30.1.09

جهاز ضغط و سماعة - الحلقة العاشرة

يقول أخي الأكبر إن معهد البحوث الطبية – "الطيبة" علي حد تعبيره – الذي يقوم بتحضير رسالة الماجستير فيه هنا في الإسكندرية يرفع شعار "اتحدي نفسك" في امتحاناته .. فأنت لست مطالبُا – بصيغة المفعول- فقط بأن تذاكر كمًا لا يتحمله بشر، بل مطالب بأن تمتحن بصورة غير آدمية، امتحانات لا تراعي أدني المعايير الإنسانية قبل العلمية أو حتي القانونية ..

استعير منه هذا الوصف، لأنني أري أن كليتنا المجيدة هي أحق الكليات بهذا الشعار المعبر .. اتحدي نفسك .. أنت تتحدي العالم بأسره و ليس نفسك فقط، لتنجو من وحل الرسوب، و مرارة الملاحق، و ألم الفصام و الهوس في نهاية حياتك الجامعية ..

و اسمح لي يا عزيزي المهيس الأكبر أن استعير استعارتك لطريقة د. نبيل فاروق في كتابته لرجل المستحيل، لكنه ليس غباءً مستحيلاً كما كنت تقول، بل هو زعط مستحيل ..

في البداية احذر و بشدة، أن أي ألفاظ قد تجدونها غريبة أو غير مقبولة أو مفهومة أو بها أي شيء، استميحكم عذرًا، فالضغط أكبر من أن يحتويه لسان ..

لنبدأ ..


بداية القصيدة

كفر طبعًا .. بدأ الأمر كله هذا العام، عندما أخبرنا رؤوس القوم، و هم الدكاترة رؤساء و رئيسات الأقسام المختلفة و المتخلفة في آن – زي الغسالة أم روحين - أن النظام تغير و كل شيء حيبقي أحسن و الدنيا حتزهزه، و كالعبط صدقنا لنتلقي الصدمات واحدةً تلو الأخري ..

كانت أولي التغييرات هي إلغاء امتحان الشفوي، خير و بركة .. و استبداله بحثًا يقوم به مجموعة من الطلبة لا يزيد عددهم عن عشرة في أحد الموضوعات لتتم مناقشته و اختبار قدرات الطالب علي البحث و تنمية مهارته علي الابتكار و التقديم و الإلقاء، و إشاعة جو من العدل المتمثل في إلغاء أحد وسائل "الكوسة" المتعددة في الحياة الجامعية ألا و هي امتحان الشفوي .. جميل، أحب أنا الحكومة لما ترص أطقم الكلام زي أطقم الصيني .. كلام جميل ..

البعض توجس .. البعض رحب .. البعض انتظر ..

لكن الأكيد أن الكل قد اتزعط .. اتزعط ..

لن أتحدث عن الآخرين .. سأتحدث عن نفسي و مجموعتي في بحثيْ الأدوية و الطفيليات، دون الدخول في تفاصيل علمية أو غير علمية، لأنني بصراحة لست أود التذكر .. المهيس الأكبر كان معي و يدرك لم أقول هذا ..


الدواء فيه زعط قاتل

و كما يقول جاهين: "سهير ليالي و ياما لفيت و طفت"، فقد كلفني هذا البحث أربعة أيام متواصلة لم أنم فيها ما يكمل النصاب القانوني لحيوان منقار البط حتي في حقه في نوم طبيعي و هاديء .. أرتب و أكتب و أنسق، و أذاكر لأنني سأسأل فيه .. لا أريد أن أدعي البطولة لكنه فعلاً أرهقني .. أرهقني و قصم ظهري، و ما زاد الطين بله هو أنه كان مسبوقًا بامتحان ميدتيرم في مادة أخري قبله بيوم واحد فقط .. بعضنا حصل علي هذه المناقشة و الامتحان المذكور في نفس اليوم .. بس !

و متشحة بسواد كأنه أعماق اللابيرنث، و كظلمة جوف المينوتور، و ربما صوته، بدأ السلخ .. صرخات المعذبين تتعالي .. ترتفع .. الرحمة .. الغوث .. الـ .. إحم، الأمر ليس بهذه الدرجة، لكنه أيضًا لم يكن هينًا ..

العشرة، باسثناء اثنين، تعبوا حقًا .. بحثًا و تنقيبًا و تنقيحًا و تدريبًَا علي الإلقاء، ثم أتت الدكتورة الممتحنة لتمحو كل شيء ..

