكي ما رأي من لقاءا عشاق، و مؤامرات و دسائس خونة في ليالٍ كان فيها بدرًا؟ .. أتراه يمتلئ حسرة أنه يكون محاقًا مرة كل شهر فلا يشهد الأرض و ما عليها، أم تراه لا يهتم أمحاقًا يكون أم بدرًا، فهو شهد كل لحظة بليل أو نهار ؟
نظر إليه حاسدًا إياه أنه يشاهد و يتابع و ري ما علي الأرض، و لا يعاني منه شيئًا .. نظر إليه و تساءل لم عساه يظل يعاني كل هذا ؟ .. لم هو لزام عليه أن يستمع كل يوم لإلحاح الدانة .. لم هو لزام عليه أن يستمع كل يوم لشكوي زوجه من كل شيء و أي شيء .. لم هو لزام عليه أن يعود بعد يوم شاق غير ظافر سوي بما حفظ رمقه و كاد من قلته يسده .. لم هو لزام عليه أن يحتمل كل هذا ؟
نظر للقمر .. نظر لقاربه المتهادي بلا هدف .. أخذ نفسًا عميقًا و أسلم نفسه للنوم تاركًا قاربه للموج يقذفه أني شاء ..
و كيفما شاء ..

العنيدة

يا عم حبيبة عايز تشوف الغزل ؟ طيب قولي إيه رأيك في القصيدة دي كتبتها أول السنة (على وزن الرمل )
العنيدة
تــصنعت التمنع و الإباءُ
وزاد الوجـد وانعدم الرجاء ُ

وأسـلمني الزمان إلى حبيب
كثير الهجر شيــمته الدهاء ُ

فتلك حياتي تتركني و تهرب
وهذا قلبـــي يقتله الجفاءُ

و تلك عيوني بالدمع جادت
و تلك جفوني سهدها البكاءُ

وهذه أحلامي ذبلت وماتت
وذاك دعـائي تنكره السماءُ

وتلك آمالي في الصدر تخمد
وتلك آلامـي تذكيها النساءُ

فنهرب من مصـائرنا إليها
ومن يدري بما حكم القضاءُ

خطاب اعتذار وقح لأهل غزة

خطاب اعتذار وقح لأهل غزة

يا غـــزة ٌ قد صَـــيـــّروك دَمعــــــــــةً

على خـــــــــــــدود القاعسين تجري

ولســــــــنا نــــدري غيــر الإدانــــــــةِ

ولن نبــــــــالي لو كـــــنـــّــــــــا ندري

يا غـــــــــــزة لا تصــــــرخــــــي فإنني

قد بعت أذ ْني ورضــــيت أجري

يا غــــــــــرة لا تســـــأليــــني فأنــــــــــا

قد صـار صدري وطنًا لغدري


فذا زمني ، والغدر أصبح حكمةً

ذا زمني والعــــهر بــــــــــات عذري


ذا زمني وكـــل شيء ينــــقـــــــــــلبْ

فالفجــر خمــــــــسٌ والعصر جهري


ذا زمني و الجـــهل بـــــــــــــــات نورًا

ذا زمني والعــــلم بـــــــــــــات يزري


فلا تلوميــــــــني على غــــــدري ولا

تستنجديني في زمــــــــــــان ٍ نكـــْــر ِ


مَيـــــــــــْتٌ ، فلا تستنهضيني ، إنني

رميـــــــت قوســــي وحفرت قبري


نـــــــــذلٌ فلا تــستــــمرئيـــــــــــني إنني

رضـيـــت ذلي و رضـيــــت قهري


فلا تـــَـنظــــري الحــــــــــل مني : إنني

في الحرب لا أطيق إلا عـُــــــــذري


إمضاء حاكم عربي
عبدالرحمن كمال
نأسف لعدم كتابة مقال عوادم هذا الأسبوع لإنشغالي بعدد من الأشياء من بينها هذه القصيدة

11.3.08

منقول

أحمد عبدالمعطي حجازي.. يكتب
: شعر الإحياء.. نهاية أم بداية جديدة؟



١١/٣/٢٠٠٨

السؤال الذي يجب أن نطرحه الآن علي شعراء الإحياء هو: كيف نسمي علاقتهم بشعراء الأجيال التالية لهم؟

لقد تتلمذ شعراء الإحياء علي الشعراء القدماء، ونجحوا في وصل ما انقطع بين حاضر الشعر وماضيه، فهل نجحوا بالمثل في عقد الصلة بينهم وبين الشعراء الذين ظهروا بعدهم، بحيث يحق لنا أن نعتبر الإحيائيين آباء شرعيين للمجددين عامة وللرومانتيكيين بوجه خاص؟

والسؤال بصيغة أخري: هل كان شعر الإحياء حلقة وصل بين الأجداد المؤسسين والأحفاد المجددين، أم كان مجرد تقليد للشعر القديم مقطوع الصلة بشعر الأجيال الجديدة؟ لو أنه كان مجرد تقليد انتهي به عصر من الشعر وبدأ بعده عصر آخر لا تربطه بالأول رابطة لكان مجرد ظاهرة هامشية يمكن أن نسقطها من تراث الشعر وننساها، أما إذا كان مقدمة ضرورية لما جاء بعده، فهو في هذه الحالة طور حي من أطوار الشعر العربي لا نستطيع أن نقرأه بمعزل عن غيره، ولا نستطيع أن نقرأ غيره بمعزل عنه.

ومن النقاد من ينفي وجود أي علاقة بين شعراء الإحياء والشعراء الذين ظهروا بعدهم، لأن الإحيائيين في نظر هؤلاء النقاد كانوا مقلدين يولون وجوههم شطر الماضي، ويجتهدون في محاكاة الشعراء القدماء، علي حين كان شعراء الأجيال التالية مجددين يسيرون في الاتجاه المعاكس، ويتأثرون بشعر اللغات الأخري، فلم يكن بين الفريقين تواصل أو توافق، وإنما كان بينهما انقطاع وانفصال، والدليل علي ذلك ما كتبه شعراء «الديوان»، وبعض شعراء «أبوللو» في نقد حافظ وشوقي، باعتبارهما ممثلين للتيار المحافظ الذي خرج عليه المجددون.

***

لكن هذا الحكم لا يقوم علي أساس، فقد رأينا فيما سبق من حديث أن شعراء الإحياء لم يعودوا إلي الماضي ليقلدوا الشعر القديم، وإنما عادوا إليه ليقطعوا ما بينهم وبين شعر الانحطاط، ويستعيدوا صلتهم بينابيع الشعر الأولي ولغته الحية وتقاليده الحافلة بالمعاني والرموز، ويتمكنوا من هذه المصادر بالقدر الذي يتيح لهم أن يكتبوا علي مثال القصيدة القديمة قصيدة جديدة تستجيب لروح العصر وحاجاته، دون أن تنقطع عن التراث، فإذا كان شعراء الإحياء قد قلدوا الشعر القديم، في جانب من إنتاجهم فلهم شعر وافر يشهد لهم بالأصالة والاستقلال.

والشعراء والكتاب والفنانون جميعا يبدأون مقلدين مثلهم مثل الصناع والحرفيين الذين يتتلمذون علي أساتذة الصنعة أو نجوم الفن ويتمثلون خبراتهم ويتعلمون منها حتي يمتلكوا أدواتهم ويكشفوا عن أصواتهم فيستقل كل بنفسه وينفرد بمداره.

ولقد سبق العقاد إلي الاعتراف بهذه الحقيقة وهو يتحدث عن البارودي فيقول: «مكان البارودي في الطليعة من مرحلة الابتكار، ولكنه يقلد أحيانا كما كان يقلد النظامون في عهد الحملة الفرنسية، ويبتكر أحيانا كما يبتكر الشاعر الطليق بين المعاصرين».

***

إلا أن شعراء الإحياء وإن ظلوا أوفياء للتقاليد في معظم إنتاجهم فهم لم يكونوا تقليديين دائما، لأنهم كانوا ينتمون أولا للعصر الذي عاشوا فيه، وكانوا يتأثرون بأوضاعه ويستجيبون لمطالبه التي فرضت عليهم أن يعودوا للشعر القديم، ويحيوا تقاليده في شعرهم، لكنها كانت تفرض عليهم أيضا أن يستجيبوا للحاجات التي جدت في مجتمعهم، وأن يتصلوا بالثقافات الأجنبية ويقتبسوا منها ما يرونه نافعا متجاوبا متفقا مع أذواقهم العصرية وحاجاتهم الجديدة.

هكذا رأينا شوقي يكمل تعليمه في فرنسا، ويقرأ للكتاب والشعراء الفرنسيين؟ خاصة شعراء القرن التاسع عشر الرومانتيكيين أمثال لامرتين الذي ترجم له قصيدة «البحيرة»، وفيكتور هيجو الذي تأثر بشعره الملحمي فنظم قصيدته الطويلة «كبار الحوادث في وادي النيل» في نحو مائتين وخمسين بيتا تحدث فيها عن تاريخ مصر منذ طلع فجره في العصور الفرعونية إلي أن دخلها بونابرت في العصر الحديث.

وشوقي في هذه القصيدة متأثر بقصيدة «هيجو» la legende des liecles ـ أسطورة القرون ـ التي صور فيها تاريخ البشرية كما يتمثل في الصراع بين الخير والشر، وبين الروح والمادة، وبين الحرية والطغيان، وقد استفاد الشاعر الفرنسي في مطولته هذه من تاريخ اليونان ومصر، والديانات السماوية الثلاث، والحضارات القديمة والحديثة، وقدم فيها نموذجا من الخيال الرومانتيكي الذي يمزج بين الحاضر والماضي وبين الأسطورة والتاريخ.

كما تأثر شوقي بمسرح فيكتور هيجو الشعري ورواياته النثرية، فنظم «مجنون ليلي»، و«مصرع كليوباترة»، و«قمبيز» و«الست هدي» وسواها، وكتب أربع روايات منها «عذراء الهند»، و«لادياس» و«شيطان بنتاؤور».

***

ومن النقاد من يسيء الظن في ثقافة شوقي الفرنسية، ويقول كما قال طه حسين «إن شوقي كان يتأثر بالقدماء الفرنسيين ولا يتأثر بالمجددين، وكان يذكر لافونتين ولامرتين ولا يذكر بودلير وفرلين»، وأنا لا أعرف الطريقة التي امتحن بها عميد الأدب ثقافة شوقي فخرج بهذه النتيجة التي لا نستطيع أن نطمئن إليها، لأن إنتاج شوقي الغزير المبتكر يدلنا علي أنه كان مطلعا علي عيون شعر القرن التاسع عشر الفرنسي، وكان معجبا به مجتهدا في اقتباس أشكاله وموضوعاته.

وفي كتاب «أبي شوقي» الذي ألفه عنه ابنه حسين شوقي حديث عن ذكريات والده، وهو شاب في باريس، وعمن لقيهم، واتصل بهم من الشعراء والكتاب الفرنسيين أثناء إقامته في مدينة النور، ومنهم بول فرلين الذي تعرف عليه شوقي في مقهي «داركور» الذي كان يقوم في ميدان السوربون بالحي اللاتيني.

وليس في استطاعتنا أن نستنتج مما ذكره حسين شوقي أن علاقة فكرية أو شخصية نشأت بين الشاعر المصري والشاعر الفرنسي، فشوقي في ذلك الوقت الذي تعرف، فيه بفرلين ـ حوالي سنة ١٨٩٠ ـ شاب أجنبي في نحو الثانية والعشرين من عمره يطلب العلم في فرنسا، وفرلين نجم من نجومالحي اللاتيني في السادسة والأربعين من عمره يمر به طلاب السوربون فيرفعون قبعاتهم إجلالا له وهو يشرب نبيذه غافلا عنهم، لكن شهرة فرلين الشاعر العبقري البوهيمي كانت جديرة بأن تغري الشاعر المصري الشاب بقراءة أشعاره هو وغيره من الشعراء الفرنسيين الذين لمعوا في تلك المرحلة كبودلير ومالارميه، وليلكونت وسولي بردوم.

والذي يقال عن شوقي يقال عن خليل مطران، ويقال إلي حد ما عن حافظ إبراهيم الذي ترجم رواية فيكتور هيجو «البؤساء» إلي اللغة العربية، وحيا فيكتور هيجو في قصيدة تحدث فيها عن نضاله ضد طغيان نابليون الثالث، وخروجه منفيا من بلاده ورفضه أن يعود إلا إذا عادت الحرية، كما تحدث حافظ في شعره عن ألفريد دوموسيه، ونظم محاورة تمثيلية، ومطولة قصصية عن عمر بن الخطاب، وتمني في قصيدة من قصائده للشعر العربي أن يتحرر من موضوعاته القديمة وتقاليده الموروثة، ودعا فيها شعراء عصره إلي أن يشموا ريح الشمال ويتصلوا بالشعر الأوروبي.

هكذا نري أن شعراء الإحياء سبقوا إلي الاتصال بالشعراء الأوروبيين، خصوصا بالشعراء الرومانتيكيين، وسعوا للتعبير عن عواطفهم وتمثيل شخصياتهم، وجربوا الشعر القصصي والشعر المسرحي، وهم بهذا السبق، جديرون بأن يعتبروا آباء شرعيين للأجيال التي ظهرت بعدهم، وقادت حركات التجديد في الشعر العربي الحديث، فهل اعترفت هذه الأجيال بهذه القرابة الحميمة أم أنكرتها؟ أم وقفت أمامها مترددة تعترف بها مرة وتنكرها مرة أخري؟

***

ليست هناك إجابة واحدة عن هذا السؤال، فشعراء الإحياء ليسوا واحدا، والمجددون جماعات مختلفة وأشخاص مختلفون.

جماعة «الديوان» أعلنت الحرب علي شوقي، وجماعة «أبوللو» اختارته رئيسا لها، والبارودي في نظر العقاد رائد مبتكر، وشوقي في نظره مقلد، والمازني الذي لم يعترف لحافظ إبراهيم بأي فضل في حياته يتراجع عن كل ما قاله في نقده بعد وفاته، والفرق بعيد بين الآراء والمواقف التي تأثرت بالعلاقات العملية والتحيزات السياسية والمصالح الشخصية، والآراء والمواقف التي تحررت من هذه المؤثرات، وإذا كان من واجبنا أن نقرأ ما قاله المجددون عن علاقتهم بالإحيائيين، فمن واجبنا أيضا أن نقرأ ما لم يقولوه.

نحن نعرف مثلا أن شوقي ترجم قصيدة «البحيرة» لألفونس لامرتين شعرا إلي اللغة العربية، ونعرف بعد ذلك أن علي محمود طه قدم لهذه القصيدة ذاتها ترجمة شعرية ظهرت في ديوانه الأول «الملاح التائه»، وأن إبراهيم ناجي قدم لها ترجمة شعرية أخري ظهرت في ديوانه الأول «وراء الغمام».

وهناك موضوعات نظم فيها شوقي وحافظ قبل أن ينظم فيها ناجي وعلي طه، فهل نحتاج لاعتراف صريح لنفهم أن اللاحقين تأثروا بالسابقين؟

قصائد شوقي وحافظ في استقبال الطيارين العثمانيين الذين قاموا برحلاتهم الأولي إلي القاهرة فسقط بعضهم في الطريق، ونجح بعضهم في الوصول ـ هذه القصائد سبقت بنحو عشرين عاما قصيدة علي محمود طه «الأجنحة المحترقة» التي استقبل بها جثماني الطيارين المصريين حجاج ودوس اللذين سقطت بهما طائرتهما في فرنسا عام ١٩٣٣ وهما في طريق العودة إلي الوطن، كما سبقت قصيدة زميله ناجي التي قالها في هذه المناسبة ذاتها، وسماها أيضا «الأجنحة المحترقة».

لا أريد بالطبع أن أقول إن هذه الأجيال الجديدة كانت مجرد استمرار أو امتداد لشعراء الإحياء، فالحقيقة أن الاختلاف بعيد بين هؤلاء وهؤلاء، لغة الإحيائيين تعتمد علي التقرير، وتستدعي التراث، وتنطق باسم الجماعة، وتحتفل بالمناسبة الوطنية والاجتماعية، ولغة الأجيال الجديدة ـ شعراء أبوللو بالذات ـ لغة رومانتيكية تعتمد علي التصوير، وتنطق باسم الشاعر الفرد، وتحتفل بالمرأة والطبيعة.

غير أن هذا الاختلاف الذي وضحته ليس اختلافا بين أصلين متباعدين، وإنما هو اختلاف بين فرعين ينتميان لأصل واحد، ويعبر كل منهما عن مطلب مختلف، فهما إذن متصلان يؤدي أحدهما إلي الآخر، الذي يتمم الأول ويكمله.

معني هذا أن الانخراط في حركة الإحياء، لم يكن في معظم الأحوال تعبيراً عن ميل شخصي أو مزاج فردي، وإنما كان استجابة عميقة لحاجة ثقافية، وانفعالاً بظرف تاريخي، وكذلك يقال عن حركة التجديد، التي لم تكن اختياراً خالصاً، وإنما كانت استجابة لحاجة أخري وانفعالاً بمناخ جديد.

وقد عرفنا من قبل أن نسبة الشاعر للاتجاه الغالب في شعره، لا تعني أن شعره كله اتجاه أو مذهب واحد، وإنما يتسع شعر الشاعر لأكثر من اتجاه، لأن حاجات الإنسان كثيرة، ولأن اللغة خزانة حافلة بما ينصب فيها من إبداعات العصور والأجيال والمواهب. وإذا كانت السمات التقليدية في شعر شوقي هي الغالبة في قصائده، فالسمات الرومانتيكية هي الغالبة في مسرحياته، والطابع المحافظ واضح في مدائح حافظ، والتحرر واضح في الإخوانيات.

***

وكما اتسع شعر الإحيائيين لبعض العناصر الرومانتيكية، فشعر الرومانتيكيين لم يخل من سمات تقليدية فرضت نفسها عليه، لأن لها وظيفة تؤديها.

ونحن نعرف أن للغة وظيفتين مختلفتين: الأولي هي تحقيق الاتصال والتفاهم بين أفراد الجماعة الناطقة بها، وهي في أدائها لهذه الوظيفة تصف العالم المشترك، الذي تتحرك فيه الجماعة، وتسمي مفرداته وتشير إليها، وأما الوظيفة الأخري فهي التسلل إلي ما وراء هذا العالم المشترك، والإمساك بما فيه من رؤي وأحلام وأنغام، تمكن الشاعر من استخدام اللغة استخداماً حراً مبدعاً، ينقلها من عالم المنفعة إلي عالم الجمال.

هاتان الوظيفتان لابد أن تكونا متداخلتين مهما حاول أصحاب النزعة العملية أن يحصروا الشعر في مجال محدود، ومهما حاول الشعراء أن يبعدوا الشعر عن المطالب العملية والمناسبات الاجتماعية، يستطيع كل من الفريقين أن يفسح المجال للوظيفة التي يؤثرها، لكنه لا يستطيع أن يسقط الوظيفة الأخري، أو يتجاهلها مهما حاول. هكذا يفرض الشعر نفسه حتي علي نداءات الباعة، كما تفرض الهموم العملية نفسها علي الشعر.

وإذا كانت النزعة العملية هي المسيطرة علي الشعر القديم، ومن ثم علي شعر الإحيائيين، فالنزعة الجمالية هي المسيطرة في شعر المجددين الرومانتيكيين، الذين بدأوا في الربع الأول من القرن العشرين، شباناً متحمسين يبحثون لأنفسهم عن مكان إلي جانب شعراء الإحياء الذين كانوا يملأون الساحة ويلقون بظلهم علي الجميع، فمن المنطقي أن يكون الصراع عنيفاً في تلك المرحلة، وأن يتطرف الشبان المجددون، الذين كان عليهم أن يميزوا أنفسهم، ويتشددوا في الدفاع عن وجهات نظرهم،

ويتشككوا في قيمة ما يقدمه المعاصرون لهم من شعراء الإحياء، وهذا هو الدور الذي نهضت به جماعة «الديوان» التي تميزت بعنفها في نقد حافظ وشوقي، علي حين بدأ شعراء أبوللو نشاطهم في الوقت الذي رحل فيه شوقي وحافظ، فلم يستشعروا خطراً يدفعهم للتطرف أو التشدد، بل وجدوا من واجبهم أن يعترفوا للإحيائيين بالأبوة والسبق، وأكثر من هذا أن يعوضوا عن غياب الإحيائيين ويؤدوا الوظيفة الاجتماعية، التي كانوا يؤدونها إلي جانب وظيفتهم الأصلية، من هنا رأينا علي محمود طه يكتب في المناسبات الوطنية والعربية والإسلامية، التي ازدحم بها ديوانه «شرق وغرب»، ولم تخل منها بقية دواوينه، وكذلك فعل إبراهيم ناجي الذي كان ينظم المراثي والوطنيات ويشارك في حفلات تكريم الأدباء والسياسيين والفنانين.

***

نستطيع في النهاية أن نجيب بالإيجاب عن السؤال الذي طرحناه، فشعراء الإحياء الذين تلقوا عن القدماء أعطوا المعاصرين، وطوعوا لهم اللغة، وفتحوا أمامهم الطريق ومهدوة، وقد اعترف المجددون لهم بهذا الفضل، فالذين خاصموهم في حياتهم واشتدوا في نقدهم تراجعوا بعد رحيلهم واعتدلوا، والذين بدأوا معتدلين واصلوا اعترافهم بأبوة الإحيائيين وتحدثوا عنهم باحترام وتقدير، كما نري في رثاء العقاد لحافظ، ورثاء علي محمود طه لحافظ وشوقي، ورثاء ناجي لأمير الشعراء، يقول صاحب «الملاح التائه» في رثائه لشوقي:

هجر الأرضَ حين ملَّ مقامَهْ

وطوي العمر حيرةً وسآمةْ

هيكلٌ من حقيقةٍ وخيالٍ

ملك الحبُّ والجمالُ زمامهْ

ألهم الشعر أصغريه فرفَّا

في فم الدهر كوثرا ومُدامه

سلسبيلٌ من حكمةٍ وبيانٍ

فجّر الله منهما إلهامةْ

غمر الأرضَ رحمةً وسلاماً

وجلا الكون فتنة ووسامةْ

..............................

أيها المسرح الحزين عزاءً

قد فقدت الغداةَ أقوي دِعامة

ذهب الشاعر الذي كنت تستوحي

وتستلهم الخلود كلامهْ

واهبُ الفن قلبة وقواهُ

والمصافيه وده وهيامهْ

..............................

فأذكروا نهضة البيان بأرضٍ

اطلعت في سمائها أعلامهْ

إنها أمة تغار علي الفن

وترعي عهوده وذمامهْ

لم تزل مصر كعبةَ الشعر في الشرق

وفي كفها لواء الزعامه

إن يوماً يفوتها السبق فيه

لهو يومُ المعاد يوم القيامة!

فنجاني

سألتني العجوز الفاني .. أن تــقرأ لي فنجانـــــي
فــرققت لها حين رأيــتُ .. على وجهها ذكرُ الأزمان ِ
فاطالت نظرًا و ابتسمت .. ثم أطــــــــــــرقتِ العينان ِ
و رفعت رأسها في صمتٍ .. و همست لــــــــي الشفتان
قالتا : بنيّ أتريــــــــدُ .. صدقا أم فرحًا و أماني
قلتُ بل ِالصدقَ فقالت لي .. ستهوى امـــــرأة ًو أراني
لو أعطيتُ هواك أقـسِّمُه ُ.. على الناس ليكفيهم لكفاني
و رايت بسمًا و غــزَلا ً.. و رأيت وردًا ببســـــتان ِ
ثم تبـــِــعها يا ولدي .. ما ان ابصرتُ أبكاني
رأيت دمعاتِك تنسابُ .. و أنـــــينك ألمًا ناداني
و قلبك قد خط ّبدمِهِ .. آهٍ من عشق ٍأدماني
أسفى على من كنتُ كسَيت ُ.. حبي ، و الجـــُــــرحَ كساني
أسفى على حبيب ابقيتُ .. بالقلبِ فأهلكني ما أبقاني
آه مِمّـن كنت حسبتُ .. يداويني فألفيتُ كواني
آه يا بني أبصـَـــــرتكَ .. أسيرًا بعشق ِ السجــان ِ
و علمتك تحسبها ورودا .. سياطا ً نُسِجت من أحزان ِ
أخذت يا ملاكي ترسِلها .. على قلبك أيــــدٍ للشيطان ِ
أنا قد حذرتك يا ولدي .. فلتــــذكر ذا و لتنساني
فقلت وما يجدي و أنا .. أهواها بروحي و كياني
ما يجدي النصحُ و قد سكنت .. من قبل ِأراهـــــــــــــا بوجداني
سأهواها و ان ِالحبّ قتلني .. فكوني شهيــــــــــــــدَها كفاني

بقلم/ أحمد حبيبه
*تم استبدال التنوين بكسر في ختام بعض الأبيات ك (بستان) كما تم كتابة (فرحا و أماني ) و الصحيح (فرحا و أمان ٍ)

10.3.08

عوادم 12

حكايات من حي فلكلوري (4)

رحلة ممتعة

حكيت لكم في الحكاية الأولى يوم عاقبني أبي ظلما ظنا منه أني لعبت في الشارع مع أصدقاء السوء وانه سأل الشيخ فتحي لاحقا فعرف أني كنت نائما في المسجد ، أحس أبي بالذنب ولأنه يعرف كيف أني لم أذهب أبدا للأرياف فقد قرر ان يأخذني معه في رحلته الأسبوعية إلى هناك والتي تحولت إلى شهرية بعد موت جدتي ، لم أعرف إن كان هذا تكفيرا منه عن معاقبتي أم إمعانا في العقاب ، بصراحة ظننته في بادئ الأمر ينكل بي حتى عرفت انه عرف الحقيقة ،

المهم لم استطع ان أنام هذه اليلة فقد كانت المرة الأولى التي سأخرج فيها من الأسكندرية ،انا لم اتجاوز من العمر الست او الخمس سنين ، لم أدخل المدرسة بعد ، بالكاد استطيع ان أتكلم والتحدث وليس لي اي اصدقاء اتحدث إليهم على الإطلاق سوى اخواتي البنات او قل أخي الكبير الذي كنت أدعوه دائما (بابا أحمد)

ظللت ساهرا حتى السادسة فجرا وذهبت مع أمي التي أخذت إجازة يوم السبت كعادتها قبل ان تصبح إجازة رسمية وصلت انا وأمي إلى البلد حوالي العاشرة صباحا وكان أبي ينهي عملة ثم يلحقنا على صلاة العصر ، اول ما ذهبت وجدت لأول مرة شوارع غير مرصوفة و أناس يغسلون آنيتهم وبهائمهم واولادهم في مياة ما يدعى بالمصرف ودخلنا شارعا صغيرا به عدة بيوت عرفت أنه كان من قبل ممر في بيت جدي قبل أن يقسم على أبنائه من الورثة ، وعندما دخلنا البيت المنشود وجدت امرأة هي في الثمانين من عمرها مقوسة الظهر تشبه أبي وأختي الكبرى إلى حد كبير ، إنها جدتي ، فرحت الجدة بي جدا وسألتني ( أنت محمد ولا انت مين ؟ ) الحقيقة لم استطع الرد كنت خائف جدا منها ، أبي الشخص نفسه الذي يرعبني تنحنحه كان لا يحكي عنها إلا في خشوع ممتزج بخوف وانا كانت تبدوا مرتعبة منها أيضا ن فجدتي كانت لها شخصية كاسحة ، فقد مات زوجها وهي في العشرين ونيف من عمرها ولديها أربعة أولاد وبنت وربتهم حتى صاروا أمثلة تحتذى وخصوصا "كمال" الذي ربته بنفسها ووحدها و علمته في بيئة قد عز فيها التعليم إلا على أولاد الأغنياء غير ان عائلتنا مستورة -عن طريق قوة شخصية جدتي- أستطاعت ان توفر لأبي قسطا وافرا من التعليم أكمله هو بعده بنفسه وبكده وتعبه ، الشاهد انها ربت خمسة أبناء على افضل قيم وكانوا يضرب بهم المثل في الأدب والتفاني والذكاء أيضا ، ولذط عندما كان تكلم ابي عنها كنت اعرف انه يخاف منها تماما كما كنت أخاف منه ن ولذلك ارتعبت منها ، لم استطع الرد إن كنت محمد أو ميدو او عباس ، ردت أمي مسرعة: ( ده عبدالرحمن يا حاجة) ردت جدتي (آه الواد الأخراني ؟... طيب يا كبدي تلاجي بنت ال.. (أمي) مفطرتكش أجعد أحلبلك شوية حليب و وأسجيلك(أسقيلك) فيهم، بعدين تروح تلعب مع عيال عيلة سعد ) كنت اكاد أطير من الفرح فالأوامر العليا جاءت بأن ألعب مع العيال و خصوصا احفاد سعد عمي كان أحب شخص لي في الوجود بعد أخي أحمد فقد كان يزورنا باستمرار وذهبت لألعب مع أصغر أحفاده محروس ومحمد اولاد إبن عمي اللذان يكبراني بسنة او سنتين ،لأن ابي أصغر أخوته وانا أصغر اخوتي فلعلك تدرك المفارقة ، وكان يوما رائعا ، لو ألفت عنه قصة لسميتها (ابن كمال في الغيط ) كان قد جاء قت الزوال و أذن الظهر وذهبنا كلنا لنصلي ، لم يوجد ذكر في البيت لم يذهب ليصلي ، وبعدها أخذني محروس في إحدى مهامه اليومية المقدسة فقد أخذني معه لنأخد البقرة والجاموسة للغيط لنطعمها و (نحش) بعض البرسيم للبهائم الأخرى وعلمني كيف أفعل ، لا أخبي عليك تسببت لذلك المسكين بمصائب عده ايسرها في هذا اليوم لم أقتلع البرسيم بل أخذت ما يقرب من عشرة عيدان من الذرة ووضعتها مع البرسيم وجاء أبيه وكاد ان يجن وانا في حل في ان أحكي ماذا حدث، المهم عدنا بعد عناء لصلاة العصر في مسجد القرية وأخذنا معنا البهائم نرجعها ثم نصلي ، وكنت خفيف الوزن فكان إبن عمي قد وضعني قوف احد البهائم وبينما انا هكذا إذ رأيت ابي ظننت أنه سوف يعاقبني كسحرة فرعون الذن آمنوا ولكن لدهشتي لم يتعرف علي ، كان بالنسبة له منظر ألفه منذ الطفولة رأى ولدا على بقرة ما الغريب في ذلك ؟ ولكن عندما عدت أيضا إليه تعرف علي بالكاد فقد كانت الشمس قد أذهبت بياض وجهي الذي ورثته عن أبي و الطين قد غطى بقيتي وملابسي و ربما بقايا بعض مخلفات الحيوانات أيضا ،لا أعرف، أخذ أبي يضحك ويقول" لو سبتك بس يومين هنا حرجع الاقيك عسكري امن مركزي " استحممت في غرفة جدتي و انتظرت صلاة المغرب حيث العشاء وجبتهم الرئيسية و أكلت بعض أكل جدتي التي لم اذوق مثله أبداوكانتفيه دسامة مقصودة وكانت تشخط في أبي بين حين وآخر ليأكل ويذهلني انه يطيعها و أحيانا في فكنت أحاول أن آكل بأكثر مما يتسع فمي وأكثر مما أستطيع ، وشاهدنا المسلسل مع عائلة عمي بعد العشاء في تلفزيون أبيض وأسود عتيق وإن لم تشاركنا جدتي إذ بقت تخيط بعض ملابسها فهي لا تسمح لأحد بخدمتها في هذه السن إلا القليل جدا من أحفادها ، وبت مع ابي وأمي و البراغيث و الناموس كالكابوس في تلك المنطقة ولكن بدا أن امي هي الوحيدة المتعاطفة معي إذ يظن الجميع إني ادعي و اتظاهر لخوفي من المبيت بعيدا عن بيتي للمرة الأولى وكان في الواقع انا كنت أكثر من راض واكاد أطير من الفرح واتمنى من الله ان أتي مع أبي المرة القادمة لإساعدهم في جني القطن ولكن كنت قد التحقت بالمدرسة ولم ازور القرية سوى بعدها بشهور ولكن حتى الآن كلما زرت القرية كان لذلك شعور خاص لا يوصف حقيقة بأنه مجرد "سعادة" أو"النشوة" فلنقل مجازا هوشعور انبهار طفل صغير بعالم لا يعرفه !


9.3.08

عوادم 11

حكايات من حي فلكلوري (3)
إنه الحب

كنت في الصف الرابع الإبتدائي في الفصل الدراسي الثاني في فترتي المسائية ، وعلى الرغم من أني لا أحب الفترة المسائية كطالب مجتهد لأنها تضيع الوقت ، إلا أني كنت أعشقها لسبب آخر ألا وهو ما أسميته في ذلك الوقت " متعة ما قبل المدرسة المسائي" ، كانت فترة رائعة بكل ما للكلمة من مقاييس ، أنزل من بيتي في حدود التاسعة بعد أن آخذ سندويتشاتي التي أعدتها أختي بينما هي تعد ساندويتشاتها ، فأخذها وأشرب كوب من الليمون ثم أنزل لأقابل محمود الساكن بجواري ( و محمود هذا يستحق عشر حلقات خاصة به ربما تكون القادمة) و أقابله وأذهب معه إلى المدرسة ونتحدث بعقلي طفلين عن خبراتنا العظيمة في الحياة وكيف أنا كدت أن أرى الجنية في الأرياف وكيف أخوه الأكبر يلعب جميع الألعاب الممكنة في الكون ، وحين نذهب ربما نفترق وربما نظل معا نلعب ، نشتري بعض الدوم و" نمص" فيه حتى يكتمل العدد لنلعب أحد ألعابنا "العظيمة" كالحجلة او غالبا الكرة وبعض الأحيان كانت تواتيني الشجاعة لأركب "المرجيحة" التي يحذرني منها الأهل طوال عمري ان اقع فتنكسر رقبتي ، وتسمع حكايات عن (محمود محي ) الذي يستطيع ان يدور بهذه" المرجيحة" دورة كاملة في الهواء ، كانت تلك الأرجوحة بقايا مولد طرد أصحابها منه فاضطروا إلى وضعها أمام مدرستي (للإسترزاق) بغض النظر عن سلامة الأطفال ، وبعد ان نلعب الكرة ربما كان عند احدنا المال ليشتري حب العزيز وأحيانا الحرنكش من بائع الدوم الكريم ، ... وذات يوم بينما اشتري الحرنكش من ذلك البائع الذي يقف بزاوية المدرسة الأخرى ، رأيتها ...
لم اتمالك نفسي ، انا لا أعرف هذا الشعور بعد قد سمعت عنه في الأفلام ، يقولون فلان يحب فلانة يعني هو غني وهي فقيرة او العكس والأهل يرفضون زواجهما ولكن في ذلك اليوم عرفت معني الكلمة إنه الحب ، لم اعرفة تماما ولكن عرفت أني أحسست بشيء لم أحسه من قبل ، الإنجذاب الشديد لهذه الفتاه ذات الشعر الذهبي المجدول و والجيب الكحلي الذي يكشف عن ساقين تنمان عن قوام رائع، جعلني افقد القدرة على النطق نعم بالطبع لم استطع كلامها ، انا كنت ابعد من أكلم نساء غير امي وأخواتي ، لم اعرف ماذا أفعل وكيف العمل في هذا الشعور ( المزعج) الذي كلما فكرت في المذاكرة جاتني صورتها وكلما رأيتها في المدرسة ارتبك ،....
عرفت لاحقا أن أسمها ريم وأنها في (رابعة تاني) وانا كنت أمين فصل ( رابعة تالت ) وكان مدرسيني يحبونني لأني في ظاهري ملتزم مسالم مجتهد ، ولكن هذا كله لم يمنع من أن إقامتي قد انتقلت من فصلي لفصل 4/2 لأكون بجوار ريم احاول الوصول إليها وكان هذا الإنتفال سهلا نوعا ما ، وذلك لأن مُدرسة الحساب في هذا الفصل كانت قريبتي فكنت اتححج بها للجلوس في صف ريم وكنت في هذا الوقت قد قرأت مغامرات "توم سوير" وانا في التاسعة من عمري آنذاك فكنت دائما اتذكر يوم عاقبه المدرس على التأخير بأن جعله يجلس بين البنات فتعرف على "بيكي" وصرح لها بحبه ، فكنت أبات ليلي أحلم بان يعاقبني أحد ما لأجلس في نهاري إلى جوارها وأكلمها ، ولكن لحسن الحظ لم يكن احد يرى سبب منطقي ليعاقبني فأنا طالب متفوق ولأنني متفوق لم أرض ان ادرس في 4/3 و حتى و أنا أمين الفصل واردت ان ادرس مع قريبتي التي اثق فيها في شرح الحساب في 4/2 ( شفتش بعد كده تفوق) و ولكني استجمعت شجاعتي بعد شهر تقريبا من المزاج المعكر وقررت ان اكلم ريم فكلمتها وكان الأمر ابسط وأسهل مما توقعت وصرت أذهب كل يوم معها وصديقتها أوصلهما للمنزل بحجة ان عمتي تسكن هناك واني احب ان أمر عليها كل يوم لكبرها في السن، في حين أن الحقيقة هي ان عمتي الوحيدة تسكن في الأرياف ولا تعرف عني سوى اقل القليل ولا أعرف عنها سوى ان لي عمة ، احببت تلك الفاتنة حبا جما(ريم طبعا وليس عمتي أيها الوقح ) وكنت لا أجرؤ ان اقول هذا واستكفي منها بالنظر او الكلام ولكن انتهى وقت الدراسة في ابتدائي وذهب كل لمدرسته ولك تعد هناك فترة مسائية ولم اعد أرى ريم على الإطلاق غير اني كنت اعرف بيتها ورقم بيتها وكنت صديق اخوتها الاكبر والأصغر غير اني لم اجرؤ يوما على فعل شيء و ذات يوم في إعدادي بينا انا عائد من درس ما رأيتها عائدة من مدرستها وسلمت عليها كان شعرها هذه المرة كاحل السواد وكانت آية في الجمال لا تقارن بالطفلة التي احببتها في إبتدائي وعادت لنفسي كل ذكريات الماضي واحلامه الهلامية وصرت أحب هذا الدرس لأني كنت ألاقيها كل مرة وانا عائد منه وذات يوم كنت أحضّر نفسي لأكلمها وافاتحها في الأمر ولكني ذاك اليوم وجدتها تسير هي وصديقتها مع ولدين ويتعالى تضاحكهما لم استطع ان أنظر ناهيك عن ان أذهب واسلم غير اني استمريت في طريقي وكنت ازمجر في اصدقائي بعصبية وحرقة وأظنها رأتني او سمعتني لذلك ولكنها لم تحرك ساكنا تجاهي ،
ذهبت لبيتي بكل الحزن والإكتئاب الممكن في الحياة غير انها كانت فترة ثم فترت ذكراها في نفسي وصرت اتذكر لها فقط انها كانت اول من عرفت له معنى الحب في حياتي
ولكن لم تكن ريم قصة الحب الوحيدة في الإبتدائي فأنا نعم لم أحب غيرها في تلك الفترة ولكن من قال أني لم يحبني أحد؟ فهناك ياسمين التي....
ولكن تلك قصة أخرى .......

7.3.08

كونتراست تناقض يعنى!!!

تنويه: باعتذر عن الغياب الطويل .... لكنها لظروف خارجة عن ارادتى والله.
ما دفعنى دفعا للكتابة فى هذا الموضوع هى مناقشة دخلت فيها مع أحد أقربائى...... هذه المناقشة فتّحت عينى على حاجات كتير أوى..... وبالمناسبة هذا الرجل يشغل منصب دكتور فى كلية تجارة أجد متعة كبيرة فى الحوار معه...... المهم أن الحوار كان عن ظاهرة صلاة التراويح خلف الشيخ حاتم فى رمضان- مش عارف اية اللى فكّره بحاجة زى كدة- المهم...... هو كان وجهة نظره أن هذا من أشكال التدين الفارغ...... ييجى الشاب من دول عامل بلاوى- والكلام على لسانه- وييجى يصللى وينهنهله نهنهتين-يعنى يعيّط- ويفتكر ان هو كدة عمل اللى عليه...... ردّيت أنا بكل انفعال وقلتله ان مفيش بنى ادم له الحق فى الحجر على رحمة ربنا وان أى حد مهما كانت بلاويه ممكن يتوب......... رد وقال لى ما تتحمقش أوى كدة.... الحكاية أخدت ما يشبه الظاهرة لدرجة ان الشباب والبنات كانوا بيتواعدوا بعد الصلاة!! وباصللى وقاللى ان التدين دة تدين فارغ من مضمونه ...... ودة قلته احسن ..... عندما وصل لهذه النقطة توالت امام عينى مشاهد الشباب وهما لابسين اجمد حاجة على الحبل وحاطّين المصلية على رقبتهم ...... لأ والانقح انك تلاقى المصلية ماشية مع الطقم .... يعنى انت لو لابس سويت شيرت احمر تبقى المصلية البيج عليك ايه..... تجنن...... أنا عارف ان فية دلوقتى أحد الأشاوس بيقول ان رحمة ربنا واسعة وهو مين هو عشان يصنف الناس كدة....... حقوللك اهدأ بس يا مان ..... دة أولا رأيه ثانيا أنا كنت زيك كدة ..... وبعدين فكرت وقلت ان الموضوع محتاج تفكير ودراسة ولا ايية؟

اللى أنا جاى أكلمكم فية النهاردة مش هو دة...... يمكن يكون لية علاقة بية........أنا جاى أكلمكم عن ذلك التناقض الصارخ الذى تعج به شوارعنا وحياتنا..... ويمكن يكون المثال السابق مثال لدة.............لأول مرة أدون وما اعرفش دة صح ولا غلط.......التناقض الرهيب اللى بنشوفه كل يوم فى حياتنا دة علامة صحية ولا اية؟تلك الشوارع الممتلئة بالباديهات ةالبنطلونات اللى بتتلبس مرة واحدة من كتر ضيقها ومليانة برضه بالنقاب والشادور..... هل هذا صحى؟؟ ذلك الشعب المتغنى ليل نهار بأيام عبد الناصر... أيام الكرامة العربية..... ماذا يفعل الان تجاه غزة وهى تحرق..... مع العلم أن بيدنا اشياء كثيرة بجانب الدعاء؟؟ ذلك المواطن الذى يلعن أبو الواسطة هل اذا لاحت له الفرصة فى تخطّى من أمامه فى طابور العيش وانه يجيب العيش ويخلّص نفسه..... هل لن يستغل تلك الفرصة الذهبية التى لاحت أمامه؟؟؟

أنت نفسك يا طالب الطب..... يا من تتشدق كل يوم بأن الطب وراثة وليس دراسة هل اذا عينت دكتور فى الجامعة وطلب منك أحد الاصدقاء اسداء " خدمة" اليه بأن " تراعى" ابنه فى الشفوى هل ستتذكر ساعتها ماكنت تقوله أم ستبرر لنفسك هذا التصرف وتعتبره فى اطار المؤمن للمؤمن كالبنيان؟؟؟ وذلك الرجل الهمام الذى يتشدق ليل نهار ويقول الله يلعن الحكومة عللى جابها مخللية البلد زبالة!! ثم تجده بعد ذلك يلقى بعلبة السجائر من نافذة سيارته!!!!..........هل ذلك الشاب الذى يبيح لنفسه معاكسة اللى رايحة واللى جايّة..... ثم اذا فعل ذلك أحد مع أخته يقيم الدنيا ولا يقعدها..... أليس هذا الوضع غريب؟؟؟ وذلك الرجل الهمام وكيل اول وزير التربية والتعليم رضا أبو سريع عندما يخرج علينا كل سنة- وقد خرج منذ اسبوعين- ويقول جملة حفظناها كثيرا حتى انهم فكّروا أن يمتحنوا الطلبة فيها" امتحانات الثانوية العامة هذا العام بلا مشاكل !!!"..... وتيجةى الامتحانات كل عام أزفت وأزفت!!

الواقع أيها السادة ان هذا كان النذر اليسير...... وما تعرفونه وما خفى كان أعظم!!!والواقع أنها تدل - فى المقام الأول- أننا شعب كلامنجى .... ما بيعرفش غير الكلام ... او بيتكلم اكتر ما بيشتغل..... ممكن اكون متجنّى شوية على شعبنا..... مش عارف لاول مرة أدون وما أعرفش الصح فين..... الا قوللى صحيح هو منين يودّى على فين؟؟؟

الذهب الأحمر - تابع الفصل الأول

فها هو الأمير الذي طالما كان فوق الجميع يرزح تحت ثقل هذا الغوغائي الضخم الذي أخذ يكيل له اللكمات ، و بين لكمة و أخرى يرفع رأسه القبيح و يبتسم ابتسامة غبية مستعرضا بضع أسنان متبقية و القوم يضحكون و كأنهم يشاهدون مسرحية ، لم يكن الأمير ضعيفا ، و لكن ما حدث لم يكن متوقعا ، كما أنه حدث بسرعة شديدة كعدو أخذه على حين غرة و بغريزة رجل أكثر منها غريزة أمير،دافع عن نفسه و كان حقا ليخسر بمقاييس الحجم و لكنه تعلم كيف يقاتل و كيف يدافع عن نفسه و سرعان ما استوت الكفتان و كأنما أصبح الأمير غوغائيا ، فأخذ يكيل للضخم لكمة و ينظر للناس مبتسما ، فيصيبه الضخم بلكمة و يضحك بدوره ،و هكذا حتى عدل الأمير عن غوغائيته و كال للضخم بضع لكمات جعلته يرفع يدا و يقول : حسنا .. حسنا ، تربح أنت
ثم قال و هو يتفقد موضع انبثاق الدم من فمه : انك أقوى قط أشقر قابلته في حياتي
ضحك الحاضرون ، حسبها الأمير اهانة أخرى و كاد يعاود هجومه ، لولا أن رأى الرجل الأخر يقترب منه مادا اليه يده و يقول مبتسما : أحسنت يا فتى .. أخذا اياه تحت ابطه سار به نحو المشرب : فلنشرب نخب القط القوي و ناول الأمير كأسا و رفع كأسه الى فمه و شاركه الجميع النخب ، تظاهر الأمير بالشرب و ما ان وضع الجميع كؤوسهم حتى صدحت موسيقى الغوغاء و انطلق القوم يرقصون و الأمير يرقب كل هذا بعينين متسعتين و كانما يسجل كل ما يشاهد في عقله
قطع الضخم عليه تأمله قائلا : ان لك يدا قوية ايها الهر
ابتسم الأمير و قال مازحا : ربما .. لم أجربها قبلا
ضحك الرجل ثم مال عليه و سأله : لم لم تشرب نخبك ؟؟
اضطرب الأمير اذ لم يكن يظن أن الرجل قد لمحه ، و لكنه سرعان ما أجاب : لأني نادرا ما أشرب
- و لم يأتي رجل لا يشرب الى حانة الا لأجلهن
- لأجلهن ؟؟!
- نعم .. النساء يا فتى
- نعم .. اصبت ..
اشار الضخم الى امرأة جلست عند أحد أركان الحانه ، و ربت على كتف الأمير يدفعه الى الأمام قائلا : هاهي .. انها رائعة
-و لكن ..و لكني ..
-هيا لا تخجل .. فلتنل حظك من الدنيا
- ربما لاحقا .. اذ يتعين علي أن أمضي لأكمل بعض المهام ، و لكني حتما سأعود لها ، انها رائعه
- نعم .. صدقني .. تستحق العوده
قالها يربت على كتف الفتى و كأنما يودعه
مضى الأميرمسرعا و كانما لا يصدق أنه نجا من كل هذا ، و تأكد أن أحدا لا يتبعه حتى وصل الى الجانب من جوانب القصر كان يعرف انه لا يحرسه أحد ، و كما خرج بسهولة دلف بسهوله .. و عبر طريقا طويلا في الحديقة حتى وصل الى غرفته و ما ان دخلها حتى استبدل ملابسه بسرعه و أخفى بقايا غوغائيته و هو يضحك من كل ما حدث
زالت عنه مخاوفه عندما نظر لوجهه في المرآة و رآه بلا كدمات ، و م ان اطمئن حتى أخرج دفتره و تناول ريشته وأخذ يكتب
" حسبت أنني سأجد أجوبة لتساؤلاتي ، و اذا بي أعود بالمزيد منها .. كيف يحيا هؤلاء القوم ، كم هو غريب أن يتضاحك القوم لمرأى اثنين يتقاتلان ، و كم هو غريب أن يكون القتال عندهم مزاحا ، كيفا يستطيعون بكرونكات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة كما أخبرتني نارزا أن يأكلوا و يشربوا ثم يجدوا بقية ليلهوا ، كيف انقلبوا من معركة الى رقص و غناء بكأس" .. ضحك اذ تذكر أن "الغوغاء" قد شربوا نخبه .. و ضحك اذ تذكر عرض الضخم له و كيف ساعدته سرعة بديهته على التخلص من المازق ..غلبه نعاسه فاستسلم له لأنه كان يعلم أن عليه أن يستيقظ مبكرا ..
-كيف كان نومك يا بني
-كان جيدا يا أماه .. اشكرك
رد على والدته الملكة و هي تسأله على مائدة الافطار
-و لكن يبدو عليك الارهاق
ربما بسبب هذا الحلم .. لقد كنت أركض طوال الليل
ضحكت الملكة من مزحة ابنها .. كانت تعرف أن لابنها قلبا رقيقا و روحا حلوة ..
سألها عن نارزا ، فأجابته أنها تجمع الأزهار من حديقة القصر لتضعها في غرفته كعادتها كل صباح ثم أكملت : آه كدت أن انسى ،لقد سأل عنك والدك
- حسنا .. علي أن ألحق بجلالته .. عذرا جلالتك و انحنى يقبل يد أمه التي ابتسمت و ربتت على راسه ثم اخذت تتابعه و هو يمضي مبتعدا

6.3.08

عوادم

عوادم كبسولية 6/3/2008


-- قال شوقي في عصره :
أحبك مصر وحبك في صميم القلب نام
سيجمعني التاريخ بك يوما إذا ظهر الكرام على اللئام
لأجلك رحت بالدنيا شقيا أصد الوجه والدنيا أمامي
وهبتك غير هياب يراعا أقوى على العدو من الحسام

ولو حضر عصرنا لقال :
أحبك مصر ولكن لماذا قد عز الخبز على الأنام
لأجلك رحت للتابور بدري أحمل قفصي وشومتي وحزامي
سيجمعني الموت بك يوما إذا للخبز نالني بسهم رامي
يحكم شعبك بالقهر أسدٌ ألين مع العدو من النعام

-- إيران تطلق أسم خالد الإسلامبولي على أحد شوارع طهران وتعلق صورته وتعتبر مطالبتنا بتغيير هذا الأسم شيء ثانوي في العلاقلت بين البلدين وكأن تكريم مغتال رئيس الدولة هو من البديهيات المسلمة في السياسة العالمية ، أقول هذا فقط لل مطبلين لإيران كمنقذ للعالم والديمقراطية من أمريكا
-- أمريكا تكتشف إنهيار جليدي في القطب الشمالي في المريخ ونحن نخفض ميزانية جامعة القاهرة و لا تعليق
-- إسرائيل ترتكب مذابح غزة ووزراء الخارجية العرب يلوحون بسحب المبادرة العربية ، أظن إسرائيل الآن ترتعد كلها خوفا من ضياع المبادرة عليها !!
-- حتقولي الفقرا ومشاكلهم دي مسائل عايزة التفانين
وأنا رأي نحلها رباني ونموت كل الجعانين
وبهذا محدش حيجوع
لو نعلن هذا المشروع
وحنقفل هذا الموضوع نهائيا ونعيش في تبات
أحمد فؤاد نجم
-- من أكثر نقاط منحنى حياتك إنخفاضا يبدأ الصعود

الذهب الأحمر - الفصل الأول

" أتساءل حقًا كيف يمكن لأناس كهؤلاء أن يعيشوا ... أسمع الكثير من الحكايات عن الغوغاء، لكنني لست أصدق ..
كيف يمكن لأناس أن يعيشوا بكرونك واحد في اليوم ؟ .. ما الذي يمكن شراؤه بمثل هذا المبلغ الزهيد ؟ .. كيف يمكن لأناس أن يحصلوا أقواتهم من مخلفات بيوتنا، و أن يرووا عطشهم مما تصرفه مراحيضنا و أحواضنا ؟ .. كيف لهم أن يعيشوا هكذا، و كيف لنا أن نعيش هكذا ؟ ..
أسمع الكثير من نارزا مربيتي .. لكن أحقًا ما تقول ؟ .. اليوم أعرف .. اليوم أتيقن .. اليومك عندما تغرب الشمس و يغرق الكل في سباته العميق .. "
أغلق الأمير را-هيمين دفتره الذي يدون فيه يومياته، و وضع الدواية و القلم جانبًا، و استقر عزمه أن ينطلق الليلة .. كان قد اشتري بعض الملابس التي تشبه ملابس الغوغاء بمساعدة من مربيته نارزا، التي كانت واحدة منهم إلي أن استطاعت أن تخرج من هذا المستنقع البغيض - مستنقع الفقر و العوز - إلي القصر الملكي .. عاونته لأنها تعلم طيب منبته، رغم أن والده الملك با-هيب ليس الغول المتصور، لكنه أصيب بمتلازمة أمراض السلطة الثلاث: الصمم - الصمت - القمع .. صمم شيئًا فشيئًا عن الأصوات المطالبة بالحق، ثم صمت علي ما يجري من ظلم، ثم قمع لكل من يعارض و يوصل صوته له، باعتباره لن يعرف أكر مما يعرف ..
تعرف هذا، و تدرك أن الأمير علي غير طينة والده، فهو علي الأقل لم يدخل في خضم السلطة، و حتي و قد مُنح جزءًا من السلطة بتوليه مجلس المشورة الملكية، تراه يبغي في النهاية العدل وحده .. ربما لأنه يدرك أن الظلم ظلمات فيما بعد ..
عاشت هي حياة مديدة .. أتمت عامها الثمانين منذ أشهر، لكنها لم تشهد من سنينها سوي أربعة عشر في رغد القصر، بينما كان ما سبق هو الموت كل يوم ألف مرة من الفقر و الخوف من القتل علي يد اللصوص ليسرقوا لا شيء منها سوي حياتها التي لم يعد جائزًا أن تُصنف من حيوات البشر ..
لهذا عندما تولت تربية الأمير الناشئ، و قد حصلت علي هذا الشرف هبة من الملك بعد أن أنقذت ولي عهده من الموت تحت سنابك الخيل و عجلات العربات بعد أن أفلت من يد مربيته السابقة، التي قابلت ربها بالطبع بعدما حدث، رغبت أن تنشأه محبًا للغوغاء .. يسمونهم الغوغاء لكنهم أبعد ما يكونوا عن ذلك، فهم لا يجدون الطاقة لهذا من هول ما يعانون من الفاقة، لكن ما حيلتها و قد التصقت بهم هذه التسمية علي مدي قرون طويلة ؟ ..
و قد نجحت ..
عندما أخبرها أنه يريد أن يهبط من عليائه ليري هؤلاء الذن تتحدث عنهم، و يري كيف و بأي شكل من الأشكال يحيون .. عندما أخبرها بهذا كاد قلبها المسن أن يطير أو يتوقف - أيهما استطاع - من الفرح ..
و قد كان ..
في ظلام اليل ارتدي تلك الأسمال البالية التي حصل عليها من مربيته، و تسلل بخفة يُحسد عليها من فوق الأسوار العالية التي حجبته طويلاً من هؤلاء، و إن هي إلا لحظات حتي كان في الطريق ..
ينظر بدهشة .. يدرك أن دهشته تنم عن جهل تام .. مشي رويدًا رويدًا لا يبغي الابتعاد قبل أن يطمئن أنه لا أحد قد اكتشف تسلله .. ثم انطلق ..
سار في الطرقات المظلمة، التي تركم رائحة أكوام القمامة بها أنوف من فقدوا حاسة الشم، و التي تعوي قططها ككلابها عواءًا هو أقرب لندب الحال منه لمناداة أو مناجاة، و التي يضيئها مصباح وحيد، يحتاج لمن يضيئه هو أصلاً، و موكل إليه مهمة نشر النور في شارع طوله أضعاف ما يستطيع بلهبه المنكفيء علي نفسه ..
سار في الطرقات يستمع لتلك الآهات التي انطلقت من خلف أبواب لا تستر بل تفضح علي الملأ ما بداخلها .. سار في الطرقات ينصت لضحكات أناس بلغ الهم منهم مبلغه فلم يجدوا ما ينفسون به عن أنفسهم سوي الهلوسة .. سار في الطرقات يشعر أنه يستحق القتل الف مرة ..
أن تعيش في بحبوحة من العيش علي رأس قوم هم أقرب للموت منهم للحياة و أنت لا تدرك فالموت حت لا يكفيك ..
و من بعيد تراء له شبح ضوء خافت، كأنه من أعماق بئر يخرج، فسار إليه و قد بدا له نشازًا وسط هذ الظلام الذي يحيط به .. اقترب منه و قد لاحت لافتة مهترءة لا يتيبن المرء ما كُتب عليها، إن كان ثمة شيء مكتوب، إلا بعد جهد، و للابما في النهاية يفشل ..
لم يهتم كثيرًا بقراءة ما كُتب، فقد جذبته هذه الأصوات المتعالية و كأن الدنيا في وضح نهارها، لكنها لم تكن أصواتًا بقدر ما هي حشرجات و ما يقترب من نهيق الحمار في البشاعة ..
دفع الباب و دخل، و أدرك من فوره أي مكان دخل ..
لم يكن سوي حانة كبيرة، تعجب حقًا كيف يكون أناس بهذا الفقر قادرين علي إيجاد المال اللازم كي ينفقوه في مثل هذا المكان .. دخل و قد جذبه المنظر، و رغبته و فضوله الذي يريد أن يرويه، و توجه نحو المكان الذ استنتج أنه الوجهة الأولي لمرتاد الحانة - طاولة تقديم المشروبات بالطبع ..
لربما شابه مظهره مظهرهم، لكن نظرات عينه المندهشتين الفضوليتين لفتا الأنظار إليه .. جلس في هدوء، و تحير ماذا يفعل و هو الذي لم يقرب مسكرًا من قبل، و لن يقربه من بعد ؟ .. لكن عقله لم يضن عليه بالحل ..
- طلبك يا هذا ؟
أزعجته اللهجة الجافة، لكنه تدارك الأمر بأنه هنا واحد من الغوغاء لا الأمير را-هيمين والي مجلس المشورة الملكية .. قال و قد أراد لصوته أن يبدو جافًا خشنًا:
- لنبدأ بكوب من الماء أروي به عطشي ثم لننظر بأي السموم ننسي ما نحن فيه ..
و كأنما نطق كفرًا، فقد حدق فيه النادل ضخم الجثة بدهشة ثم انطلق مقهقهًا و قال:
- ماذا ؟ .. نحن لا نرعي الأطفال هنا حتي نقدم الماء ..
التفت من كانوا معه علي الطاولة، و أمسك أحد بيده عنوة و قال:
- يده ناعمة .. إنه "قط أشقر" ..
انفجر من حوله في الضحك، و قد بدا كالأبله تمامًا، لكنه لم يجد الوقت الكافي للفهم، إذ اجتذبه أحدهم قائلاً:
- فلنتسل قليلاً .. يبدو صيدًا طريًا ..
و بلكمة واحدة انقلبت الأوضاع رأسًا علي عقب ..


** ملحوظة: القصة أكتبها بالاشتراك مع SKOBL -Th Little Lazy Me ..

5.3.08

عوادم 10

الشعور الأكره

هل فكرت يوما : يوم تكون في أسوأ حالات ما سيكون شعورك الذي يجعلك تشعر بهذا ، بالطبع كل إنسان لديه أولوياته وطريقتة في التفكير وطريقته في الإحساس أيضا ، فمثلا يكون فقدان عزيز عليك هو أسوأ إحساس يمكنك ان تمر به وهناك من لا يمثل لهم الموت مأسآه كبيرة، مثلي " فهم يعرفون أن الموت سنة وكاس كل إنسان لابد ذائقها ..
أكتب في هذا المقال عما أشعر به وأحسب أنه لربما كان أسوا ما سأمر به يوما ، ليس سخطا على الحياة وليس تشاؤما منها فقد أعتدت أن أحبها دائما و امرح فيها دائما حتى في أحلك مواقفي ، ولكن ذلك الشعور الكئيب المذل الذي لا تستطيع مشاركته أحد لم يروادني في حياتي قط وكنت حتى الآن لا أعرف كيف يوصف حتى قررت أن أكتب وليحدث ما يحدث ، أشعر اليوم بشعور غريب يمكن تلخيصه ببساطة في أني بدأت أكره نفسي لأنها لم بتلك العظمة التي توقعتها وفي نفس الوقت لا ألوم ظروفي أو ما يحيط بي ، كل هذا ممتزج بشعور رهيب بالعجز عن عمل أي شيء لتغيير وضعي ، شعور يائس كئيب برؤية كل آمالي وأحلامي تنهار أمام عيني ولا أملك حتى أن أدمع لها ، وكلما بنيت حلما جديدا وأملا جديدا جاءت أرق نسمة هواء فتتقاذفه ويذهب أدراج الرياح ليس بسبب مبالغة في الحلم وليس بسبب قوة ريح المصاعب ولكن بسبب أن هذا الحلم قد تم تدعيمه بدعائم هي إرادتي الخائرة و قدرات ضحلة وعقلية غير مستوية ، فلا أملك أن ألوم الناس ولا أجد ما أعلق عليه فشلي غير نفسي و لا أعرف أحدا أكرهه لأنه دمر أحلامي غيري ، ثم يغلف كل هذا شعور رهيب بالذنب والهوة تتسع بيني وبين خالقي وكلما أحدثت توبة نكستها وكلما نويت المذاكرة ألهاني ما يلهي ، ما آلمني حقا في النتائج أن هناك أناس أظنهم ذاكروا أقل مني بكثير أثناء الدراسة ولكنهم ذاكروا جيدا قبل الأمتحانات وانا الذي لعبت فقط قبل الإمتحانات أضعت كل شيء ، ما آلمني فعلا في ذلك ليس لأنهم حصلوا على درجات أعلى من بكثير لا والله ولكن ما آلمني هو عدم قدرتي على لومهم أو حسدهم إنما لم أجد غير نفسي لألومه ، وما أصعب ذلك من شعور، حينما تعرف أسباب عجزك وتقف أمامها عاجزا ، عبرت عن قليل جدا مما يدور بداخلي ولا تستطيع كلماتي أو أسلوبي الركيك أن يصف ما بداخلي فعلا ، يكفيك فقط ان تعرف إني فقدت حتى إرادة الشفاء والتغيير ويأست يأس مميت من نفسي و أنا أكاد أوقن أني فعلا أكره عبدالرحمن كمال الذي عشت معه بضع وعشر سنين و اتمنى لو أني كان لي من العمل الصالح ما اجرؤ معه على تمني الموت ، ولكن حتى هذا التمني أصبح رفاهية لا أستطيع الحصول عليها .

4.3.08

عوادم 9

اختياراتي الشعرية

لست أزعم أني من عباقرة النقد الشعري أو أني قد درسته دراسة إحترافية مهنية ، او أني قد أزاول هذا كمهنة لاحقا غير أني قد قرأت في أكثر المدراس الشعرية ودرستها دراسة أولية في المدرسة فقد أردت فقد ان أقول رأيي وماذا أفضل الآن من شعر ، ونتيجة لإحتكاكي بمعظم المدارس أعتمل داخلي صراع طبيعي كهاو لصنعة الشعر بين الشعر العمودي وشعر التفعيلة والقصيدة النثرية و الشعر العامي ، انتهيت منه أني أفضل في الفصحى القصيدة العمودية على مثالبها تليها قصيدة التفعيلة ولكني بعد ذلك عندما نرجع لتراث مصر من الشعر وجدت أعظم المعاني الشعرية وأجمل الصياغات الأدبية قد صيغت بالعامية ، لا شك أن لمصر باعا طويلا في(تاريخ) القصيدة العمودية فنجد شوقي وحافظ وطبقتهما ولكن إن نظرا لتاريخنا أحدث من هذا قليلا سنجد أن من عبر فعلا عن أعظم المعاني الشعرية هم شعراء العامية ، التي لا يعيبها أبدا أنها عامية ، فقط إقرأ لعبدالرحمن الأبنودي قليلا ستعلم كيف تستطيع العامية ان تكون فخمة وفي نفس الوقت بسيطة مفهومة ، ويقول بعض الأقزام من شعراء العرب ان نتاج مصر الشعري قليل سقيم وانا لا يرقى لدرجة الشعر فيها أيام شوقي وحافظ وان تلك الدول فاقت مصرا نتاجا أدبيا ، ولكن هذا الكلام حقيقة محض هراء ، فهؤلاء عندما قاسوا ، قاسوا شعر الفصحى فقط و لم يدخلوا العامية في حسبانهم ، فإذا دخلت العامية في الحسبة صار شعر مصر غزيرا مهيبا شامخا كمصر و مكاناتها ، نعد لموضوعنا ، لقد خلصت من ذلك الصراع الداخلي عندي بنتيجة ألا وهي أني لا ينبغي ان أختار بين الأثنين ، الفصيح له سحره و العامي له مذاقة المقرب من القلب أحيانا الفخم أشد الفخامة وأحيانا الساخر أشد السخرية و داخل الشعر الفصيح فإني احب أن أختار مدرسة أبوللو في المقدمة لإهتمامها بالمعاني وعدم تقديم اللفظ الفخم على المعنى المراد تليها مدرسة الإحياء ثم باقي المدارس ، مخرجا من الحسبان شوقي على الرغم من أنه انتمى إلى مدرسة الإحياء فعلا ولكن معظم النقاد اليوم يعيدون النظر هل اتخذ شوقي الشعر صناعة لفظية فقط فعلا ، فكانت الإجابة التي ترددها المعاني الفلسفية العميقة في شعره بالطبع لا ، شوقي فعلا شاعر لكل العصور ولا يبارزه مبارز في غزارة إنتاجه أو عمق معانيه او سهولة أستعماله للغة كأن الألفاظ أداة لينة بين يديه ، بقى أن أقول أن الشعر الجاهلي والإسلامي بمراحلة لا يمكن الأختيار بينه فكل مرحلة كانت تحكمها ظروفهها عليك فقط ان تتمتع بروائعه وتغض الطرف عما قد سقط سهوا منه فمن يستطيع ألا يستمتع بشعر المعلقات أو من يستطيع ان يذكر شعر المتنبي بسوء، فهؤلاء خارج نطاق إختياراتنا فهم من حفظوا لنا اللغة التي كتب بها شعرنا المعاصر ، بقى أن أقول أيضا : من أنا لأكتب في نقد الشعر او أمدح هذا او أذم ذاك إنما كنت فقط أعبر عما أعجبني من الشعر وما لم أستسيغه .

ألا .. فلا نامت أعيننا


صمٌ عميٌ بكمْ

لا ترجُ فينا الأملْ

لا تستصرخنا بعروبة ْ

فنخوتنا كعروبتنا

مكذوبة ْ

لا تستنصرنا في الدين

فقد وأدنا شجاعتنا

و بنينا لبنادقنا أضرحة ً

منذ سنين

و سكِرْنا بخمر ٍ من عنبٍ

حينا و حينا من طينْ

و ضحِكنا

و غنينا ما أنشد الشعراء

و عزفنا الهراء

و غرقنا في الحماقةِ

و التغزل ِ بالنساء

و جعلنا الفاسقَ مؤمننا

و جعلنا الجاهلَ عالمنا

فعلمنا كيف نـَذِلْ

و كيف نحيا بالإهانة ْ

و أنسانا

عزة الأجدادْ

و قتل بداخلنا الرجولة ْ

و علمنا كيف نعشقْ

صيحات الشجب و الإدانة ْ

فانطلقنا

نعض ايدِ الإخوانْ

و انحيننا

نقبل أقدام من عادانا

و تقيـَّـدنا برضائه ْ

فترى السواعد مفتولة ْ

و المعاصم مغلولة ْ

و تجمعنا حول موائدٍ

ندَّعي الحوارْ

و انطلقنا بين ناهق ٍ

و ملتزم ٍ بالخوارْ

و تجمعنا

لا حول قرارْ

بل حول الراقصات ِ

في بيوت الليلْ

و انشغلنا

بلحوم العاريات ِ

فالويل لنا الويلْ

أيدينا تصفق

و أيدٍ على وجوهِ نسائنا

تنهال بالصفعاتْ

تسبق انتصارًا للشيطانْ

تسيل منه دموعها

فدمائها

ببضع رصاصاتْ

تتجمع الدماء تصنع

بحرًا من العارْ

فنرقص على الشطآنْ

تتساقط الكلمات

فوق رؤوسنا

من بين شدقي حمارْ

و أطفالنا

يساقون كالحملانْ

الى المقاصل في وضح النهارْ

و شبابنا

جثثٌ برصاص ٍ و بنادقْ

جثثٌ هامدة ٌ في خنادقْ

و ضمائرنا

تاسعُ أهل ِ الكهفْ

فاذا فرغنا

من الغناءِ

و الرقص ِ

و تساق كئوس الدماءِ

و انطلقنا الى المخادعْ

أصابنا ألف كابوس ٍ

ألا .. فلا نامت أعين الجبناءِ

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar