نعم جذع هي و فروع و أغصان و ورق .. لكنها ليست كأي شجرة .. الشجر الذي يعرفه الناس لا يشتعل و يظل كما هو .. الشجر الذ يعرفه الناس لا يظل مشتعلاً ليلَ نهار صيفَ شتاء كل لحظة و ساعة و كل يوم منذ أجيال بادت و لأجيال قادمة تبيد في مسقبل الزمان ..
الكل يعرف هذه الشجرة، و يعرف أن الاقتراب منها محرم ..
محرم لأنها ملعونة .. لعنها الأقدمون فاشتعلت .. و لعنها المحدثون فظلت علي اشتعالها ..
لكن الفضول قبلاً قتل الهر، و بعدًا قتل مئات الأنوف التي لا تحب إلا أن تدس نفسها فيما لا ينبغي السؤال عنه ..
لكن اللعنة أيضًا قد حان لها أن تزول .. و حان للشجر أن تستريح .. حان لها أن تستريح من ذنب حملت وزره دون ذنب جنته سوي أن المذنبين اختاروها لتكون حيث يكون ذنبهم .. آن لها أن تستريح من شبح نفس تعذبت طويلاً .. طويلاً و هي شبح، و طويلاً وقت كانت جسدًا من طين ..
كان شابًا يافعًا واعدًا ذكيًا و لماحًا، لكنه كان فقيرًا .. لم يشفع له ذكاؤه و لا سرعة بديهته و لا أي شيء كي يلحق بالصفوة، أو هكذا يسمون أنفسهم .. سع طويلاً كي يلحق بالطبقة الأعلي، لكنهم نظروا دومًا لفقره و كأنه عار، و كأنهم نسوا كيف كانوا يومًا من الأيام ..
حتي كان يوم ضاق ذرعًا بكل هذا الهراء .. صفوة أو حثالة الأرض .. الكل بشر و الكل فان و الكل إلي التراب و الدود .. و الكل سيموت الليلة ..
أزمع أمره و أحكم فكره أن يفنيهم عن آخرهم .. و بخطة لم يكن لغيره أن يفكر فيها هجم و أحرق و أفني، لكنه وقع في أيدي أعدائه فكان العذاب ألوانا ..
بخطة لم يكن لغيره أن يضعها أحاط قصر كبيرهم و حيث يجتمعون كل ليلة بمئات البراميل من الوقود .. و بعود حطب مشتعل ألقاه بغضب أشعل النار في كل البراميل لتتجاوب مع براميل أُخر وزعها داخل القصر و براميل أخري كان يفرغها بنفسه في غل و غضب غير مبال بالنار التي تأكل كل ما حوله و وسط صراخ "الصفوة" .. بخطة كهذه أفني و أحرق و أحال قصورهم رمادًا .. لكنه في النهاية وقع في يد من لا تحمل قلوبهم أي رحمة ..
و عند الشجرة كان الحفل الدامي .. الحفل الذي طارت فيه أشلاء شاب لم يرتكب جرمًا سوي أنه جاء إلي الدنيا فقيرًا .. و سرعان ما ختموا الحفل بالحرق جزاء بما فعل .. أحرقوه هو و الشجرة وسط لعنات سحرتهم أن يظل مشتعلاً إلي الأبد ..
نجا هو من اللعنة إذ أخذته رحمة ربه إلي السماء مطلقة عقاله من هذا العذاب الذي لا يوصف و ظلت اللعنة في الشجرة .. مشتعلة منذ أن أشعلوا فيها النار و حتي جاء مخلصها ..
شاب آخر كأنما هو نسخة من الأول .. شاب آخر من مئات أكلهم الفضول لمعرفة سر هذه الشجرة المحترقة أبدًا .. شاب آخر اخترق حقول تباع الشمس الذي خرج إلي الوجود ذات صباح و كأنما نبت من العدم، لكن الحق هو أن شبح الشاب الأول ظل رعاه في عالم الخفاء حتي ظهر إلي الوجود فأعلنه مرة واحدة .. شاب آخر اخترق الحقل و وصل إلي الشجرة، لكنه ليس كأي شاب آخر، فهو وحده من بيده خلاص هذه الشجرة ..
تقدم في بطء و وجل .. تقدم من النار التي لم تنطفيء منذ أجيال .. و بفضول بشري بحت.. اخترقها ..
اندفع إلي نار و قفز فيها و في لحظة اختفي و اختفت النار و اختفت الشجرة .. و لم يبق إلا تساؤل سيظل علي مر الأجيال كما ظلت النار من قبل عن هذا اللوح الذي يتوسط حقل تباع الشمس و الذي فشل أي شخص في أن يزيل منه ورق واحدة، و قد كتب عليه:
هناك 3 تعليقات:
بجد و الله تحفة .. كل قصة قصيرة ليك بتمتعني جدا .. كل واحدة بتاخدك لمدة دقايق لدنياها و تسيبلك ذكرى و كأنك البطل ..
باكرر تاني طلبي تعمل شرايط اساطير قبل النوم .. بجد تسلم إيدك يا دايخ
gamed geddan el template dah w updates fe3lan lazeza awi teslam eidak ya da2e5 ya methabatna
بصراحة انا مش عارفة اقول حاجة انا لسة موجودة عند تباع الشمس بدور ع اللوحة اللى انت قلت عليها لما ارجع هقولك القصة ممتازة ممتازة ممتازة
إرسال تعليق