أنت تقول كلمة لتزرع في وسطها سؤالاً، و من السؤال تسألك آخر، و تسكت لتكمل أنت، فإذا بك لا تتجاوز كلمتين لتقذف بآخر .. ساعتان كاملتان، لم نأخذ حقنا إطلاقًا في أن نلقي ما لدينا، و أن نقول ما تدربنا عليه و تعبنا فيه .. باختصار أخرجتنا محطمين، رغم أننا لم نكن بهذه الدرجة من السوء ..

كانت تردد رغم هذا أنها في النهاية ستحشر في "متر في متر" و الذي هو القبر، لذا يجب أن تعاملك بالعدل و تعطيك حقك كاملاً، بكل ما لك أو عليك .. إلهي ياخدك أنت و المتر في متر بتاعك يا شيخة ..

شعرنا أننا فقدنا الثلاثين درجة التي كنا نعول عليها في أن تكون النواة التي تسند الزير، فإذا بالزير و النواة يباعا في سوق الجمعة .. الطريف أن اللجنة الممتحنة تتكون من الدكتور المشرف علي البحث، و التي لم تحضر لأنها تلقي محاضرة في نفس الوقت، و الحق أنها لم تفعل شيئًا أكثر من أنها نظرت في الورق .. آه، منظره حلو .. حطّوه ..لم تقرأ، لم تعرف أكتبنا كلامًا صحيحًا، أم هو هراء غث لا نفع فيه .. و بالإضافة إلي المشرف هناك ممتحنان .. تركنا الممتحن الأول بعد أن سب و لعن البلد التي تمنع التدخين داخل الجامعة و تنهب في المقابل مرتبه الذي بالكاد يكفي البرستيج الذي يجب أن يكون عليه باعتباره أستاذًا في الجامعة، و سب و لعن البلد الذي تحاسبه لأنه أخطأ في حق طالب و لم يعطه درجة أو درجتين، و تمنع عنه في المقابل حقه في مكافأة أو علاوة أو ما إلي ذلك .. تركنا لنواجه وحش المستنقعات هذه بمفردها لتتسلي علينا ساعتان كاملتان ..


المش "بدوده"

هذا ما كان من أمر الأدوية .. أما الطفيليات فكانت أخف، و إن لم تخل من بعض الأشياء الصغيرة ..

ترون أنني علي طول الخط "ضد"، لكن الأمر ليس بيدي .. أنا لم أجبر هذه الممتحنة أن تعذبنا بهذه الطريقة .. لم أجبر المشرفة أن تلكلك عملها بهذه الصورة .. لم أجبر الكلية أن تغير النظام للأسود – و ليس الأسوأ فقط .. أنا لم أفعل شيئًا من هذا، بل هو ما يحدث، مع الأسف الشديد ..

و حتي أثبت حسن نواياي، دعوني أقول أن المشرفة هذه المرة كانت مشرفة بحق .. تحدتث معنا، أخبرتنا عماذا يجب أن نبحث، و راجعت الورق معنا كلمة بكلمة .. كان البحث عن الديدان التي تنتقل عن طريق اللحم نصف النيئ، و كان عن الثلاثة ديدان الكلاسيكية، لكن الدكتورة المشرفة أضافت مجموعة أخري يمكن اعتبارها بشيء من التبرير المنطقي تابعة لهم، لكن مأساتنا كانت أن الدكتورة الممتحنة لم تعترف بهذا التصنيف، و إن كانت منحتنا الحق كاملاً في الحديث، حتي أنهينا المجموعة الكلاسيكية ثم أوقفتنا بعدها قائلة أن كل ما يتلو ذلك فهو خارج نطاق البحث .. الحق يقال أنها رغم ذلك لم تبخسنا حقنا و أعطتنا الدرجات التي نستحق ..

لكن ما أثار حفيظتي بالفعل هو ما قالته الدكتورة الممتحنة، عندما كنا نناقشها في هذه النقطة التي رفضتها، فقالت: "شغلكوا كويس .. لكن الظاهر إن اللي فهكموا الموضوع فهموا لكو غلط" .. كانت كأنها تتحدث إلينا، لكن الحديث كان موجهًا للمشرفة التي لم تتجاوز بأي تقدير درجة المدرس، و ما زال البون شاسع بينها و بين الأستاذ الدكتور الممتحن .. المزعج أنها كررت الجملة مرتين، و كأنها تتشفي أو ما شابه .. ل أحب ظن السوء، لأنه يشعرني بالذنب بعد ذلك، لكن طريقتها و لهجتها كانت تنم عن ذلك حقًا ..

من الغريب حقًا أن تصير العلاقة بين الأساتذة و بعضهم البعض علي هذه الصورة .. كأنهم مجموعة من الأطفال يتصيدون الأخطاء لبعضهم البعض، و يا ليتهم يفعلون ذلك و الكلية تنتج .. الكلية تنتع .. المتخرج من الكلية يحتاج ثماني سنوات أخري ليتعلم الطب علي أصوله علي يد طبيب يفهم المهنة، لأنه قضي سبع سنوات يأخذ فكرة عامة و خلفية ليس إلا ..

المهم، أن هذا ما كان من أمر الشفوي البديل، أما كان من أمر الامتحانات فله حديث آخر ..

29.1.09

و كما قال الحكيم كــتانه ..

طبعا كل واحد بيسأل نفسه مين هو كتانه و ايه اللي قاله بالظبط ... كتانه لمن لا يعرف كتانه ، و لست أعرف كيف خاف عنه كتانه .. هو هدهد سابقا ... و يسألني بعض الناس من ذا الهدهد .. فأعجب و أقول ده واحد صاحبنا في الدفعه ... كان دايما يقولنا السنه اللي فاتت الهدهد الهدهد .. و هلم هدهدا ... و السنادي جه يقولنا مرة الترمس في الكتان ... و اتكررت كلمة الكتان كتير فتحول من هدهد الى كتانه ، أما عن تسميته بالحكيم فلأنه بين الحين و الحين يقول حكما مأثورة و أقوال ... و لكني لم أكن مقتنعا بحكمته حتى حدث ما حدث و سمعته يقول قبل امتحان الفارما يقول : الفارما تاج على راس الدكاترة ، و خاذوق عند الأندر جرادويت ... و لكني شددت عزمي على أن اتفائل و دخلت امتحان الفارما يحدوني أمل و أحدوه .. و هناك ، أدركت حكمة كتانه ... و البقية تلي

4.1.09

الغباء المستحيل!

الغباء المستحيل!
ما سر الغباء المستحيل ؟
من أخترع الغباء المستحيل ؟
هل انا متخلف ؟
سؤال يطرح نفسة بشدة في الآونة الأخيرة!
هل أمثالي لا يستطيعون تحقيق ما يريدون أبدا في تلك الكلية اللعينة ؟
هل كتب عليَّ أن أعيش في أروقة "الجيد" مهما بذلت من جهد لأعتلي منصة "الامتياز"؟
كل هذه الاسئلة لن تجد الاجابة عنها في هذا العدد ،
قاتل برجلك وإيدك واسنانك في هذا العدد من "الغباء المستحيل" . . . .
************
(1) البداية

أنهيت العام الجامعي الأول في كلية طب بتقدير جيد جدا (راجع الجزء الأول العدد 1235 " النجاة من التشريح") وظننت أني قد ظلمت نفسي بعدم المذاكرة في أول عام ونظرا لأني كنت قد شغلت نفسي بألف شيء في تلك السنة فإني لم ألم إلا استهتاري ولعبي وقررت أن أقطع الكتب العام القادم أشتريت أضخم كتب التشريح للعام الثاني واخذت في مذاكرته في الصيف بهمة لا تفتر ولكن لسرعان ما فترت ،
ولكنني في هذا العام أشتركت في عدة نشاطات لها نشاطات حمضية مذيبة لعامل الوقت الذي سرعان ما تبخر بعدما ذاب !!
فكانت النتيجة الطبيعية أن أحصل على جيد في النصف الأول من العام (راجع الجزء الثاني العدد 1236 "مذبحة البايو" ) قررت "بشمللة" (مشتقة من شملول) غير عادية أن أعوض النصف الثاني ولكن على الرغم من أني ذاكرت قبل الامتحان مباشرة وأضعت كثير من الوقت قبل ذلك فإني قدد رايت أني حللت بطريقة جدية وجيدة حيث أني ذاكرت النظري جيدا جدا ولكن كانت المفاجأة الغير السارة في أني لم أعرف شيئا في اسئلة الأختيار من متعدد (راجع الجزء الثالث العدد 1237 "الأختيارات الرهيبة") وكانت النتيجة الحتمية أن أحصل على جيد كتقدير عام لجهودي المتواضعة في تلك السنة العجفاء . . . .
****
(2) الوهم المتكرر

كالعادة بدأت العام بكل أمل في الحياة وأن كثيرا من الاوائل الآن قد فعلوا ذلك بعد العام الثاني أي في العام الثالث ، فقمت بحجز كورسات عند أفضل الدكاترة وبدأت المذاكرة فورا بدون تضيع وقت في أي شيء اللهم إلا في العيد الكبير و ما يثير الحنق فعلا أنه كان عندي أمتحان بعد هذا العيد واستطيع ان أقول انني سأحصل فيه على درجة جيدة لم احصل على مثلها في أي أمتحان ذاكرت له بجدية ولكن انا "جايلك في الكلام اهه" .
الشاهد، بدأت مذاكرة بهمة لا تفتر "كالعادة" درسا بدرس ومحاضرة بمحاضرة حتى ظننت "وإن بعض الظن أثم" أني قد تحسنت عن العام الفائت واني لأظن ان عبدالرحمن يلحظ ذلك ، لكن بدات المفاجات غير السارة في التوالي ، ففي علم البكتريا وهو علم آخذ فيه درسا وراجعته وذاكرته كثيرا جدا تأتي المفاجأة غير السارة بأني أحصل على خمسة عشر من عشرين في حين تتراوح درجات الكائنات العاقلة ذات القشرة الرمادية على المخ بين 17 إلى 20 حتى من لم يذاكر منهم ، بدأ الشك (وبعض الفئران ) يلعبون في "عِبِّي " وهذا هو موضوع الفصل القادم ،
ولكن دعنا نكمل ، ساورني الشك بأني متخلف لا أكْذُبك القول ، ولكن ما أكد لي الأمر هو أمتحان العملي لنفس المادة حيث أنني ذاكرت جيدا جدا و رأيت العملي جيدا جدا وكنت أشرح لزملائي ولكن "هيهات هيهات ان يغني الحمارُ" هذا المثل من تأليفي ..
أين كنا ؟ آه الحمار ، فهيهات هيهات ان يغني الحمار أخطأت في أخطاء لا يخطؤها إلا فاشل لا يعرف شيئا في شيء (ما عدا خطأ وحيد لم أذاكره جيدا وليس هو ما يثير حنقي ) ولكن ما أثارني هو ما ذاكرته وشرحته لغيري وحللته خطأ كان هذا غباءا مستحيلا ... . .
****
(3) شك، فئران ، حبل سري وأشياء أخرى

كما قلت بدأ الشك يساور عقلي ، وبدأت كثير من الفئرات تمرح لاهية في "عبي " هل هناك سر أخفته عني أمي ؟ هل إلتف حبلي السري حول عنقي وانا اولد فمنع عني الهواء وسبب ضمورا او دمارا" لمركز حل الاسئلة" في المخ ؟
إن كان الأمر في المذاكرة فأنا أذاكر بكل طاقتي واعرف أني اذاكر أكثر من كثير من خلق الله في هذه اللعنة أقصد الكلية !!
إن كان الأمر في قوة الحفظ فأنا حفظت الكلام عن ظهر قلب !!
إن كان الأمر في الفهم ، فهذا بشهادة الجميع اكون من أكثر الفاهمين لأي محاضرة (وقت شرحها طبعا!! ) وغير هذا فإني كنت صباح هذا الامتحان المشؤوم اشرح لأقراني وافهمهم (في هذه النقطة اشبه صديقنا سكوبل) .
إن كان الأمر في للأسئلة التي أخطأت فيها فإنها كان تافهة مقارنة بما اعددت نفسي له .
إذا إين الخطاأ لا أعرف لست أجد تفسيرا الان غير شيء من ثلاثة
1- نظرية الحبل السري
2- محسود أو معمول لي عمل
3- ان الله يسلط علي هذا بذنوبي ( وهذا الأمر يؤرقني فعلا )
****
(4) الخاتمة

عرفت ان عندي غباءا مستحيلا ، وهو ظاهرة لا يمكن تفسيرها بتفسير واضح على الاقل من وجهة نظري أنا ،
هذا الكم من السخرية منبعة بحر من المرارة اللاذعة في داخلي لا اعرف كيف اصرفها ولست أستهزئ على نفسي او الكلية .
لا أعرف مذا أفعل أنا فعلا مكتئب هل اكمل في هذا الطريق وأذاكر واتحسر بعد ذلك أم اخدها من قصيرها واقضيها وأعيش الدنيا .
احتاج إلى من يشور علي براي سديد بماذا أفعل الآن ، انا فعلا في حالة من الدوخان ولا أعرف ماذا أفعل!
تمت
العدد القادم : "الموت في المشرحة"

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar