10.12.08

تخاريف خروف


ماااء .. إحم، أعني .. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .. معذرة، لكنه حكم العادة ..
بداية أحب أن أقول كل عام و أنتم بخير، و لو أنه من الغريب أن يهنئكم خروف بهذا العيد تحديدًا، لكني خروف مؤمن، و ما دمت أذبح تقربًا لله فلا مانع عندي .. في النهاية يلعب كل منا دوره في هذه الحياة ..
لكنني أعتب عليكم أيها البشر في عدة أشياء أراها منكم كل عام، و تكاد تفقأ مرارتي، هذا إن لم تكن قد فعلت من قبل .. و لنبدأ بأولها ..
أنتم تغالون في سعر بني جنسي بصورة جعلت الكثيرين هذا العام يحجمون عن الأضحية .. منذ عام واحد كان الكيلوجرام مني حيًا بسبعة عشر جنيهًا، فكيف بالله عليكم يقفز إلي سبعة و عشرين في عام واحد ؟! .. و أنا علي استعداد أن "اخزق عين التخين" من التجار أو الجزارين الذي يقولون أن العليقة و العلف قد ارتفعت أسعارهما .. ليرني أولاً هذا العلف الذي يتحدث عنه ثم ليقل ما يشاء .. أغلبنا يتغذي علي البرسيم - في أحسن الأحوال - و الغالب هو أوراق الخس الذابلة و أوراق الجرجير و خلافه من الحشائش الخصراء ثم بعض من الفول المجروش ذرًا للرماد في العيون و إسكاتًا للمعارضين من بني جنسي .. لكنها مهزلة، فضيحة، و إنني لن أصمت .. إنني أطالب بـ .. إحم، نسيت أنني لست في المجلس ..
أنتم تغالون و تبالغون حتي في تكاليف الذبح .. 80 جنيهًا أجرة ذبح الخروف .. تحت أي مسمي، و بأي منطق ؟ .. لست أدري ..
ثانيًا، هؤلاء الجزارين لا يذبحون .. إنهم يصنعون مذبحة في أول أيام العيد .. أخبروني بالله عليكم أين إحسان الذبحة - كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه و سلم - في هذا المشهد الذي تري فيه كل الخراف إخوانها تذبح أمام أعينها .. هل يتصور أحدكم أن يكون في موقف كهذا .. أخبرني إذًا ماذا سيكون شعورك ؟ .. ثم تأتون و تغضبون من أستراليا لأنها تخاف علي إخواني من المارينو من هذه التصرفات الهمجية .. الحق أنهم لا يطبقون شريعة الذبح كما أمرنا الله، لكنهم علي الأقل يحترمون هذا الكائن الذي يعطيهم لحمه ..
و بعيدًا عن المجازر الجماعية التي ترتكبونها في حقنا بهذه الصورة، فإن مشهد الشارع بعد ذلك يندي له الجبين .. دماء في كل مكان، و روث و أحشاء علي قارعة الطريق .. أي - و اعذروني، و تقبلوها مني كخروف - قذارة هذه .. كفاكم تلويثًا لأبصاركم .. كفاكم تلويثًا لأنوفكم و أحشائكم التي ضجت بالشكوي ..
ثم النقطة الثالثة هي هذه الأزمة التي تصنعونها كل عام في اللحوم .. البرازيلي أم الإثيوبي أم السوداني .. هل سنوفره في المجمعات - و ليته يتوفر أصلاً - أم سنخص به الحبايب - و هذا غالبًا ما يحدث - ؟ .. هل العيد هو اللحم فقط ؟
نعم الأضحية سنة مؤكدة، لكن هل اللحم في العيد سنة مؤكدة أيضًا، أم هو من مظاهر الاحتفال بالطعام كأغلب احتفالاتكم ؟ .. في عيد الفطر هناك الكحك، و في عاشوراء هناك البليلة، و في رأس السنة الهجرية هناك الفطير المشلتت، و في المواسم المختلفة هناك حلوي الموسم، حتي صار الاحتفال عندكم احتفالاً مطبخيًا لا إحياء لأي شيء في أي شيء اللهم إلا العصير المعدي و هرمون الجاسترين بعد سبات طويل .. مالك مستغرب ليه ؟ .. ما أنا بنقرا برضك في الطب، و لا هو حٌرم يعني ؟
من لم يضح منكم فلا بد له من شراء اللحم، و يا ليته شراء .. إنه سعار شراء .. لحم يكفيه طوال العام، "حبك له يشتريه دلوقتي" .. فلم ؟ .. هذه شئونكم فناقشوها .. أردت فقط أن ألفت انتباهكم .. علي الله تتعظوا ..
في النهاية، أرجو أن تأخذوا كلامي علي محمل الجد، و لا تعتبروه مجرد تخاريف خروف علي وشك الذهاب للقرمة في رحلة بلا عودة، و لا تنسوا أن الحكمة يمكن أن تأخذ من أفواه المجانين، فلا مانع إذن من الخراف .. ماااء .. و كل عام و أنتم بخير ..

7.12.08

العيد يورزكم ... و يورزكم هابي

مش عايز أقلكم و احشيني قد ايه و واحشاني الكتابة ع الزراير ... ياه يا شباب ، ده انا النهارده رجعت عشرين سنة لورا ، معلش اتاخرت كتير .. كان عندي ألف موضوع في دماغي بس مش عارف أكتب ... حالة كده من توقف الابداع-سامع حد من حبايبي بيقول هو كان عنجه ابداع اصلا .. يا عم فوتها اي حاجة تفرح الغلابة و ده بكره عيد- ... صحيح هي لسه موجودة بس أنا حاحاول أكسرها ... قلت أعيد عليكم ... عايزكم تأكلوا و تتمتعوا مين عارف السنه الجاية حد حيلاقي الضاني ولا لأ ... أنا سمعت ان الجمعيه العامه لحياة أفضل من أجل الخرفان بتدرس قرار هجرات جماعيه لأستراليا .. بيقولوا الدخل هنك عالي .. علف مالوش حل ، و المشكلة ان البقر بيفكر يسيبنا و يروح السودان الشقيق بعد ما الاقتصاد عندهم زهزه و نور .. فنصيحة أخوية .. افتروا ، أيون ... عايز الناس تقول عليكم اتفجعتوا ، عمركم ما شفتوا لحمة ... وبعدين يا شباب .. ياريت كده اللي يطلع نصيبه في خروف بليتين يبعتلي واحدة ... و اهو تضامن بلوجري يا اخوانا .. و انا حابعتله بدلها لحمة .. شفتوا بعد كده .. المهم بقى أنا قلت لازم تبقى عودتي أقوى من أي مرة كتبت فيها .. قلت أعمل ايه .. أعمل ايه يا واد يا انا ؟؟ قام الواد أنا قالي ما تيجي نعمل حوار صحفي ... سألته : مع مين؟ .. رد بمنتهى الثقة : هو العيد ده اسم ايه؟؟ .. ده عيد الأضحى يا عم ، رد عليا بمنتهى السرعة .. ماهو ده الغلط اللي الناس المشمثقفة اللي زيك بيقعوا فيه ، العيد ده عيد اللحمة .. قلتله و أنا محرج من نفسي : ماشي مش فاهم برضه ..
رد : يعني نعمل حوار مع اللحمة .. نعمل حوار مع كام خروف على كام معزة على بقرتين ..
أنا: فكرة والله
الواد أنا: يلا مااحنا طول عمرنا مظبطينكم و انتم ولا فاكرينا
المهم خدت نفسي و جهزت و نزلت أنا و الواد أنا و رحنا لأقرب جزار .. طلبت منه أعمل حوار صحفي .. ما رضيش ، المهم في النهاية وافق لما قلتله ان الحوار ده حيتزاع ع الراديو بعد صلاة العيد ... و انه حيبقى مشهور زيه زي عمرو دياب تمام مافيش فرق .. و كان ده أول حوار مع أول ضيف وافق انه يسجل معانا:
أنا : كل سنة و حضرتك طيب يا فندم .. معاك مراسل برنامج "هابي عيد" من القناة 378 ..
الخروف 1: يا اهلا .. نورتونا
مراته جنبه بتعدله فروته عشان افتكرتنا بتوع تلفزيون ..
أنا: يا ترى يا افندم ، حضرتك ناوي تحتفل ازاي في العيد ؟
الخروف1: و الله يا ابني أنا أصلا كنت ناوي أروح الماجيك لاند و كنت خلاص قطعت التذاكر .. بس أما عرفت ان في حفلة طرب أصيل للفنانه هيفا في لبنان ، قررت أروح أزور لبنان الشقيق ..
أنا: يا ترى راي سعادتك ايه في موضوع دبح الخرفان للعيد ؟
الخروف1: يابني بص ، هي الدنيا كده ... لازم أما تديك كتير تأخد منك أكتر .. و احنا في الكام شهر اللي قبل العيد الدنيا بتدينا كتير .. ايشي علف باللوز ، و ايشي علف سادة و نعم و خيرات و برسيم .. نقوم تدب فينا الصحة و نعرف علطول ان الدنيا لازم حتاخد مننا حاجة أغلى .. و ما فيش أغلى من الصحة غير العمر ..
أنا: بس أنا شايف ان حضرتك متزوج ، يا ترى عندك أولاد ..
ترد علي النعجة في حزن: أيوه ولد و بنت .. سبناهم عند عمتهم قبل ما يجيبونا .. أنا كان قلبي حاسس
و تبدأ في البكاء .. يربت على فروتها زوجه الخروف قائلا: يا ستس مش كده .. خليكي مؤمنة .. كل شيء قضاء و قدر

أنا: ننتقل لضيف اخر .. أهلا بحضرتك يا أستاذ
عجل: أهلا يا عمو ..
أرفع نظري للأعلى لأراه يسد عين الشمس ... و أقوله : هو انت عندك كام سنه يا حبيبي ؟؟
عجل: سنه و نص
أنا: و انت ناوي تعمل ايه في العيد ؟؟
عجل: أعمل ايه بث ... أنا ناوي أهلب
أنا: تهرب ؟؟
عجل:أيوا .. كلام بيني و بينك .. أنا حفلت نفق لو فضلت ماشي فيه حاوصل ميدان لمسيس
انا: و حتعمل ايه في ميدان رمسيس يا حبيبي ؟؟
عجل: حاعمل مظاهلة .. اسمها كلنا أطفال يا ماما
أنا: مش فاهم ..
عجل: مش ماما سوزان بتقول ان الاطفال ليهم حقوق .. و ان اللي يتعدى عليهم حيتعاقب
أنا: ايوه تمام .. و ده علاقته ايه ؟؟
عجل: علاقته ايه؟؟ هو احنا نقول بابا يقوله احلبوه ! مس أنا طفل .. أنا عايز أعيس يا عمو ، مس عايز أتدبح و يعلو بكائه
أنا: ما تخافش يا حبيبي .. ما تخافش شوف عمو جابلك ايه ..
يرفع رأسه فأناوله قطعة شوكولاته بطعم البرسيم ... يضحك بشدة و يقوللي: سكلن يا عمو

ألمح جملا من بعيد .. اتجه اليه :و نحب نرحب بضيفنا الجاي .. الجمل سفينه الصحراء
الجمل ما يبديش أي اهتمام
أنا: يا استاذ .. معاك برنامج هابي عيد من القناة 378
الجمل: انت بتكلمني ؟؟
أنا: أيوه يا افندم مش حضرتك برضه جمل .. و بيقولوا عنك سفينة الصحراء
يقولي بحرقة و نرفزة: أنا جمل أه ، لكن سفينة لأ .. أنا لانش ..
أنا: لانش؟؟
الجمل: ايوه .. ولا انتوا البني ادمين كده فاكرين نفسكم انتم بس اللي بتتطوروا
أنا: العفو يا استاذ ..و ياترى يا مستر لانش انت ناوي تعمل ايه بكره ؟
الجمل: أنا كنت بافكر أقدم اعتذار عن الشغل بكره
أنا: يعني ايه؟؟
الجمل: أصل أنا اليومين دول تعبان شويه و محتاج علاج .. و اللي حياكلني مش حيشكر فيا ، و انت عارف الواحد مالوش غير سمعته و اسمه بعد ما يموت ..
أنا: لأ .. ألف سلامه .. يا ترى عند سعادتك ايه؟
الجمل: عندي ضيق في السنمة بعيد عنك ، و ده بيأثر على مخزون الأكل عندي .. مما يسبب نحافة في الاوراك و ضمور في الريش ..
أنا: معاك حق يا افندم ... نتمنالك الشفاء ..
طب تحب حضرتك تسمع ايه معانا ؟؟
الجمل: ياريت يوم الوداع للفنان جورج وسوف .. و أحب أهديها لخطيبتي
أنا: ان شاء الله يافندم .. كل سنه و حضرتك لحمه .. اسف كل سنةو حضرتك طيب
و رجعت بيتنا و قعدت أبص ع الحوار لقيته مش اللي هو .. قلت أنا خلاص بقى أعيد عليكم و بس ، و خلي المواضيع لما الهم ترجع .. قصدي يعني الالهام يرجع .. كل سنة وانتم طيبيين .. و زي ماالعنوان بيقول .. العيد يورزكم .. و يورزكم هابي


1.12.08

جهاز ضغط و سماعة - الحلقة التاسعة


بالطبع لا يهمكم من أين تأتيكم رسائلي .. هل هي من المنزل أم من مقهي إنترنت أم من عند زميل، لكنني اليوم أحب أن أبلغكم أنني أكتب إليكم من الكلية مباشرة ..
لا أخفيكم أنني صُعقت و اندهشت - و تنحت قليلاً أيضًا - عندما شاهدت هذه الأجهزة في مكتبة الكلية .. أجهزة pentium 4 .. شاشات كريستال سائل .. وصلة نت عالية السرعة .. حاجة كده و لا بلاد برة ..
اللذيذ في الأمر أنها منحة - في الأغلب - و أنها وضعت ليستخدمها الطلبة في أعمالهم البحثية، و هذا ما يفعله البعض، لكن البعض - مثلي - يستخدمونها في أغراض أخري .. أغلبهم يجلس علي الفيس بوك، أو بلوجر، الدردشة .. يمكنك أن تعد علي أصابع يدك الواحدة عدد الذين يستخدمونه لأغراض علمية .. لكن هذا لا يهم بقدر أنه و للمرة الأولي في حياتي منذ أن وعيت علي أجهزة الكمبيوتر في مدارسنا العظيمة، أجد أجهزة رائعة كهذه متاحة للاستخدام العام دون التقيد بـ"العهدة" و هذا الكلام المقيت عن المسئولية و أن الطلبة سيخربوها و لن يجدوا حتي تلاً ليجلسوا عليه بعد التخريب و .. و ..
أنا سعيد بوجود هذه الأجهزة، و ما هذه التدوينة إلا تسجيل لهذه السعادة .. كل ما أتمناه ألا اضظر قريبًا لكتابة تدوينة أخري عن حزني لخراب أو تخريب هذه الأجهزة .. اللهم آمين ..

كان معكم من أمام جهاز عشرين في المكتبة الطابق السادس - الدائخ نمبر 1 مراسل قناة تهييسة ..

28.11.08

الذهب الأحمر - الفصل الثاني

أطلق الحاجب عقيرته مفسحًا الطريق:
- الأمير را-هيمين بن الملك با-هيب صاحب ممكلة النازوم ..
و بينما هو يتلكم، تقدم را وسط نبلاء إقليم الشمال متجهًا نحو الملك تارام، الذي مد يده علي سبيل التحية برا، فالتقطها الأخير و أنحني انحناءة خفيفة و قال:
- تحيات لك و سلام من أبي صاحب مملكة النازوم يا جلالة الملك ..
رفع تارام يد را، و رفع را معها وجهه، و أشار له بالجلوس فيما قال:
- تحيات مقبولة و سلام دائم يا سمو الأمير .. رياح خير أهلت بك علينا بكل تأكيد ..
- و هل غير الخير بين الحلفاء ؟
ثم أشار بيده إلي تابعه الذي دخل القصر معه، فانحني مستأذنًا ثم عاد بعد لحظة يتبعه عدد من الخدم يحملون صندوقًا بدا ثقيلاً، ساروا به حتي وضعوه أمام الملك، و هنا قال را:
- لو يتفضل جلالة الملك فيقبل الهدية ..
أشار الملك للخدم بسبابته أن يرفعوا الغطاء، فرفعوه ليتراجع الملك من الدهشة و الانبهار ..
هبط را تلك الدرجات القليلة التي تفصله عن الصندوق و مد يده و أخرج ما فيه لتخرج صيحات الانبهار و الإعجاب من النبلاء الحاضرين مجلس الملك ..
كان سيفًا من الذهب الخالص مرصعًا بمجموعة من أنفس ما يمكن أن يوجد من كريم الأحجار، إلا أن عظم القيمة لم يكن هو المبهر، بقدر ما كان هذا التكوين الذي كان عليه السيف، و هذه الزخرفة المعجزة علي نصله، و توزيع الأحجار عليه بصورة جعلته آية في الجمال، و التي لم تكن لتخرج إلا علي يد صانع السيوف الأول في مملكة النازوم ماف-نين ..
قدمه را قائلاً:
- من حليفكم يا جلالة الملك ..
لثانية أو اثنتين لم يتحرك تارام، إذ ألجمه الانبهار الذي أثلج صدر را، و جعله يتيقن أن الحديث و التفاوض مع الملك الآن صار أسهل .. حمل تارام السيف عن را، و بهدوء أعطاه لكاتم السر ليودعه الخزانة الملكية فيما كانت كل العيون معلقة به، بما فيها عيناه هو شخصيًا ..
مال را إلي تارام قائلاً:
- لو يأذن جلالة الملك أن أحدثه علي انفراد ..
نظر إليه تارام مخمنًا السبب، و بإشارة من يده خرج النبلاء واحدًا إثر الآخر فيما بقي كاتم السر، فنظر را إلي تارام كأنه يقول: "و هذا أيضًا جلالتك .."، فقال الملك:
- ني هو كاتم السر .. ليس هناك من اجتماع ملكي لا يحضره ..
تنحنح را و هم بالحديث لولا أن بادره تارام قائلاً:
- أري الأمر جللاً يا سمو الأمير ..
- هو كذلك حقًا .. لنقل أنه تبادل للمنافع ..
- بأي صورة ؟
اعتدل را في جلسته و أخذ نفسًا عميقًا يعينه علي الحديث ثم قال:
- لا يخفي علي جلالتكم أن الهوبوز يهجمون مرة تلو الأخري كأنما هم سيل لا ينقطع ..
و كأنما أطلق را بركانًا بداخله، قال تارام:
- بل هم جحيم لا ينقطع .. يتكاثرون كالأبالسة و يهجمون كالشياطين .. عليهم لعنات الآباء و الأجداد إلي يوم يفنون ..
شعر را بالراحة من حديث الملك إذ أحس بصدق توقعات والده، و أن تارام لن يستغرق وقتًا طويلاً حتي يوافق ..
قال را:
- نحن أيضًا نعاني من هجمات الهوبوز .. لذلك نعرض صفقة مربحة لكلينا .. فيلق من جيش جلالتكم و فيلق من جيشنا بقيادة مشتركة و تمويل مشترك .. و عرض تجاري مغر أيضًا ..
لم يتحدث تارام، بل أخذ يداعب ذقنه بطرف سبابته، ثم قال:
- سأتحدث بصراحة يا سمو الأمير .. إن كلمة دمج فيلقين لهي كلمة صيغت بذكاء .. فيالقنا مائة ألف راجل و خمسون ألف فارس .. فيالقكم نصف هذا العدد .. ألا تري أنكم تأخذون منا رجالاً بأكثر مما تعطون ؟
- و لهذا نقدم عرضًا تجاريًا ..
- و ما هو ؟
- إقليم الشمال فقير في الأخشاب، و تستوردون معظم احتياجاتكم من الخارج .. سنوفر لكم الأخشاب بثلاثمائة كرونك للكانو، أي ما يوازي خمسمائة بولدو، و هو أقل من نصف ما يمكن أن تدفعوه في أي صفقة تعقدونها ..
قام تارام عن مجلسه و ذرع المجلس ذهابًا و إيابًا، و قد منع را أن يقف لوقوفه، و بعد لحظات قال:
- عرض مغر، و أنا موافق ..
شعر را بقلبه يخفق بعنف خفقة ارتج لها جسده قبل أن يستعيد رباطة جأشه .. شعر بسعادة لأن نجاحه كان بهذه السهولة و من المرة الأولي، و الذي يبدو أنه جاء هكذا فقط لأن تارام قد انكوي بنار الهوبوز حتي احترق، و أنه في حاجة فعلية للمدد ..
- و لكن ..
قالها تارام ليهبط قلب را في قدميه، ثم تابع:
- و لكن لدي عرض أفضل من صفقة الأخشاب ..
لم يتوقع أن يعرض تارام صفقة بديلة، و ليس لديه معلومات تمكنه من أن يفاوض بصورة مربحة، لكنه انتظر حتي يعلن تارام عرضه، ثم يفكر كيف المخرج ..
- و ما هو يا جلالة الملك ؟
- إنه عرض زواج .. موافق شريطة أن تتزوج أنت من ابنتي كارين ..
و أسقط في يده ..

عصفور

عصفور
أنا كل يوم أصبح ..
على ..
صوت عصفور .
ينادي ...
كل يوم ... خله .
ويناجي ...
في الهوى ... ضله .
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
***
عصفوري ...
كل يوم ... يبحث ..
عن الأسباب .
وخيال مقاتة ..
مقيت ..
يمقت الأغراب .
يكره قلوب الطير ..
ويفرق الأحباب.
واللي يقفشة بيعشق ...
ينهي حياته بعار .
***
وانا كل يوم أصبح
على صوت عصفور ..
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
***
عصفوري ..
كل يوم .. يهاتي ..
في جوف ليله .
صاحي ..
يمرن ..
في الغزل .. ديله .
عشان ما يصبح ..
واقف على حيله ..
يبحث من جديد .
ويشكي لربه قلة الأعمار.
***
وانا كل يوم أصبح
على صوت عصفور ..
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
****
عصفوري..
كل يوم...
يطارده الخيال.
يجري .. ويهرب .. وعارف ...
إن هربه .. محال .
لكن في عز الهرب ..
قلبه اضطرب .....
وقف ينادي ..
يمكن ..
تسمع الموال .
ودايما فاكرها ..
مهما طاردته أخطار ..
***
وانا كل يوم أصبح
على صوت عصفور ..
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
***
عصفوري ..
يوم سمعته .. خلته ..
وردت .
معرفش هوه ..
إن كانت ..
قبلته ..
ولا .. ليه ..
صدت .
خاف يطير إليها ..
ليجلب سيء الاخبار .
***
وانا كل يوم أصبح
على صوت عصفور ..
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
***
بكى الصغير من الفزع ..
لكن في النهاية ..
نفض خوفه من رفضها ..
واندفع .
في نص الطريق ..
شخط الخيال ..
مين هناك ..
طارت بعيد ..
سقط الصغير من الجزع ..
منهار !
***
وانا كل يوم أصبح
على صوت عصفور ..
يبتدي نهاره بشوق ...
ينتهي نهاره بنار .
***
وأنا كنت فاكر ..
إن .. أنا ..
أجدع .
وكل يوم .. أنادي ..
بصوت مغرور .
لكن ما لقيت حبيب ..
يسمع .
والتقيتني .. أنا .. العصفور !
أنادي كل يوم ... خلي .
واناجي في الهوى .. ضلي .
أبتدي نهاري .. بشوق ..
ينتهي نهاري بنار .
عبدالرحمن كمال
12 نوفمبر 2008

23.11.08

بلد الدخان الهابط إلي أسفل - الفصل الرابع/الجزء الثاني


الفصل الرابع - عسل و علقم

تمطأ محمود متثاءبًا بعنف، فليلته كانت مرهقة رغم كل ما فيها .. نظر بجانبه فلم يجد سامية .. أطلق أنفه فاشتمت رائحة بيض يُقلي، فقال و قد بدا الضيق علي وجهه:
- ليه كده يا سمسم .. قلت لك بحبه مسلوق ..
تمطأ مرة ثانية و هو يقوم عن السرير مرتديًا "الشبشب أبو وردة"، الذي اشتراه هكذا خصيصًا ليذكره بوالده، الذي لطالما صنع لوحات مميزة بهذا الشبشب في أماكن متفرقة من جسده يعتبر قفاه أخفها وطأة و أكثرها مناسبة للذكر، و رغم هذا فلم يكنّ له إلا كل الحب، بالرغم من عنفه الذي يقول عنه دومًا "العنف الحنون"، الذي كان بالفعل يعبر عن عاطفة ليس لها حدود ..
فرك عيناه محاولاً استيضاح ملامح الحجرة التي كانت تموج في ضباب النوم و الصباح و عماص عينه الذي يكفي لصنع تمثال بالحجم الطبيعي لفيل إفريقي ! .. وصل إلي المطبخ قائلاً وسط تثاؤبه:
- صباح الخير يا سامية .. إزيك ؟
التفت إليه التفاتة سريعة عادت بعدها إلي صينية "حلاوة الدقيق" التي كانت تصنعها قبل أن ترد:
- صباح النور يا حبيبي .. نمت كويس ؟
قطعت تثاؤبه ضحكة خرجت كأنها طلقة من مسدسه الميري، و قال:
- بمب .. ما نمتش أحسن من كده من اتنين و أربعين سنة ..
ظهرت علي وجهها حمرة الخجل، و غيرت الموضوع بسرعة قائلة:
- تحب الشاي علي طول و لا بعد الفطار ؟
- لا بعد الفطار .. النهار ده نوبتجيتي بليل .. الوقت معانا براح ..
تركها و دخل الحمام ليتوضأ ثم يصلي، بينما ركزت انتباهها كله في إعداد الإفطار، و إن لم تستطع أن تحول فكرها عما حدث في الفترة السابقة .. هي تعلم أن زواجها لم و لن يكون عاديًا، فهي تشعر دومًا أنها تزوجت بقتل خميس .. تشعر أنها تزوجت محمود لتقتل به خميس، رغم أنه لا أحد من حقه أن يحاسبها علي طموحاتها في أن تتزوج من شخص تشعر معه أنها تشرفت بالزواج منه .. ثم إن عيد زواجها ارتبط للأبد بوفاته .. حتي و هو يموت لم يشأ أن يتركها .. يا للأقدار !
بدأت في تحويل الأطباق إلي طاولة الطعام شاعرة بوقع أقدام محمود خلفها، الذي جلس علي المائدة في انتظارها، ليبدأ في وضع أول لقمة في فيه بعد أن جلست، لكنها كانت لقمة لم تكتب له، إذ رن جرس الهاتف قاطعًا الصمت و الشاعرية بصورة مزعجة جعلته يتأفف و هو يقوم ليرد علي الهاتف، و قد منع سامية من أن ترد عليه، إذ شعر بالخطورة من وراءه، واضعًا في ذهنه أن مصيبة قد حدثت في العمل، و هو و إن أصاب في أنها مصيبة، لكنه أخطأ في المكان ..
لم يكد يرفع السماعة حتي أتته صرخة انتفض لها، و انتفضت لانتفاضته سامية، قبل أن يستجمع نفسه و يتكلم:
- مين معايا ؟
- محمود .. الحقني يا محمود ..
و أكملت المتحدثة الصراخ قبل أن يسألها:
- فيه إيه يا درية ؟ إنتي بتولدي ..
- الواد حينزل .. شعبان في الشغل و قافل الموبايل .. آه ..
- أنا جاي حالاً .. امسكي نفسك ..
وضع السماعة متجهًا كالطلقة إلي حجرته ليرتدي ملابسه قائلاً:
- أختك بتولد .. البسي بسرعة ..
تراجعت سامية كأنما صدمها الخبر الذي جاء علي حين غرة، إذ كانت درية في منتصف الشهر السابع، لذا كانت ولادتها مفاجئة بحق، لكنها انتشلت نفسها من صدمتها و ذهبت من فورها لترتدي ملابسها علي عجل في حين كان محمود قد انتهي من ارتداء حذائه، و لما وجدها ستأخره قال:
- ابقي حصليني .. البنية بتتقطع هناك ..
و انطلق من فوره ناهبًا درجات السلم فيما تعجلت هي في ارتداء ملابسها لتلحق به و تركب معه السيارة، التي كان التعبير الأدق لوصفها هو أنها "تطير طيرانًا منخفضًا" ..
و رغم أن منزله يقع في الشاطبي، و منزل درية في سبورتنج، إلا إنه استطاع - ربما لأن الوقت كان مبكرًا بما يكفي - أن يصل في عشر دقائق لم تتخط بالتأكيد حاجز الخمسة عشر .. كان يلهث من فرط الانفعال، إذ جاءه صراخ درية مريعًا ينبئ عن آلام شديدة لا تحتمل، لذا كان يتحرك كأنما وصل بمولد كهربي، و لذا استطاع أن ينزل بها من شقتها في الطابق السادس إلي سيارته التي ترك سامية فيها في أقل من عشر دقائق لينطلق مرة أخري إلي الشاطبي حيث مستشفي الأطفال الأشهر في الإسكندرية ..
و خلال الطريق لم تكف سامية عن طلب شعبان علي الهاتف المحمول الذي كأنما يتعمد توريطهم فيصر علي أن يظل مغلقًا، لكنه تفضل بعد عذاب و سُعُر أن يدوي بجرس لم يطل ليأتي بعده صوت شعبان:
- السلام عليكم ..
- و عليكم السلام .. سيب اللي في إيدك و حصلنا علي الشاطبي .. درية بتولد ..
جاءه صراخ درية الأسطوري ليجعله ينتبه إلي أن الأمر أخطر من مجرد ولادة مبكرة، إذ تبدو مبكرة و متعسرة تعسر رجال الأعمال في سداد ديونهم للبنوك، و هو ما جعله يرد باقتضاب لا يخلو من توتر:
- أنا جاي حالاً .. كلموا الدكتور عبد الفتاح ..
لم يكن هناك جدوي فعلية من هذه التوصية، إذ قام محمود بالفعل بالاتصال بالدكتور عبد الفتاح صالح طبيب أمراض النساء و التوليد و الذي يعمل في مستشفي الشاطبي، و هو الذي خرج محمود و محمد شعبان للنور علي يديه، و قد تولدت ألفة و ما يشبه الصداقة بينه و بين شعبان و درية، ما جعله أول من يتبادر إلي ذهنه - شعبان - عندما علم أن زوجته ستلد و أنها في طريقها لمستشفي الشاطبي ..
عبر محمود بوابة المستشفي و قد أغلق الخط مع عبد الفتاح لتوه، و الذي أخبره أنه متواجد في العيادة الخارجية، لكنه سيأتي حالاً لعنبر الولادة ليري درية، التي لم تكف عن الصراخ لحظة، و كأن الطفل علي عنق الرحم أو قد خرج بالفعل ..
فيما هي داخلة راقدة علي "التروللي" قابل محمود و سامية سعد، والدها، و رغم أن الموقف لا يحتمل التوقف للدهشة، إلا أنهما بالفعل لم يتمالكا نفسيهما، خصوصًا و أنه لا درية قد اتصلت به تخبره بأنها تلد، و لا شعبان قد فعل، لكنهما تجاوزا هذه النقطة سريعًا عندما رأيا عبد الفتاح مرتديًا زي العمليات منتظرًا درية التي كانت هي الأخري تطير طيرانًا منخفضًا ..
- أهلاً و سهلاً يا عمي .. أخبارك إيه ..
- طمني يا بني الأول .. درية كويسة ..
- إن شاء الله حتبقي كويسة يا بابا .. دكتور عبد الفتاح هو اللي حيولدها ..
لم يجب والدها أو يرد بشيء، بل نظر بشيء من القلق - الغريب بالنسبة لثالث ولادة - نحو الباب الزجاجي الكبير "وحدة العمليات .. ممنوع الدخول لغير العاملين" ..
- بس غريبة يا عمي إنك جيت مع إن ما حدش قال لك ..
- إيش أدراك ..
جاء رده غريبًا ساهمًا و نظرة شرود تصبغ عينيه، فلم يشأ محمود أو سامية أن يعاودا الحديث - رغم قلقهما - منتظرين خروج درية بالسلامة، أو خروج الطبيب مبتسمًا تلك الابتسامة العذبة التي تجعلك تطمئن له من أول نظرة ..
و بينما الترقب و القلق كأنهما رداءان قد كسوا ثلاثتهم من أعلاهم لأسفلهم، إذا بصرخة تشق طول الوحدة، كأنها تصدر من حلق شاب في العشرين لا من طفل في أول ثلاثين ثانية من حياته .. !
و كأنما هو جبل كان علي صدر سعد، تنفس والدها الصعداء و هو يري عبد الفتاح يخرج كأن البدر قد أضاء وجهه، و هو يقول:
- أنتوا أكلتوا عليّ حلاوة القمرين اللي فاتوا .. بس القمر ده مش حاسيب حقي فيه .. مبارك عليكم جميعًا ..
- و درية ؟
- بمب .. بسم الله ما شاء الله يا حاج بنتك حمالة قسيّة .. رغم إن الولادة متعسرة و قبل ميعادها لكن الحمد لله قدرنا نخلصها كلها طبيعي من غير فتح ..
و استئذن في الانصراف لكنه رجع ليقول:
- بالمناسبة .. طبعًا الولد ابن ستة و نص، لذا لازم حيقعد في الحضّانة شوية ..نصيحة شوفوا له مكان تاني لأن المستشفي هنا ما تسرش لا عدو و لا حبيب .. و بالمناسبة، تقدروا تشوفوا مدام درية لما يبلغوكوا إنها وصلت العنبر ..
- إن شاء الله يا دكتور .. ألف شكر ..
و انصرف، فيما توجه الثلاثة نحو شعبان الذي أتي جريًا فيما يبدو من لهاثه و كان أول سؤال:
- إيه الأخبار ؟ .. طمنوني ..
- التالتة تابتة يا حلو ..
قالها محمود و هو يشد علي يد شعبان الذي اتسعت ابتسامته، و ما هي إلا قمة جبل الثلج الذي يرقص في داخله سعادة و فرحة، لكنه سرعان ما ارتسمت علي وجهه علامات القلق و هو يسأل:
- و درية ؟ .. دول ست شهور و نص ..
- دكتور عبد الفتاح بيقول إنها كويسة، و كلها شوية التعب بتاع الولادة و تبقي كويسة .. لما يبلغونا إنها وصلت العنبر نقدر نشوفها ..
أتاهم سعد الذي كان يسأل عن وحدة المبتسرين، و التي قادهم إليها ليروا الطفل الذي أخذ شهرين و نصف علاوة علي عمره بمجيئه المبكر هذا !
بينما هم في الطريق همس محمود في أذن سامية:
- أبوكي ماله ؟ .. في حاجة مش طبيعية ..
- مش عارفة، بس أكيد حنعرف .. أبويا ما بيعرفشي يخبي كتير ..
في الوقت نفسه كان حديث هامس بين سعد و شعبان:
- بص يا بني .. عاوز تشوف لي الولد علي كتفه اليمين من ورا وحمة حمرا و لا لأ ..
- هو علي ضهره وحمة ؟
- علمي علمك .. أنا أصلاً ما شفتوش .. بس بص عليه و قل لي، يطمن قلبك ربنا ..
لم يرد، لكنه هز كتفه بمعني "عجبًا"، لكن "عجبا" الحقيقة ارتسمت علي وجهه عندما خرج من وحدة المبتسرين ليطمأنهم ..
قال:
- عرفت منين يا عمي ؟
- يعني موجودة ..
- أيوه .. بس مادام ما شفتوش، عرفت منين ؟
- هو إيه ده اللي عرفه منين ؟ .. ما تفكوا الألغاز دية ..
قالتها سامية و هي محتارة فيما يقوله كلاهما، لكن حيرتها تلاشت مع تعبير الهلع الذي ارتسم علي وجهها و هي تري والدها يقع مغشيًا عليه بين يديها ..
***
يمكنك أن تعرف أين زكريا إذا عرفت في أي يوم من أيام الأسبوع أنت و في أي ساعة، لأنه يسير علي جدول دقيق كأنه التزام عسكري بالنسبة له، و ما دام اليوم هو الاثنين و الوقت ظهرًا، لذا يمكننا التخمين بأنه آت من "العامود" بعد أن زار والدته و ذاهب إلي عيادته في كفر عبده ..
كان يزورها كل اثنين في تلك الأيام الخوالي التي كانت فيها بيننا علي الأرض، و عندما اختارها الله لينتهي أجلها منذ ثلاث سنوات ظل محافظًا علي نفس الموعد من كل أسبوع، لكن مع تغيير مكان الزيارة ليس إلا .. و رغم أنها سنوات ثلاث، إلا أنك تستطيع أن تكتشف بسهولة أنه لم ينسها و لن ينساها .. هناك دومًا هذه الدمعة التي تجري و تفر بالرغم منه كلما زار قبرها، و التي تجبره أن يرتدي نظارة شمسية حتي لا يري أحد ما يجري، لأنه في النهاية خجل يمشي علي قدمين، أو لنكن أدق انطواء يمشي علي قدمين ..
شق صدور المئات، و حاضر أمام الآلاف، و سافر بلدانًا لم يعد يحصي أسماءها من كثرتها، لكنك ببساطة تستطيع أن تؤكد أنه منطوٍ، لا يحب الحديث كثيرًا عما بداخله، بل لا يحبه إطلاقًا إلا في أضيق الحدود، و إذا تحدث فبأعقد ألفاظ الضاد و أشد تراكيبها غموضًا .. عندما كان شابًا في بداية حياته الجامعية و مع انبهاره باللغة اللاتينية قرر أن يتعلمها، و قد فعلها و أصبح يحمل شهادة معتمدة بإجادته لللاتينية .. الغريب أنه لم يفعل هذا لشيء إلا لـ "يبعبع" بما في جوفه - علي حد تعبيره - دون أن يفهمه أحد ..
ركن سيارته بسهولة، فهو لا يخشي ألا يجد مكانًا، لأنه محفوظ في هذا المرأب أسفل البناية التي فيها عيادته .. أغلق كل شيء، بما فيه لطيفة التي كانت تصدح "حبك عادي" و صعد و ما زال اللحن يتردد في أذنه مع صفيره المنتظم .. هو و محمود مشهود لهما بالأذن التي تعشق الموسيقي، فهو بمفرده يمتلك مكتبة من الموسيقي الصافية التي قلما تجدها عند أي أحد، و ليس ينافسه في هذا سوي محمود، الذي وجد معه في الشبكة العنكبوتية كنزًا عملاقًا بكل ما تحمله الكلمة من معني ..
صعد الدرجات القليلة إلي الطابق الخامس بخفة متحمسة، و دخل مباشرة إلي حجرته من باب جانبي يوصله بها دون أن يمر بالمرضي و ازدحامهم، كي يظل حتي أول مريض صافي الذهن، ما لم يعكر صفوه شيء من البداية قبل أن يأتي العيادة، و حتي في هذه الحالة، فهو يقلل احتمالية زيادة توتره بابتعاده عن الاحتكاك معهم قبل أن يبدأ العمل .. خلع معطفه و وضعه في مكانه فيما امتدت يسراه لتضغط زرًا في المكتب أتي حنفي علي إثره فبادره قائلاً:
- السلام عليكم يا رئيس باشتمرجية إسكندرية .. ها، إيه الأخبار ؟
- و عليكم السلام .. نحمده يا دكتور ..
- في حد بره ؟
- لسه الحجوزات ما جتش .. بس في مدام كبيرة و آنسة صغيرة بيقولوا إنهم واخدين ميعاد من حضرتك بس مش لاقي اسمهم في الأجندة عندي ..
- اسمها إيه ؟
- مدام إنعام يا فندم ..
قطّب حاجبيه محاولاً تذكر الاسم، فبادره حنفي ببقيته:
- مدام إنعام السويركي ..
قال و كأنما يتذكر الاسم من مجاهل كالهاري:
- يااه .. دخلها طبعًا ..
تحدثت إليه في لحظة منسية من عمره و هو يوشك أن يدخل في سبات عميق، لذلك لم يكن غريبًا أن يطير الاسم من رأسه، و ربما لولا "السويركي" هذه لما تذكرها أصلاً، هذا بالإضافة إلي أنها اتصلت يوم الخميس، و قد مر يومي السبت و الأحد دون أن تأتي، و هذا ما أطارها فعليًا من رأسه ..
دخلا بينما كان منهمكًا في بعض الأوراق الخاصة بالجامعة، و عندما نطقا التحية رفع رأسه كي يرد:
- و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. اتفضلوا ..
لكنه في الواقع استغرق وقتًا أطول من اللازم كي يفيق من الصدمة التي تلقاها لتوه عندما نظر إليهما، فقد وجد سيدة في الخمسين أو هي تقترب من الستين من عمرها، وقور و تبدو عليها سمات الارستقراطية، و وجد أن الآنسة الصغيرة هي بعينها سارة ! ..
استغرق وقتًا جعل حملقته تثير الدهشة و الشك، و لولا أنه تمالك نفسه و عاود النظر إلي الأوراق قائلاً:
- ثواني و أكون معاكم ..
لوقع في مأزق حقيقي ..
كان ما تبادر إلي ذهنه لحظتها هو هل تتذكر هي شيئًا، و إن تذكرت، فكيف ستكون المعاملة ؟ .. أنهي ما في يده من أوراق، و إن كان لم يضع فيها نقطة حبر، بل اتخذها ذريعة ليستعيد رباطة جأشه التي انحلت و تبعثر معها توازنه، ففي النهاية لم يتوقع أن يصطدم بها بعد هذه الفترة البسيطة، بل لم يتوقع أن يصطدم بها علي الإطلاق ..
تنحنح ثم قال:
- آسف علي الانتظار، بس شوية أوراق لازم تخلص قبل ما أنساها .. أهلا بيكي يا افندم ..
- الله يخليك، و آسفة علي إزعاجي لحضرتك يوم الخميس، بس كنت فاكراك إجازة زي كل الدكاترة ..
- و لا يهمك، لو محتاجاني في أي وقت .. علي الرحب و السعة دايمًا ..
- الله يخليك ..
أزاح الأوراق جانبًا و أخرج مفكرة صغيرة، أتي فيها علي أول صفحة بيضاء و كتب التاريخ و الاسم بسرعة فيما سألها:
- ها، قول لي يا ستي .. خير إن شاء الله ؟
- حكم السن بقي يا دكتور ..
- ما تقوليش كده .. أنتي لسه شباب ..
كان يحاول جاهدًا أن يركز في ما تقوله حتي يعطي تشخيصًا صحيحًا، رغم أن سارة الجالسة أمامه كانت كالمواد الكاوية، تجعله في حالة عدم استقرار، و كلما التقط كلمة مفتاحية في التشخيص ليكتبها في مفكرته إذا بها تطير منه، و بالكاد استطاع أن يجمع ما يستطيع به أن يعطي تشخيصًا سليمًا، و هو بالطبع يوقن أنه فقط الكثير أثناء شروده و عدم تركيزه هذا ..
كانت تعاني من ضيق كلاسيكي في الشرايين التاجية، و حسب وصفها، فإن الحل الأمثل لها هو جراحة ترقيع للشريان المصاب، و الذي ضُج بالشكوي التي طالت ..
قال:
- حضرتك استشرتي دكتور قبل كده، أو دخلتي مستشفي نتيجة نوبة من نوبات التعب الشديدة دي قبل كده ؟
- لا .. هي في الفترة الأخير بقت عنيفة، و ما بقتشي أقدر أعمل مجهود زي ربع الأول حتي، لكن قبل كده .. لا، ما رحتش لحد .. هي الحالة خطيرة و لا إيه ؟
تراجع في مقعده استعدادًا لشرح قد يطول:
- لا لا، بسيطة إن شاء الله .. حضرتك عارفة طبعًا إن الـ ..
و بدأ في إلقاء محاضرة مصغرة عن القلب و الشرايين التاجية، و كيف أن أحد الشرايين نتيجة الضغط المرتفع أو مرض السكر المصابة بهما قد ضاق تجويفه و لم يعد يمد القلب بما يكفي من غذاء، ما يجعله لا يتحمل أي مجهود زائد، و كلما تقدم الأمر زاد الضيق، و قد يصل للإنغلاق الكامل الذي قد يتسبب في النهاية في ذبحة صدرية و موت جزء من عضلة القلب ..
- و علشان نتأكد، حاطلب من حضرتك فحوصات بسيطة و أشعة تعمليها، و علي أساسها نقرر حنعمل إيه إن شاء المولي ..
- و لازم آجي ؟
- بالتحاليل ؟ ... لا لا، ممكن أي حد يجيبهم .. لكن ممكن طبعًا أطلبك مرة تانية اتآنس بيكي و افحصك بناءً علي اللي النتايج و نقرر حنعمل إيه إن شاء الله ..
- ألف شكر يا دكتور .. و آسفة علي تعبك ..
- أنتوا جايين من عند الحبايب .. محمود ده عشرة عمر .. ابقي وصلي له السلام ..
- إن شاء الله .. استئذن أنا ..
- اتفضلي ..
و فيما هما خارجتان شعر بالدهشة، إذ لم تتفوه سارة بكلمة، بل كانت تنتقل بنظراتها بين والدتها و بينه و تومئ هنا و هناك، أو تحملق فيه و هو يتحدث كأنها تحاول التركيز، لكنها لم تتفوه بكلمة، و لا حتي التحية، دخولاً أو خروجًا، لكن دهشته لم تكن بالتأكيد هي الشعور الوحيد الذي اكتنفه ..
شعر بالحيرة أمام تخبطه و صدمته، و لماذا فعل فيه مرآها كل هذا رغم أنه موقف عابر و مخجل لو أردنا التعبير الأوقع و الأصدق .. هل أحبها ؟ لا، دعونا لا نبالغ، لنقل هل أعجب بها ؟ .. و ما هو هذا الموقف الذي حدث حتي يشعل فتيل مثل هذا الشعور ؟
وصل تفكيره لهذه النقطة فابتسم ابتسامة ساخرة و قال:
- منك لله يا سمعة .. كله منك .. ما كنت دخلت الحمام التاني علي طول .. لازم الخوتة يعني ؟
دخل حنفي ليخبره أن المرضي بدأوا في التوافد، ففرقع رقبته و قال:
- يالا يا وحش .. استعنا ع الشقا بالله ..
و بدأ يومًا آخر من أيامه التي يتصل فيها الكشف حتي يقضم ظهره ..
***


17.11.08

بالإجبار


اكتشفت مؤخرًا أن نصف ما فعلته أو أفعله في حياتي هو بالإجبار، و أن النصف الآخر بالاضطرار .. أما ما اختاره فعلاً فهو هل أُجبر أم اُضطر ؟!
أنا هنا لا أناقش قضية هل الإنسان مخير أم مسير، فهي أعقد و أكبر من أن تحتويها تدوينة، خاصة لو كانت المدونة باسم تهييسة .. لكنه مجرد رصد .. كشف حال تمغة كما يقولون و لو أني لا أدري ما دخل التمغة في الموضوع ..
أول ما اجبرت عليه هو أنني ولدت لأبي و أمي، و الحق أقول هو أنني - لو وهبت الاختيار - لكان لي شأن آخر، لكنه شيء بالإجبار .. ثم إنني - وهذه حقيقة لا ألوي عنقها - دفعت دفعًا كي أصبح بدينًا علي طريقة "سيب الواد يتغذي .. ده لسه صغير"، و هو ما أوصلني للمعاناة بأن أصبح علي شفا حفرة من مرض السكر و ارتفاع الضغط المزمن و تصلب الشرايين - و لست أبالغ - و لم أزل بعد تحت العشرين ..
و ماذا بعد ؟ .. تسلسل أحداث حياتي لا أستطيع أن أصفه بأنه كان بالإجبار أو الاضطرار لحظة الحدث، لكنني اكتشف بعد فترة أنه لم يكن من الممكن ألا أفعل سوي هذا .. مدرستي الابتدائية التي التحقت بها، لم التحق بها إلا لسببين ليس لي فيهما يد .. أن أخي قد التحق بها، و بهذا أكون معه في نفس المدرسة، و أنها قريبة من منزلنا .. و رغم أنها ليست بهذا السوء، لكنها أيضًا لم تكن بهذا الحسن ..
و حتي لا أكون ظالمًا أو متجنيًا، أو سوداويًا، فليس الأمر كله فوق أم رأسي كالمطارق، بل إن بعضه لو لم يكن بالإجبار لما استطعت أن استمر، و أبسط مثال هو ما تقرأونه الآن .. أنا لم اختر أن أوهب القدرة علي الكتابة، لكنني أًعطيتها و لولاها حقًا "لطغشقت من زمان" ..

و بعيدًا عن قصة حياتي البائسة التي لا تهم الكثيرين، لأن كل منا فيه ما يكفيه، فلتر ما حولك لتكتشف هذا ..
صناديق القمامة التي لا تجدها - و يا عجبًا - إلا مع الكناسين ساعة تجميع القمامة، و أين كانت من قبل ؟ .. لست تدري و لن تدري، و تجد أنك مجبر أن تكون "معفنًا" و تلقي القمامة في عرض الطريق - في أحسن الأحوال - بدلاً من أن ينقلب منزلك إلي مقلب ..
إشارات المرور التي لا يحترمها أحد لتجد أن السائقين يسابقونك باعتبارك - و هذه حقيقة علمية اكتشفتهتها العبقرية المصرية - أسرع من السيارة بنسبة 1 إلي 25 .. تجد نفسك مجبرًا أن تعبر الطريق في مسارات حلزونية كالدجاجة الدائخة التي يجري ورائها الفرارجي بالساطور ..
الطاخ طاخ طك طك طك طك طك المتواصلة طوال النهار من جيرانك الذين يصلحون سباكة الحمام إلي البناية التي سترتفع لتسد عنك الماء و الهواء و النور و .. و ..
أنت مجبر هنا و مجبر هناك و مجبر هنالك و مجبر في كل ظروف المكان التي تعرفها في اللغة العربية .. هل اخترت مما سبق شيء ؟ .. هل اخترت أن تصبح "معفنًا" بمعني الكلمة ؟ .. هل اخترت أن تجري في الشارع كالأبله ؟ .. هل اخترت أن تصرخ ؟
أنت مجبر علي نصف أفعالك و مضطر في النصف الآخر، و لن تكون مخيرًا - صدقني - إلا إذا أوجدت لحياتك نصفًا ثالثًا ..

13.11.08

انتخبـــــــــوني

أنا مرشح عن و من الشعب
حكيم و ف عز شبابي
زيكم عايش في الغلب
و ادي برنامجي الانتخابي

حاخلي التعليم ببلاش
و حاشغل العاطلين
و كمان حاخلي اللحمة
تنزل ضمن التموين

و حاخلي الدولة تدي
لعيالكم المصروف
و لكل محدود دخل
في عيد الأضحى خروف

و حاعدل في الدستور
و حأخلص ع الفساد
و حاكشف المستور
حأظهر الحق يا ولاد

و جوازكم بكره يكون
على نفقة الدولة
و علاجكم برضه كمان
ما انتم من غيركم أولى

و لكل شاب شقة
ف قلب العاصمة
حيعمل ديكورها مهندس
على احدث الانظمة

حنحدث القطورات
و ننهض بالنقل العام
و حاخلى الاتوبيس
زي التاكسي تمام

حاخلي الركوب مجاني
و لكل مواطن كرسيه
و ما عادش حد يعاني
و لا توجعه رجليه

حاخلي العدس أبو جبة
الكيلو بربع جنيه
أما العدس العريان
فحتاخدوا فلوس عليه

حندعم الفلاح
و نرخص المبيدات
حنخليه ف الزرعة الواحدة
يكسب الألوفات

أما العامل ف المصنع
حنشيله جوه عنينا
و أكله و نومه و شربه
و لبسه كمان علينا

أما التاجر فبراحته
ما احنا حنلغي الضرايب
ده نظام مش جايب همه
فاشل من يومه و خايب

أما بناة بلدنا
أصحاب الأعمال الحرة
حيعيشوا ف نغنغه
و حينسوا العيشه المرة

و باذن الله حكومتي
حتعمل شبكة محمول
ببلاش عشان خاطر
تتكلموا على طول

عيالكم حيبقوا مشاهير
و حيلعبوا في الزمالك
و ان زهق عنده الأهلي
و المصري ان عاز يشارك

و هنكسب كاس العالم
أما في الاولومبياد
فمن كتر ميدالياتنا
حنخزنهم ف استاد

حنبقى دولة عظمى
و حيبقى عندنا نووي
و اللي يعوز خدمه
حيلاقي حضني أبوي

أنتخبوا حبيبكم مرشح
جلاد قاسي فراج
و ان كنتش تعرف تقرا
علم على الكرباج


*بقلم/أحمد حبيبة

7.11.08

مدرسة ........ العسكرية للفائقين




هذا الفيديو التقطه أحد زملائي عندما كنا في الصف الثالث الثانوي .. كانت الفسحة و كانت مسخرة
و سلم لي ع التعليم

و للسادة أعداء الفلاش بلاير
نزلوه من هنا و اخلصوا

31.10.08

هلوسة

- طالب الطب: المجنون الوحيد الذي يلبس بدلة المجانين من الخلف !

- الممارسة الطبية في مصر: لا تختلف كثيرًا عن شغل التلات ورقات

- أساء الكثيرون فهم مقصد الحكومة من دمج علف الحيوانات في الدقيق الذي يدخل في تكوين الخبز المدعم .. هي فقط أرادت أن تجعل الشعب "عفي زي الحصنة" !

- الزواج: عند البعض عن حب، و عند البعض لاستكمال نصف الدين، و عند البعض رضوخًا لمطلب الأهل، و عند البعض اضطراريًا قبل انتهاء فترة الصلاحية !

- كانت بأربعين قرشًا، ثم أصبحت بخمسين .. ثم جاء حجم أكبر بخمسة و سبعين، الذي صار فيما بعد بجنيه، و أخيرًا أصبحت بجنيه و ربع .. إنه تطور سعر "إزازة الحاجة الساقعة" .. نفس المنتج يتزايد سعره دون أي فرق في الجودة، اللهم إلا لأنه في مصر !

- "البني آدم في مصر مش عايش .. ده بيتعايش .." ،، د. ياسر أبو النجا

-"الموظف المصري تفوق علي كهنة الفراعنة، إذ لده القدرة علي تحنيط المواطن حيًا" ،، جلال عامر

- حاصل جمع 16 امتحان في العام غير الفكة + 4 أبحاث مطولة + ما يقترب من 1300 صفحة = طالب طب إسكندرية، أو مجنون رسمي !

- ندرس كيف نتخيل منظر الخلية .. كيف نتخيل شكل النسيج .. كيف يعمل العضو الفلاني، لنتخرج في النهاية تخيليًا و نتعامل مع مرضي تخيليين متخيلين أننا نحيا و أننا نكسب نقودًا !

- القرع لما استو قال للخيار يا لوبيا
و الكوسة لما اتنشفت شربت عصير سوبيا
و إحنا دخلنا مدارس حالتنا بقت كوبا
طلعنا منها علي طب، جات لنا م الحياة فوبيا
و يا لهوتي !

- هلوووسة علي جنب كده: ما نقص من مالك ما وعظك، و ما زاد في مالك ما أطغي قلبك ..

28.10.08

صداع" الحلقة الاولى- الموت مللا"






دى تجربتى الأولى اذاعيا ....أعلم أن ينقصها الكثير لتنضج ... لكنّها أفادتنى كثيرا.....مش عارف لفظ " اذاعيا " دة يمشى ولا لأ... مشّيها.

27.10.08

مجرد رأي

لم أتابع كل المسلسلات بجميع حلقاتها ولكني تابعت أجزاءا لا بأس بها من معظم المسلسلات ، على الأقل تلك التي عرضت على قناة النيل للدراما الرمضانية - ماهو ما شاء الله رمضان تحول الى شهر مسلسلات و بدل ما يحيرك و انت بتنتقل من قناة للتانية كان لازم يسهل علينا الطاعات و نيل الخيرات فنظمولنا العملية - و لست أدري اذا كان ما سأكتبه مقبولا لدى البعض أو الكثير أو لن يقبله أحد و لكنه مجرد رأي ..
- بعد التفكير في أدوار نجوم التلفزيون لعدة سنوات اكتشفت أنها تكاد تكون ثابتة ..
الهام شاهين : المظلومة
يسرا : التي أصلحت العالم و غيرت مفهوم شعب
نبيلة عبيد : الفاضلة
نادية الجندي : مطمع الرجال كلهم
محمود ياسين : كبير العائلة
يحي الفخراني : اما قمة الكوميديا أو قمة الماساة .. لا وسط
نور الشريف : شخصية فريدة .. بمعنى ان الشخصية تكون حالة اجتماعية نادرة
مصطفى فهمي : الرجل الذي أمضى عمره مخلصا ثم خان
حسين فهمي : الرجل الذي أمضى عمره خلبوصا ثم أحب امرأة بصدق و تاب
نهال عنبر : الشريرة .. و هو دور تبرع فيه
تامر هجرس : ضابط الشرطة أو الجيش الشرس
و هلم جرا .. لست أقصد من هذا الاساءة الى أي من هؤلاء النجوم أو الحط من قدره ، و لست أدعي النقد .. و لكنه مجرد احساس و استنتاج .. و خاصة ان الأمر يزيد سوءا حينما تكون أغلب القصص مكررة و سخيفة بحيث يمكنك التنبؤ بالنهاية من أول حلقة .. فبتكرار السيناريوهات و الابطال .. كاني أشاهد أعادة تمثيل و ليس أبداعا يحمل ابسط صفات الابداع و هي التجديد .. و أولا و أخيرا .. ما سبق مجرد رأي

24.10.08

أشياء ... وأشياء


جميلة هى تلك اللحظات التى يتقمص فيها المدون شخصية كاتب كبير ...... ويبدأ فى سرد أشياء متعلقة بحياته ......ولأن هذا ممتع بالنسبة للكاتب -لو اتفقنا على هذا الاصطلاح-وغير ممتع بالمرة للقراء.... ولأن هذا أصبح نداء داخلى يلح على كثيرا فى الاونة الاخيرة... فلقد قررت تلبية هذا النداء

أفلام دخلتها وأنا صغير وما فهمتش منها حاجة:
المنسى-طيور الظلام-forrest gump-فيلم أجنبى اسمه ميت تحت الماء


أفلام دخلتها وانا كبير وندمت على دخولها :
معالى الوزير-شباب على الهوا- علشان ربنا يحبك"دة بقى انا كنت بعيط جوة على 8 جنيه اللى انا دفعتهم وقتها"-the room 1408

أشياء أكرههها :
المحفظة" بتحسسنى بالتقييد "-الترماي-اليوم اللى حاروح احلق فيه اللى باقى من شعرى-المذاكرة بالغصب-الشاب السنكوح -لغة الفرانكو-واحد فاهم انه أذكى منّك وبيشتغلك

أشياءأدمنتها:
الشنطةاللى باشيلها على ظهرى وبحط فبها حاجتى-طبق البيض الأومليت-الفرجة على فيلم الهروب بتاع أحمد زكى -عصير الجوافة باللبن-صفحة ضرية شمس بتاعت الدستور - القاء الشعر

كتّاب بحب أقرالهم :
سلامة أحمد سلامة - فهمى هويدى - محمد سلماوى -انيس منصور-أشرف عبد المنعم فى الاهرام يوم الجمعة-ابراهيم عيسى طبعا-محمد عمارة-سناء البيسى

كتاب نفسى يستقيلوا :
محمد على ابراهيم رئيس تحرير الجمهوربة -ممتاز القط فى الاخبار - سليمان جودة فى المصرى اليوم

وللحديث بقية

23.10.08

السحر الأعظم

الكيمياء .. ذلك العلم الذي قال عنه ابن وحشي - أحد علماء، بل لنقل جهابذة، الحضارة الإسلامية - أنه السحر الأعظم، مداعبًا أهل زمانه الذين رأوا فيما يفعله شعوذة و دجلاً و سحرًا، لكن الحقيقة هي أنه لم يقف سوي علي أولي مراتب السحر ..
يدفعني لقول هذا الاكتشاف المذهل و الابتكار الذي يستحق أن "نتنح" أمامه طويلاً .. د. مصطفي السيد الحاصل علي أعلي وسام أمريكي في العلوم لابتكار طريقة جديدة و فعالة في علاج السرطان - تقترب نسبة نجاحها من 100% علي حيوانات التجارب - يثبت مرة أخري أن الإنسان المصري "دماغ عالية، بس حطه في مكانه الصح" .. و لمن لم يسمع بالموضوع دعوني أعرفكم به باختصار ..
تخرج الدكتور مصطفى السيد من كليه العلوم بجامعه عين شمس دفعة 1953، و كان ترتيبه الأول، و بعد قراءته لإعلان صغير فى جريدة الأهرام المصرية لأستاذ فى ولاية فلوريدا الأمريكية عن قيامه بإعطاء منحة علمية لاثنين من الشباب المصريين للدراسة فى فلوريدا، و تقدم الدكتور مصطفى للحصول عليها، و حصل عليها بالفعل و هاجر الى الولايات المتحدة فى عام 1954، و كان فى نيته العودة و الاستقرار فى مصر بعد حصوله على الدكتوراه، و هو ما لم يتحقق حيث تزوج الدكتور مصطفى من فتاة أمريكية و قرر أن يكمل حياته فى الولايات المتحدة سعيا - هو و زوجته - للعوده إلى مصر، ذلك الذى لم يتم - رغم تقدم زوجته بأكثر من مائتى طلب للإلتحاق بعمل فى مصر، و ذلك لرفض مصر للأجانب فى ذلك الوقت - الستينات و بداية السبعينات، و قدر درس فى العديد من الجامعات المرموقة فى الولايات المتحدة، مثل ييل و هارفارد و معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، و أخيرا معهد جورجيا.
و يعد اكتشاف دكتور مصطفي السيد ضربًا من ضروب السحر بالفعل، حيث يعالج السرطان باستخدام محلول الذهب و الضوء، و يعتمد في هذا علي بعض الخواص التي تكتسبها جزيئات الذهب عندما يبلغ حجمها واحد علي مليار من المتر (نانومتر)، حيث يصبح قادرًا علي امتصاص الضوء و عكسه بالكامل، أو تحويله لطاقة حرارية، و باستخدام مواد عضوية تبتلعها الخلايا السرطانية وحدها، وبتحميل هذه المواد جزيئات الذهب الصغيرة تلك، يمكننا "حرق الخلايا السرطانية وحدها دون سواها، و دون الإضرار بالخلايا السليمة، و هو ما كان يحدث مع أغلب طرق العلاج الإشعاعي و الكيميائي ..
عندما سمعت و عرفت تفاصيل هذا الاكتشاف تذكرت السلسلة الطويلة من علماءنا الذين طردناهم بحجة ضعف الموارد، و بحجة العهدة و بحجة الأولويات، رغم أن النقود التي تحجب عن هؤلاء تصرف بسفه في أمور أخري أنتم أدري و أعلم بها .. ديجيهات بورتو مارينا، و أوبريتات 6 أكتوبر التي لا يشاهدها أحد تقريبًا، و مسلسلات و أفلام فاشلة لا تقدم بل تؤخر كثيرًا و .. و .. و ..
عندما تحدث دكتور مصطفي السيد عن الإنفاق علي بحثه، قال إن آخر خمس سنوات، و هي التي خرج من رحمها هذا الكشف العبقري، استهلكت في العام الواحد 180 ألف دولار، ما يوازي - تقريبًا - 900 ألف جنيه مصري، بمجمل أربعة ملايين جنيه و نصف المليون، و هو ما يوازي - و لست تقريبًا أبالغ في هذا - ميزانية البحث العلمي في مصر كلها علي مدار العام ! .. ثم نجد أن مشروعًا فاشلاً مثل صفر المونديال بلع أضعاف هذا المبلغ !
و رغم أنه يحز في نفسشي أن أقول هذا، إلا أنني أقول له مبارك لك أن منّ الله عليك و خرجت من هذه البلد التي لا تحترم عقول أبناءها، و حتي تفعل فعلينا السلام ..
دكتور مصطفي السيد باكتشافه هذا أثبت أن الكيمياء ستظل هي السحر الأعظم الذي لن نمل منه أبدًا، و الذي سيظل قادرًا علي إبهارنا مهما توقعنا عكس ذلك، فلك يا دكتور كل التحيات ..

19.10.08

بلد الدخان الهابط إلي أسفل - الفصل الرابع/ الجزء الأول

الفصل الرابع – عسلٌ و علقم


انطلق جرس الباب معلنًا عن قدوم زائر جديد، فنهض حسين ليفتح الباب، في اللحظة التي انطلق فيها إسماعيل ليفعل الشيء نفسه، قائلاً:
- خليك أنت يا حسين .. أنا اللي حافتح ..
تراجع حسين علي الفور معاودًا مشاهدة التلفزيون، الذي لم يرفع عينه عنه أصلاً، حتي و هو ذاهب إلي الباب الذي يفصله عن حجرة المعيشة ممر ليس بالقصير ..
" عيل عفريت .. ما صدق" .. قالها قبل أن يتنحنح فاتحًا الباب بابتسامة عريضة مستقبلاً جمال الذي ابتدأه قائلاً:
- السلام عليكم أهل الدار .. كيف الحال ؟
شد علي يده و أدخله ائلاً:
- أنت داخل فيلم فجر الإسلام ؟ .. و عليكم السلام يا سيدي ..
- لأ حلوة دي ..
ثم نظر حوله قائلاً:
- علي فين العزم ؟
- علي أوضة المكتب .. تعال من هنا ..
و أخذه عبره ممر طويل، لا يكشف شيئًا من المنزل، يقود الزائر مباشرة إلي حجرة المكتب ..
- عاجبني قوي الممر ده .. بيفكرني بالسراديب بتاعة العصور الوسطي ..
- ما أنت عارف .. الزوار للشغل كتير و ما أحبش أنهم يكشفوا البيت طالع داخل ..

و صلا حجرة المكتب، فأشار إلي جمال بالجلوس، فيما ذهب هو ليخبر زوجته ببعض الأشياء، تاركًا جمال يتأمل قليلاً في اللوحات المعلقة علي حوائط حجرة المكتب، و التي كان إسماعيل يجمعها من مختلف المعارض و المزادات، و كانت – بجانب هوايته الأثيرة لجمع الطوابع – تشكل ورمًا في دماغه، كما كان يسميها، لا يرجي برؤه .. لم تكن لوحات لكبار الرسامين، بل إن أغلبها غير موقع، لكنها كانت كلها عن الطبيعة، ما يجعل حوائط الحجرة كتلة من الشاعرية ..
- يا هلا .. منور يا جيمي ..
- دا نورك يا إسماعيل .. أخبارك إيه ؟
- الحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه ..
- كنت سامعك متنرفز خالص النهار ده في التليفون ..
و كأنما استعاد إسماعيل كل غليانه في الصباح، فانطلق يتحدث:
- ولاد الهرمة .. حاسس إني بتقلب في المستشفي دي و الله .. تخيل يا جمال لما مستشفي زي "عناية" يبوظ فيها جهاز أشعة علشان التكييف عطلان .. ده تسميه إيه ؟
- عطلان ؟ .. يعني إيه عطلان ؟
- يعني مش شغال .. Not Working .. لا يعمل ..
- ما أنا عارف .. شايفني ساقط ثانوية عامة ..
زفر إسماعيل، و كأنما لم يكفه كل ما من الوقت ليصفو، ثم تابع:
- ما هو من غلبي .. قال إيه، مدير الصيانة كل شوية يقول الجهاز يعمل بكفاءة و يصلبت الجهاز و الجهاز يرجع يبوظ و يعطل .. أنت عارف .. اتصلوا بي الساعة تلاتة الفجر و لا ما عارف كام قالوا لي الجهاز بتاع الـ X-Ray بيولع ..
اعتدل جمال في جلسته مفجوعًا و شبه صرخ:
- بيولع ؟ .. بيولع بيولع يعني و لا ..
- لأ بيولع .. رحت لقيت الجهاز محروق .. مهبب بأسود .. و ديني لأنا خارب بيته ابن الرفضي ده ..
صمتا قليلاً، ثم تابع إسماعيل:
- و بعدين ألاقي مدير العمليات بيقولي عاوزين نشتري زفت جفت تاني لجهاز المنظار الجراحي .. لسه متغير من كام شهر .. أتاري بسلامته بتاع المشتريات ورد جفت تاني ضارب و متنيل علي عينه، و مدير العمليات استلم و شغل و ادفعي يا مستشفي .. أنا حاسس إني باتقلب .. باتسرق ..
- حولتهم للتحقيق و لا حتتعامل ؟
- كلهم ع التحيقيق .. لما نشوف آخرتها إيه ..
لحظتها دخل حسين حاملاً أكواب الشاي، فاعتدل جمال مرحبًا:
- يا أهلاً يا حسين يا أهلاً ..
- أهلاً يا عمو .. إزيّ حضرتك ؟
- بخير الحمد لله .. عامل إيه في الإجازة ..
- بالحق لي فيها يومين قبل الدراسة ..
- هما خلاص رسمي ناوين يخلوها 20 سبتمبر ..
هنا دخل إسماعيل في الحوار:
- حاجة عبط يا أخي .. مش عارف إيه الحاجة اللوذعية الذرية اللي خلاص الدنيا حتبوظ من غيرها لو مادخلوش يوم 20 .. ماله بعد العيد .. الدنيا قفلت يعني ؟
- بكمالة الأوضاع المقلوبة .. كبر الـ .. كبر الإيه ؟ .. اسمها إيه يا حسين بتاعة مرجان دي ؟
قال حسين و هو يبتسم:
- كبر الجي و روق الدي يا عمو ..
- آيوه .. هو كده ..
- الجي طرشقت و الدي فرقع يا جيمي ..
هنا وضع حسين الشاي عن يديه و استأذن في الانصراف، فيما قدم إسماعيل الشاي لجمال و معه نسخة من جريدة الدستور التقطها من علي مكتبه، و قال:
- قريت اللي كاتبه فارس النهار ده ..
- و كان لسه فيك دماغ تقرا ..
و أمسك الجريدة و شرع يقرأ ما كتبه فارس تحت عنوان "يا بلاش" في إحدي الصفحات الداخلية .. رشف رشفتين من شايه و هو يعدو بعينه فوق كلمات المقال الألف، و التي لم تتجاوزها أبدًا مقالات فارس، و إن هي إلا دقيقتان حتي أنهي قراءة المقال بنظرة في الفراغ، قبل أن يتجه ببصره إلي إسماعيل قائلاً:
- الكلام دا صحيح ؟
- عرفت عن فارس قبل كده إنه بيبكّش في حاجات زي دي ؟
- فارس بكاش كبير .. بس ..
صمت غير مصدق ما قرأه من لحظات عن أحد فضائح بيع أراضي الدولة الجديدة، و التي أصبحت كتحية الصباح، عادية كأنها الشيء الطبيعي، و ما دونها هو شواذ القاعدة ..
- بس المرة دي العملية بقت بجاحة خالص ..
- بجاحة ؟ .. دي كل حاجة منيلة بنيلة .. عارف يعني إيه متر الأرض بخمسة و سبعين قرش ؟ .. يعني الفدان بتلاتلاف جنيه .. إيه ده يعني ؟ .. فدان أرض بتلاتلاف جنيه، و زكريا و إخواته لما باعوا حتة الأرض بتاعتهم في العجمي باعوها بـ 2 مليون و هي يا دوب ألف متر ..
- الفكرة إنه حياخد الأرض ببلاش و يسقع و بيع .. سقع و بيع .. و الخمسة و سبعين قرش دول حيبقوا سبعتلاف و سبعتلاف و نص كمان ..
صمت جمال مفكرًا بحسرة في ما وصل إليه المآل قبل أن يكمل:
- البلد دي الواحد كل ما يقعد فيها بيحس إنه قاعد وسط عصابة مش بني آدميين .. نهايته ..
وضع إسماعيل كوبه، الذي شربه دفعة واحدة بعد أن برد تمامًا، في الصينية و قام ليأخذ عن جمال كوبه، الذي قال:
- مش عارف يا أخي أنت بتشرب الشاي إزاي كده .. هو بيبس ؟
- يا عمي ..
ثم جلس سائلاً:
- ألا قول لي بقي .. كنت عاوزني في إيه لما اتصلت ؟
- اتصلت ؟
ثم هز رأسه متذكرًا:
- آه .. معلش، الكلام نساني اللي كنت جاي علشانه .. عندي لك خبرين .. واحد حلو، و التاني وحش ..
بدا الامتعاض علي وجه إسماعيل و هو يقول:
- يا ستار .. خلينا نحلي بالحلو في الآخر .. ابتدي بالأنيل ..
اعتدل جمال في جلسته و قال:
- قضية خالك .. التطورات بتاعتها مش في صالحه خالص ..
- إزاي ؟
- دلوقتي الراجل جاره لهف منه ربع فدان ضمها لأرضه و بني عليها، بس خالك معهوش حاجة تثبت إن الربع فدان ده تبعه ..
اعتدل جمال في جلسته صم تابع:
- العقد بتاع خالك مش مسجل في الشهر العقاري، و أنا قلت له أكتر من مرة آخره لما جه باركي علي يارا من اتناشر سنة .. قلت يا حاج سجل الأرض باسمك و ادفع لك إن شالله مليون جنيه، بس حتحمي أرضك ليك و لولادك، بس هو اللي ما سمعش كلامي ..
ظهر الامتعاض و الضيق علي وجه إسماعيل، و تمتم بشيء عن "دماغه الناشفة" ثم نظر في الفراغ قليلاً، ثم التفت إلي جمال قائلاً:
- و الحل ؟
- الحل إنه يسجل .. من هنا لغاية يوم 25 أكتوبر يكون خلص كل حاجة .. و قل له المرة دي حياة أو موت .. يا يسجل يا إما مش حيلاقي الربع فدان و يا عالم إيه بعده ..
أخذ إسماعيل شهيقًا عميقًا و فرك وجهه بيده، ثم قال:
- سيبك م الغم ده .. قلت له أكتر من مرة يسمع كلامك .. قلت له ده كلام محامي مش بياع روبابيكيا .. بس يالاّ، اللي ياكل علي ضرسه بقي ..
- نيجي للخبر الحلو ..
- قول يا شيخ فرحني .. إيه ؟ مصر طلعت أول رائد فضاء و أنا ماعرفش ؟
ايتسم جمال و قال:
- تقريبًا حتطلعه قريب .. الأخبار المرة دي جاية من فرنسا ..
- مجدي ؟
- الله ينور عليك ..
بدا الانشراح علي وجه إسماعيل، فقال:
- الوله ده فين .. بحاول ألقطه بقالي أسبوعين لا بيعد علي شات و لا علي ميل و لا أي حاجة في أي حته .. إيه الحكاية ؟
- أنا لقطته بالصدفة البحتة .. كان صوته نايم، و هو كان فعلا داخل ينام .. بسأله فينك يا راجل، قال لي استني قنبلة حتنفجر في الكام شهر اللي جايين ..
- بتتكلم بجد ؟
- الأدهي إن صوته كان ملعلع .. قصدي يعني كان فيه نبرة سعادة من الصعب تخطئها ..
اتسعت ابتسامة إسماعيل و قال:
- بالك لو الواد ده عملها .. يا نهار أبيض ! .. ربنا يوفقه ..
قال جمال و هو ينظر إلي ساعته:
- آمين يا رب العالمين ..
ثم عدل من جلسته و هو يقول:
- يدوب أنا بقي يا إسماعيل .. عندي شوية مشاوير تانية عاوز أخلصها ..
- يا راجل ما تخليك قاعد شوية .. لسه بدري ..
- عارف إنه لسه بدري بس مضطر .. أشوفك علي خير ..
ودعه علي باب العمارة، و أفكار شتي تتضارب في رأسه، لكن الأكيد أنه لن يبيت ليلته نائمًا ..
***
... تابع بقية الفصل الرابع في البوست القادم
ملحوظة خارج النص: أخبرني بعض المهيسين أن المعدل الذي أكتب به - أو أنشر به - القصة بطيء للغاية و يكاد يكون فصل كل سنة، لكن القصة كما ترون معقدة و طويلة، و هاهو الفصل الرابع ابتلع المشهد الأول منه "بوست" كامل، كما أنني أكتب هذه القصة مباشرة علي المدونة دون إعداد مسبق، بمعني أن القصة ليست مكتوبة علي الورق و أقوم بكتابتها علي المدونة كل فترة، بل هي كلية علي المدونة دون أي نسخ مادية .. أكتبها فصلاً بفصل بعد ترتيب أحداثه في رأسي - و هو ما يستغرق فترة الأسبوع أو اثنين بين كل فصل و الثاني .. كل ما أردت أن أقوله هو صبرًا، و مادمتم تنتظرون القصة بهذه الصورة فهذا يسعدني، لكني اسألكم مزيدًا من الصبر .. و لكم الشكر

15.10.08

جهاز ضغط و سماعة - الحلقة الثامنه

بعد اذن الدائخ صاحب العلامة التجارية .. كنت عايز بس أقول للناس ان الكلية عندنا بتعمل تطوير شامل ، في كل حاجة .. أي نعم ، فجأة أدركوا انهم لم يقيموا أنفسهم منذ انشاء الكلية على يد الطبيب المغفور له ربنا يسامحه ايا كان اسمه بقى .. و فجأة زي ما تقولوا صحيوا من النوم و لقوا نفسهم تخلفوا عن طب العالم ، بصراحة الجدعان ما قصروش .. عملوا الكلية تيرمات و دي ليها عيوبها و مميزاتها بالنسبة للطالب و ليهم ، لغوا الشفوي عن الكام سنة الاولى .. كل ده مش مهم .. المهم انهم قرروا يعملولنا امتحانات نص-تيرم زي بتاعة هندسة - معلش يا جماعة مش حاكتب انجليزي علشان أنا مش رايق اني أقعد اقلب كل شوية - و بعيدا عن انهم لسه كل يوم يغيروا مواعيد الامتحانت و توزيع الدرجات و ما شابه من الأمور- ما تقولش بيقسموا ورث و الطلبة معترضين ع القسمة - المهم اني كنت سعيد الحظ و عملولنا كوز - مش كويز .. كويز دي كبيرة عليه - صغير كده .. و طبعا بما ان بعض المصادر المسئولة صرحت ان الامتحان ما عليهوش درجات و انما هو حاجة كده عشان يتابعوا مستوانا و عشان الروتين عايز كده - على فكرة يا جماعة مصدر الروتين هو الكلية عندنا .. أصل احنا عندنا معمل اسمه معمل الروتين .. ده بيدخلوا فيه اي حاجة طبيعية تطلع مكتوب عليها " فخر الصناعة المصرية" - و ابتدا الكوز و الطلبة على أعصابهم و كل واحد بيدعي اللهم لا تشمت بنا العدا .. و فجأة نبص على حين غرة كده نلاقي انهم حيعرضوا لاسئلة بالبروجيكتور - تكنولوجيا بقى .. احنا مش قلنا انهم صحيوا أخيرا - طبعا مش مشكله ان البروجيكتور كان بيطلع الصورة مايلة و ان الكلام صغير جدا بحيث اضطرت الدكتورة انها تقرا الاسئلة و احنا نحل بسرعه - قال يعني عباقرة-، طبعا أنا ما كنتش مذاكر - على خلاف ناس كتير اللي ما كانوش ذاكروا برضك علشان ما عليهوش درجات - فاعتمدت على الاسلوب العلمي في الحل المنطقي باتباع القاعدتين الذهبيتين وهما قاعدة حادي بادي و قاعدة انيو اجابة شكلها أظرف .. و الدكتورة تقرا و احنا نألف و نكتب أي هبل .. و المهزلة الحقيقية ان في ناس كسلت تقول حادي بادي و كانوا بينقلوا مني رغم انهم عارفين اني مش مذاكر و بالف .. و عدى الوقت و أنا حالل كل الاسئلة .. المصيبة السودا ان الدكتورة راحت بعدها حلت الامتحان .. و طبعا كل الورق اتغير و اتعدل للحل النموذجي مش على مستواي الشخصي و لكن على المستوى السكشني ، بس صاحبكم برضه خبيث ساب سؤال ما عملهوش سبكا للعملية التطبيخية - و ليست التعليمية - وهكذا مر الامتحان بسلام - سلام على العملية التعليمية طبعا- و لا أمرضكم الله فزرتم دكتورا
أما الموقف التاني فكان العملية الانتخابية .. أصلهم فجأة قرروا يعملوا انتخابات رئيس اللجنة الرياضية في اتحاد الطلبة و الجبهة اللي حتفوز حتمسك الاتحاد الطلابي كله - أو ده اللي أنا فهمته - و دخل عينا اتنين شبان في المحاضرات يحمسونا و يقولولنا صوتك حيفرق و المركبة بتغرق و ارمي الشلم و امسك العلم .. المهم أنا ما حطيتش في دماغي و كبرت ، و في يوم الانتخابات كنت باكلم واحد صاحبي و قالي انه راح انتخب فلان - و فلان ده أنا أعرفه شخصيا - عشان يكسب .. المهم شاورت عقلي و لقيت نفسي فاضي نص ساعة و قلت أصوت .. ما أصوتش ليه هو أنا صغير ولا صغير .. و لا صغير أنا؟؟ ابدا ده انت سيد الرجالة - أنا بارد على نفسي- و بصراحة كان نفسي مرة أحس اني مواطن وليا حق الانتخاب الحر المباشر .. و رحت أنتخب .. و عشان هو انتخاب حر الناس قالتلي أكتب اسم صاحبنا وواحد تاني و ما اكتبش اسم التالت اللي في فريق العدو .. و اتلميت أنا و شوية ناس صحابي و رحنا .. و لأنه برضه انتخاب حر و انا داخل الباب واحد يعرف واحد من صحابي اللي راحوا معايا وقفنا و قالنا حتنتخبوا مين .. رد عليه صاحبي و قاله فلان و علان .. ابتسم و ظهرت أسنانه المغسولة بمعجون أسنان بيدون و قاله : أصل احنا ما خدناش غير 20 في الميه من الاصوات بس - ما اصل الانتخابات الحرة بجد بيبان فيها نسبة المصوتين قبل ما تتفرز .. مش باقولكم انتخبابت حرة حرة يعني - سابنا ندخل .. طبعا أنا حمدت ربنا اني ما رديتش واني استنيت صاحبي يرد عشان هو اللي عارف كلمة سر الليل و لولاه ما كنتش مارست حقي الطبيعي في الانتخاب الحر .. و دخلت جوه لقيت لجنة زي اللي بيجيبوها في التلفزيون ايام النتخابات الحقيقية .. شاورلي بصباعه اتنين ولا تلاته .. رديت بالاشارة برضه تلاته - ما أنا خلاص اتعلمت كلمات السر- و راح هو مطلع كشوف سنة تالتة و علم على اسمي و اداني ورقة بعد ما شاف بطاقتي .. قلتله طب و فين الحبر الفسفوري ؟؟ راح اللي جنبه مطلع ورقة كربون و ماسك ابهامي و مسحه فيها - ما انا لازم أحس بالشعور الكامل للانتخابات الحرة و من ضمنها الحبر السفوري ، مع ان واحد نعرفه في انتخابات الرئاسة دخل مرة بصم باليمين و كتب لا و التانية قال للراجل ده صبعي ملون مكان البنجر و بصم بالشمال و قال نعم و صلح غلطتته - و رحت رايح ناحية صندوق خشبي - اه .. انا زيكم برضه اتصدمت انه مش صندوق زجاجي - و كتبت الاسمين و طبقت الورقة و ضحكت لكاميرا القناة 378 و رحت مدير عيني لقيت واحد صاحبي كان داخل معاي خد الورقة بتاعته من غير ما الراجل يدعكله صبعه بالكربونة قلتله روح للراجل قوله عايز الحبر الفسفوري .. وفعلا صاحبي راح قام الراجل بص ليا باعجاب - مش باهتم ان النتخابات الحرة تتم في صورة كامله خاليه من التزوير - و مسحله ايده بالكربونة و اديت صاحبي القلم و قلتله ع الاسماء اللي هو المفروض يكتبها .. و انا ماشي اتنين من صحابنا كانوا دخلوا و مش عارفين يكتبوا مين مع صاحبنا لاولاني رحت شاورتلهم ع الاسماء و قلتلهم فلان وفلان .. رقم 3 و بعديه 1 - ما هي انتخابات حرة يا جماعة- و مشيت سعيد جدا لأني أصبحت مواطن كامل المواطنة له الحق في الانتخاب الحر .. و طبعا حيطلع واحد من القراء عليه عفريت عزول عايز يحرجني و يقوللي و انت انتخبته عشان هو صاحبك ؟؟ دي تبقى انتخابات هبل ، لكن أنا بقى عليا بقية عيلة العفاريت اللي غاوية احراج حارد عليه واقوله لأ .. أنا فعلا طلبت من المرشح برنامجه الانتخابي و عرفت ان هو حينظم ماتش ريال مدريد و برشلونه في ملعب الكريكيت ، و كمان حيجيبوا كريستيانو رونالدو في ندوة رياضيه في التصوير الطبي ... و لأنه كان أقوى من برنامج المرشح التناي و لأنها انتخابات حرة ، أنا رحت و انتخبته ..
ملحوظة بالوظة مفعوظة : الانتخابات اتلغت و حتتعاد النهارده ، و طبعا أنا رايح رايح ، ده انتخاب حر يا جماعة

13.10.08

جهاز ضغط و سماعة - الحلقة السابعة

لأن خير الكلام ما قل و دل، لذا سأدخل في الموضوع مباشرة ..
شيء مستفز هو الذي يحدث كل يوم صباحًا و حتي الثامنة علي بوابة كليتنا المصونة، و لست أدري إن كان لضرورة قصوي - كما من المفترض أن يكون - فلم لا يستمر لبقية اليوم، و إن لم تكن له فائدة سوي الغتاتة فلم كل هذه الغتاتة ؟
ما يحدث هو أنه كطالب أو طالبة نقح عليك ضميرك و أردت أن تدخل كليتك لتحصل العلم - بعيدًا عن أن البعض يدخل للتهييس و التهليس ليس إلا - فإنه ينبغي عليك أن تتعرض للتفتيش -تفتش الحقائب- يوميًا، و لست أدري ما المنطق وراء هذا ..
أولاً ما هو الشيء الخطير الذي يمكن أن يوجد في حقيبة طالب طب أو صيدلة - وهذا أيضًا من باب الغباء، إذ لا يسمحون بدخول طلبة كلية صيدلة المجاورة لنا من بوابتهم لأنهم لا يرغبون في الانتقال لهذه البوابة .. كسل يعني - بحيث تستلزم التفتيش .. البعض قال لي لأن البعض يحمل ما بين ممنوعات كبري و ممنوعات صغري - حشيش و خلافه - .. عاوز أعرف مين البني آدم الغبي اللي حيشيل حشيش في الشنطة و هو داخل الكلية .. هناك البعض يفعلها - خصوصًا في المجمع النظري - لكنه بالطبع لن يضع "الدماغ" في الحقيبة، علي الأقل في الشراب .. ده أقل واجب يعني ..
ثم أنني مررت أكثر من مرة من البوابة و أنا أحمل بعضًا من العملات - المصرية القديمة من عهد ما قبل الثورة و الأجنبية - دون أن يلتفت أحد إليها، رغم أنها ليست ممنوعات، لكن الغلاسة واردة .. و أنا لم أمر بها لأني أجدت تخبأتها، بل لأن الذي فتش الحقيبة - و هذا يدفعني للقول بأن العملية كلها ليس لها معني - لم يفتش سوي جانب واحد فقط، هو الذي فتحته له، أما الباقي فقد تركه و لم يمسسه، مما يدل أن العملية ليست أمنية علي الإطلاق، بل مجرد غتاتة بحتة ..
و بعيدًا عن كل ما قلت، و كل ما يمكن أن يقال بهذا الشأن، فهذه الهمة الأمنية الحادة تختفي بعد الساعة الثامنة أو التاسعة صباحًا، و كأن الذي سيهرب أي شيء له أي معني سيمتنع بعد التاسعة !
لكن أكثر الأشياء استفزازًا في كل هذا الموضوع هو تفتيش حقائب سفر المغتربين و الآنسات .. ربما أفوتها و أعديها بمزاجي و ابتلع هذه الغلاسة المتعمدة التي هي بلا أي معني، و ربما اتجاوز عن هذا التعدي السافر علي حريتي الشخصية في حمل ما أريد فيما أريد طالما أنني لم أحمل ما يحمل شبهة، إلا أن تفتيش حقائب السفر يحمل إهانة مزدوجة .. إهانة الاعتداء علي الحرية الشخصية و إهانة عرض الملابس الشخصية بما فيها الـ .. اللي خلاص بقي أنتوا فاهمين ..
أما حقائب الآنسات بالفعل لست أفهم لها أي معني .. إهانة و اعتداء علي الحرية الشخصية ثم إن الأنثي بشكل عام حساسة و موقف كهذا ليست لطيفًا علي الإطلاق ..
أنتم تقرأونني أكتب بضمي الغائب دون التصريح، و الحقيقة أن من أعني معروف لدرجة أن التصريح يعد من باب استغباء القاريء .. الغريب و الأكثر استفزازًا هو أن هذا يحدث في بداية كل عام ثم ينتهي بعد أول أو ثاني شهر، و هو ما يؤكد لي لحظة بعد أخري أن الأمر ليس فيه شبهة أمنية علي الإطلاق ..

12.10.08

فى الشوارع !!!!!! مأمون المليجى




فى الشوارع ... تلمس حسّك ..... تشعر بنبضك ...... هى نموذج حينما يكون المغنى صوته مش قد كدة .. بس احساسه عالى .... أشكر الدائخ على تعريفى بهذا الحس الراقى فى " حروف الغنا " ...... اسمع و... و.. طيير.

8.10.08

دة حقنا !!!!!


دة حقنا .... حقنا ان احنا نقول للعك لأ...... وان احنا نصفق ونصفر كمان للمجيد اللى بيحترم عقولنا ...... باختصار ومن غير غاغة.....انا حاكتب سطر تعليق على كل مسلسل من مسلسلات رمضان.... على فكرة انا ما اتفرجتش الا على حلقات خاطفة من كل مسلسل وكام حلقة اخيرة..... بس من حقى برضه اكتب رأيى


الدالى: صباح النفخ المباشر واللا مباشر.....الدالى الصغير ضاع يا رجالة ..... ولا عزاء للمتفرجين .....كل اللى عليك تعمله انك تدعى ان ربنا يحييك لرمضان الجاى وتشوف الجزء الثالث !!!!! أنا عن نفسى ما انصحكش


شرف فتح الباب : دراما سوداء وغامقة اوى ...... الفكرة نفسها تستهوينى وهى الصراع الأزلى- الحقيقى- بين الحلال والحرام..... ولكن بجد حرام عليك يا فخرانى كمية المأساويات اللى انت عملتها فى المسلسل دة


ناصر :الزعيم الذى لا يخطىء.......


قمر : تمثيل وفكرة واخراج وتأليف فنانة العصر القديرة : فيفى عبده ......... دراما مكانها مش هنا .... مكانها فوووووووووق!!!!!


فى أيد أمينة :ما عجبنيش فيها الا البرازيلى ...... فى طريقه ان هو يبقى حاجة كويسة


برنامج" ريا وسكينة" : الهبل فى الجبل!!!!!!


برنامج "عفاريت حسين الامام ": صباح الرعب وتخبيط الركب فى بعض ...... اعتقد ان كل اللى استضافهم كانوا بيحوروا علينا !!!




7.10.08

بلد الدخان الهابط إلي أسفل - الفصل الثالث

الفصل الثالث - و يفضلها البعض حمراء
أغلق عبد الواحد باب السيارة فيما جلس فاروق أمام المقود في انتظار لحظة الانطلاق، و ما أن تأكد أن عبد الواحد قد استقر مكانه حتي أدار المفتاح منطلقًا من أمام مبني الرقابة الإدارية، بينما قال عبد الواحد:
- تُشكر يا روقة .. الواحد مش عارف يودي جمايلك فين ..
ربت علي ساقه وقال:
- جمايل مين بس يا عُبد .. دا واجب .. بس أنا مستغرب، إزاي أنت سايب الأرض لغاية ما وصلت للمرحلة دي ..
- و حياتك يا فاروق أنا ما عرفتش إلا من أسبوع واحد بس .. الغفير ابن الـ .. و لا بلاش شتيمة بظهر الغيب .. المهم البني آدم ده ما إدانيش خبر إلا من أسبوع .. أنا إيه اللي حيوديني برج العرب في الحر ده ..
- بس ما تخافش .. ما دام محسن باشا قالك الموضوع حيخلص، يبقي إن شاء الله حيخلص .. بس أنت اعمل الورق اللي قالك عليه ..
- يعني أنت مالي إيدك م الراجل ده ؟
- اللي بيني و بينه زي اللي بيني و بينك بالظبط ..
- إيه .. فتيس العربية يعني ؟
و فيما انطلق عبد الواحد يضحك، اعتصر فاروق يده الحرة في غيظ قائلاً:
- يا ربي .. هو إحنا كل شلتنا كده .. دمها شربات خفة قوي كده ..
- ما هو لازم علشان نفك م اللي إحنا فيه ده ..
دار بالسيارة ليرجع إلي اتجاه فيكتوريا - الاتجاه الأصلي الذي يجب أن يسير فيه - قائلاً:
- المهم أنت أخبارك إيه ؟
- الحمد لله ..
- و الشغل ؟
- أنا واخد إجازة النهار ده .. بس الشغل ماشي كويس ..
- إجازة ؟! .. يعني مش حطلعك ع المكتب ؟
- أنا أصلا متقريف م الموضوع ده، و بعدين الموظفين من تلات شهور تقريبًا ما إديتهومش منحة كده زي ما أنا متعود .. قلت أريحهم النهار ده شوية .. أنا بهد حيلهم بجد ..
- يا خويا اللهم لا حسد .. بس الشغل عندك نار ..
- الحمد لله، بس يا ريته جايب همه .. الواحد بيخلص في الشغل .. بيتهلك، و تلاقي في الآخر يدوب مكفي نفسه و العيال بالعافية ..
- آدي حالك و آدي حال البلد .. تعرف تغيره ؟
- نفسي ..
اقتربت السيارة من مصطفي كامل فقال فاروق:
- أنت حتنزل عند البيت .. صح ؟
- آه .. نفسي أأجظ خالص النهارده .. و لا حتي فسحة ..
- ماشي .. يا سيدي ..
و عند مدرسة عبد الله النديم انحرف فاروق مخترقًا شارعها لينزل عبد الواحد قبل نفق مصطفي كامل، لينطلق هو بعدها إلي المستشفي الألماني ليجهز نفسه لعملية تغيير مفصل ركبة "ع الماشي" .. تذكر أول عملية تثبيت بالمسامير أجراها في حياته، و كيف رآها نهاية الكون بدون منازع، لكنها اليوم بالنسبة له كأنها تقليم أظافره ..
- دنيا ..
قالها و يشغل الراديو علي إذاعة الموسيقي طلبُا لبعض الهدوء بعد حرق الدم الذي عاشه منذ ساعة مع عبد الواحد بسبب أرضه - ملكه - التي تكاد تضيع بسبب بعض الحثالة البشرية التي لا تنفك تفسد في الأرض ..
و الحكاية أن عبد الواحد كان قد اشتري قطعة أرض في منطقة برج العرب من أحد أحفاد رجل يوناني يحمل اسمًا يونانيًا معقدًا علي غرار خريستوفليس ديستروتيفيس، و كان هذا الرجل قد اشتري الأرض من هيئة استصلاح الأراضي بعد استيفاء كافة الأوراق و منها، و أهمها هنا و التي هي سبب المشكلة، بيان من هيئة الآثار أن الأرض خالية من الآثار بكافة الصور و أنها لا تخضع لقانون حماية الآثار و إلخ إلخ إلخ ..
اشتري عبد الواحد الأرض بعد التأكد من صحة كافة الأوراق، و سجل الأرض باسمه و انهي كافة الإجراءات بصورة قانونية تمامًا ليفاجأ منذ أسبوع بالحارس الذي عينه علي الأرض يخبره أن عددًا من الأشخاص قد جاءوا بمعدات هدم و هدموا السور الذي أحاط به الأفدنة الأربعة و أحالوه ترابًا و أخذوا عداد المياه و الكهرباء، قائلين أن الأرض تابعة لهيئة الآثار و أن إجراءاتها غير قانونية و .. و ..
زفر ضيقًا و هو يتذكر كل هذا، بينما ينجرف بسيارته في ذلك الشارع الجانبي خلف المستشفي مباشرة "ليركن" السيارة قبل أن ينطلق إلي المستشفي محاولاً تصفية ذهنه كيلا تنتهي العملية بكارثة ..
***
جلست مدام إنعام السويركي علي مقعدها المفضل في الشرفة تتنسم قليلاً من هواء المساء في مثل هذا الجو الحار .. هي تكره الهواء المعلب الخارج من جهاز المكيف .. تراه أشنع اختراع في تاريخ البشرية، إذ يجعل الإنسان كالطعام الذي نخشي فساده فنضعه في الثلاجة، و تفضل عنه - و لو جاء كقذائف اللهب - النسيم الطبيعي ..
جلست ممسكة بهاتفها المحمول تدير أرقامه حتي وصلت لبغيتها، فأخذت شهيقًا عميقًا و هي تتصل بالرقم الذي أرادته قبل أن تزفر و هي تضعه علي أذنها في انتظار الرد ..
- آلو .. مساء الخير ..
- مساء النور .. مين معايا ؟
- أنا مدام إنعام عمة سامية ..
- آسف .. مش واخد بالي ..
- سامية مرات محمود صاحبك .. لحقت تنساهم يا دكتور زكريا و لا إيه ..
- يا أهلاً و سهلاً .. شرفتينا يا أفندم .. آسف جدًا علي عدم الانتباه، بس ضغط الشغل كان جامد شوية النهار ده ..
- أرجو ما أكونش أزعجتك ..
- لا أبدًا .. أأمري ..
- أنا كنت عاوزة استشير حضرتك استشارة طبية .. أقدر آجي العيادة امتي ؟
- الوقت اللي يناسب حضرتك .. العيادة شغالة من الساعة واحدة للساعة خمسة .. بس يفضل حضرتك تيجي علي الساعة اتناشر اتناشر و نص، قبل الزحمة، حاكون في انتظارك ..
- إن شاء الله أكون عندك بكره ..
- تشرفي يا أفندم، و ألف سلامة عليكي ..
- الله يسلمك .. مع السلامة ..
- مع السلامة .. في رعاية الله ..
و أنهي الاتصال و هو لا يكاد يري أزرار الهاتف .. زفر زفرة طويلة من شدة تعبه و هو يستلقي علي ذلك السرير الذي أعده خصيصًا لتلك الأيام المرهقة ..
عندما أخذ هذه الشقة ليجعلها عيادة له ألحق بحجرة الكشف حجرة صغيرة، و جعل بابها مبهمًا كجزء من ديكور الحجرة الرئيسة، و جعل فيها سريرًا و ثلاجة و بعض الأشياء الصغيرة علي هذه الشاكلة ليقضي فيها لياليه التي يفرمه فيها الإرهاق فلا يقوي علي التحرك قيد أنملة، و لو حتي ليذهب لبيته .. علي أية حال هو يحيا وحيدًا، و ليس من أحد في المنزل كي يقلق لغيابه .. قديمًا كانت والدته، أما الآن فلا والده و لا والدته و لا حتي أحد من إخوته يسكن معه .. فقط هو، و هو لن يقلق عليه إذا تغيب خارج المنزل ..
كثيرًا ما فعلها و بات ليلته في العيادة، و قد اعتاد حنفي - السكرتير - علي هذا، و أصبح يتصرف من تلقاء نفسه، إذا وجد اليوم مرهقًا، فيغلق العيادة كأن ليس فيها أحد، إذ يعلم أن زكريا سيبيت ليلته فيها ..
أسلم جفنيه للنوم اللذيذ الذي أخرجته منه مدام إنعام و هو يمني نفسه بليلة حافلة بالهلاوس كعادته كلما نام مرهقًا ..
***
تثاءب إسماعيل و هو ينظر إلي ورقة النتيجة الموضوعة أمامه علي مكتبه .. الرابع عشر من أغسطس .. عيد ميلاده الثالث و الخمسين .. ياه .. لقد خطط لهذا اليوم كثيرًا من بداية الشهر، لأنه يعتبر اجتياز عقبة الثاني و الخمسين من العمر انجازًا، و لم يخبر أحد أبدأ لم هذا .. هو نفسه ليس يدري .. مجرد شعور يجتاحه أنه حقق انجازًا بوصوله سالمًا إلي هذا السن ..
خطط كثيرًا لهذا اليوم، لكن جملة الأحداث التي وقعت منذ يوم الاثنين الماضي - الحادي عشر - دمرت كل شيء .. ما بين فرح محمود الذي أصر أن يكون في يوم ميلاده - يفصله عن إسماعيل سنة و يومان بالسلب - رغم أنه يوم اثنين علي غير العادة ..
" حد يعمل فرحه يوم الاتنين " قالها متعجبًا، و إن كان قد بلع عجبه و دهشته لمعرفته بصلابة و صلادة رأس محمود .. ثم جاء ما حدث في نهاية الليلة لخميس، فلم يدر أحد ماذا يقول لمحمود في الصباحية .. هل يقولون "صباحية مباركة" أم "البقاء لله" ؟!
ثم جاءت الطامة الكبري عندما اتصلوا به في الثالثة فجرًا ليأت المستشفي "علي ملا وشه" لأن جهاز الأشعة السينية - ببساطة - يحترق !
منذ أن جاء و هو يرغي و يزبد و يطيح في الكل .. فني قسم الأشعة يقول أن الأجهزة تسخن بشكل مريع، و أن أجهزة التكييف لا تعمل، و أنه أرسل أكثر من مرة إلي قسم الصيانة ثم قسم المشتريات فيما بعد و لا مجيب .. كل مرة "يصلبتوه" و انتهي الأمر ..
- هو إيه ؟ .. أنا شغال في مستشفي في الصومال أنا علشان تقولي مفيش تكييف .. و الزفت ده بتاع الصيانة و الزفت التاني بتاع المشتريات فين .. هاتوهم من قفاهم إن شالله يكونوا في المريخ ..
هو الآن منهك .. بالكاد كان يسيطر علي نفسه رغم أن الله سلّم و لم تأت الخسائر فادحة .. جهاز واحد فقط من ضمن ثلاثة أجهزة هو الذي أُصيب، و المستشفي بالفعل كانت في طريقها إلي تكهينه و شراء جديد .. الآن أصبح الأمر ضرورة ..
- اتفضل ..
قالها إثر الطرق الرقيق لسكرتيرته مستأذنة في الدخول .. رقيقة هي كنسيم البحر، و عاصف هو كإعصار كاترينا، و ليس يدري كيف يتجاور الاثنان، و لا كيف يطيقها بطبيعته النارية تلك .. و لربما لأنها تمثل الجانب الذي طالما أراده في نفسه، لهذا أحبها و أحب استمرارها معه في العمل ..
- البوستة يا أفندم ..
نظر إلي البريد ... كمية محترمة من البريد الدعائي، تزعجه لكنها مهمة بالنسبة له كمستشفي، لأنها قد تحمل عروضًا يصعب الإمساك بها في مرات قادمة .. لم يكن صافي الذهن لحظتها ليرد و ينظر في كل هذا، فحملهم "لوكشة واحدة" إلي جيبه لينظر فيهم بتمعن عندما يصفو ذهنه ..
- حاجة تانية ؟
- مدير المشتريات يا أفندم مقدم الطلب ده ..
نظر إلي الطلب .. طلب شراء جفت ميرلاند لجهاز المنظار الجراحي ..
- نهار أبوهم مش فايت .. ولاد الكلب دول فاكرينها قتّة محلولة و لا زريبة هي و لا إيه .. مش الزفت ده لسه متغير من ست شهور علشان القديم استهلك .. لحق يبوظ ..
- رئيس العمليات بيقول إن الجفت القديم مش مطابق للمواصفات ..
- نعم ؟ ..
- اتفضل يا فندم ..
و أعطته مذكرة رفعها رئيس العمليات يقول فيها أن الجفت الميرلاند الذي تم شراؤه غير سليم و ليس مطابقًا للمواصفات و به بعض العيوب الفنية التي تجعله غير صالح للاستعمال المتكرر بالشكل الذي يؤهله لمواجهة ضغط العمل في المستشفي ..
- ميرلاند .. ميرلاند مين ؟ .. مش الجفت كان أوليمبس ؟
- اللي اتورد كان ميرلاند يا أفندم ..
صمت لحظة و قد كاد أن ينفجر .. هناك عملية "تهليب و تقليب" واضحة للمستشفي، و هو لن يسمح أن يُسب في نهاية حياته بفضيحة مالية ..
انفجر في وجهها قائلاً:
- مدير المشتريات و مدير الصيانة و رئيس العمليات .. كل دول ع التحقيق .. لما نشوف ولاد الهرمة دول عاوزين إيه ..
- تمام يا أفندم ..
و انسحبت لتكمل عملها فاستوقفها قائلاً:
- اجتما ..
و قطع كلامه رنين هاتفه فصمت لترد هي:
- مستشفي عناية ..
و إن هي إلا ثوان حتي أعطت السماعة لإسماعيل قائلة:
- أستاذ جمال عبد الغفار ..
أمسك السماعة متذمرًا:
- أيوه يا جيمي ..
- إيه الدخلة الشمال ..
- قصّر .. أنا مش فايق .. حابقي أحكي لك بعدين ..
- عاوز أشوفك النهار ده ..
- ستة بليل كويس ..
- خليها سبعة ..
- عندك و لا عندي ؟
- عندك .. أنا عندي ضيوف و مش حينفع ..
- تمام .. أشوفك سبعة .. سلام ..
و أغلق الخط دون حتي أن ينتظر جمال حتي يغلقه، ثم أكمل ما بدأه:
- اجتماع مجلس الإدارة مفروض النهار ده ..
- الساعة تلاتة و نص ..
- خلي دكتور حسين فايق هو اللي يحضر .. أنا جبت آخري خلاص و مش حاقدر أحضر ..
ثم قام عن مكتبه و هو يفرك عينيه، و أكمل:
- و ألغي لي كل مواعيد النهار ده .. لو قالولك واحد عاوزني علشان بيموت قولي له يستني لبكرة ..
و انصرف لا يلوي علي شيء ..

3.10.08

صباح الـ ... زعابيط


سكوبل: جدع .. هي الساعة كام معاك؟؟
جدع: واحدة و نص .. بتسأل ليه
سكوبل: أصلها واحدة و نص معايا برضه
جدع: لا يا راجل .. قول كلام غير ده
سكوبل: يابني أنا قصدي انها اتأخرت أوي ، هي قالتلك انها حتتأخر
جدع: لأ .. دي كانت بتيجي دايما في ميعادها.. ربنا يستر
سكوبل: يمكن جالها ظرف ولا اضطرت تقضي مشوار .. استنى حاكلمها ع الموبايل
" تيييت تييت " جرس وماحدش بيرد .. يمكن قافلاه؟؟
جدع: مش عارف، انت زعلتها في حاجة قريب؟
سكوبل: مش فاكر يا أخي .. " يتكلم و نبرة القلق واضحه في صوته" .. ربنا يستر.. أنا قلقان جدا ، ربنا يهديها قلتلها أعدي عليها و نتمشى لحد هنا بدل بهدلة العربية لكن هي صممت ..
" يظهر القلق على جدع"
سكوبل: أهي .. الحمد لله ..
جدع: ايه يا ستي ، تقلانة علينا كده ليه؟؟ ما تفرفشي كده عشان ننبسط و نبسط الناس
هي: لأ أبدا ، انتم عارفين الزحمة
سكوبل: ماشي يا ستي .. تشربوا ايه يا جماعة ؟؟
جدع: لأ استنى يا عم أما نشوف حكاية الزحمة دي ، الساعة دلوقتي واحدة الصبح .. زحمة ايه دي .. انتي كنتي جايبة ببسكلته ولا ايه ؟؟ " بسخرية"
هي: اه و البسكلته اتخرمت و اضطريت أقلش عليها لحد ما اتنفخت" ترد على جدع بسخرية أكبر"
سكوبل: ايه يا جماعة استهدوا بالله ..
متر " و يشير بيده " لو سمحت شوف الانسة تشرب ايه ؟؟
هي: ليمون لو سمحت
المتر: و الأساتذة ؟؟
سكوبل: ماشي ليمون زي الأنسه
جدع: أنا زبادي خلاط
سكوبل: قوللي بقى يا قمر .. ايه اللي مزعلك "يبصلها"
هي:"تشيح بوجهها الناحية الأخرى"
مش زعلانة ولا حاجة
جدع: لا لا لأ .. ما نقدرش على زعل الجميل و الله
سكوبل: طب بتديري عينيكي ليه ؟؟
هي: بأشوف النيل
سكوبل: توتي .. احنا ع البحر مش النيل
جدع " هامسا في أذن سكوبل ": أنا عارفها أما تكون زعلانة بتروح تشكي للبحر بعيونها .. أصلها رومانسية فحت
سكوبل" يدير وجهها بيده فيلمح دموعها.. يسألها بلهفة": بجد في ايه؟؟
جدع" وقد لمح دموعها أيضا ": يا نهار ابيض .. ده انتي زعلانة بجد .. ايه اللي حصل ؟؟
هي: اسألوا نفسكم ..
سكوبل: متر .. لو سمحت ممكن تشوفلنا الأستاذ نفسكم عشان عايزه في موضوع مهم ؟
جدع: نفسكم .. فين ده و أنا أقطعه ، و الله ده اللي يدوسلك على طرف ءأكله للسلعوة
هي" تضحك و ان كان الحزن لا يزال بعينيها"
جدع: بتبقي جميلة أوي أما بتضحكي
سكوبل: جميلة مين يابني .. دي قمر
هي: برضه مش حا تنسّوني .. انتم جماعة (خدوهم بالصوت)
سكوبل: بجد يفه ايه؟؟
هي: بصوا يا جماعة .. أنا حأسهلهالكم ، النهارده كام؟؟
جدع: 2 من شوال
سكوبل: يعني امبارح 1 شوال و بكره 3 شوال
هي: و امبارح ده يبقى اسمه ايه؟؟
سكوبل: أخ .. أما احنا قليلين الأصل بصحيح ، كل سنة و انتي طيبة يا توتي
هي: لسه فاكرين دلوقتي
سكوبل: انتي عارفه يا توتي ان ..
هي" تقاطعه موجهة كلامها له و لجدع":لأ مش عارفه .. اللي أنا عارفاه ان انتم طنشتوني ولا سألتوا فيّا أيام الامتحانات .. قلت مصلحتهم ولازم أشجعهم .. الأجازة ، رمضان .. كل ده و أنا صابره و ساكته لكن ما حصلتش ان عيد ميلادي كمان ما تحتفلوش بيه ولا حتى تفتكروه ..
سكوبل: لأ بجد ما تظلمنيش .. أنا كنت عمال أفكر نفسي أفكر نفسي .. بس في الأخر ..
هي: نسيت ، مش كده .. سكت ليه ؟؟
جدع:ده سيبك منه ، ده مش نافع .. خليكي معايا أنا .. و الله يا ستي أنا ..
هي: مش عايزة اسمع تبريرات فارغة لو سمحتم ..
سكوبل" يطأطيء رأسه في خجل": بصي .. بجد أنا أسف ، أنا قصرت في حقك كتير .. صحيح أنا ما عيدتش عليكي بس أنا كنت بازورك كتير أوي كل يوم ..
بس برضه ده مش عذر .. و أنا لازم أعتذرلك بالفعل مش بالقول ..
" يطلع مايك من جيبه و يثبته في الحامل اللي قدامه و يتدير فجأة فيظهر و شعره اصفر و أحمر متجلجل .. مسقط بنطلونه و لابس بوكسر أحمر بقلوب بيضا ، يخلع المايك و يقربه من بقه": يغلبني حنيني اليك فأرويه بشوقي بشوقي فينمو اعوادا ضعيفة .. ترعاه محبتي كأم حنون فينمو شجرات على أفرعها ألاف الحمائم ، تحمل في كل لحظة اليك رسائل محبتي على أوراق ورد روتها في بستان محبتي أدمع عشقي و لوعتي ، ربما يكثرون ببابك عشاقا يطلبون الوصل و لكني دونهم المخلص في حبك أبدا "
"تنشق الأرض عن جواري و يختفي جدع ثم اذ فجأة على حين غرة أراه يهبط من السماء مرتديا بدلة كتلك التي نراها في أفلام الثلاثينيات بألوانها السوداء اللامعة .. و بشاربه المبروم .. يغازلها بنظرة ثم يلهو في طرف شاربه قائلا": تهييسة ليست وطنا نعيش فيه و انما وطن يعيش فينا... " وينحني بحركة مسرحية و يقول": هذا يكفي سيدتي
" تبتسم ضاحكة في مرح ثم تمد لكل منا يدا فيقبلها .. و بينما نحن على ذلك .. تسحب هي يدها فجأة و ..": يالهوي.. أبويا ..
"نتدوراحنا الاثنين و نقول بصوت واحد": بلوججررر و نحط طرف الجلابية في بقنا و نطلع نجري

Cut .. " يقولها الدائخ و يكمل": كويس يا رجالة .. ممتاز يا نجمة ، المهيس الأكبر يلم العدة و مزاجنجي .. المونتاج يكون عندي بكرة ..
جدع: هو كركرينا برضه ما جاش
الدائخ: لأ .. بس في الهدية دي جت للنجمة .." و يشير بيده الى كرتونة عملاقة .. النجمة تفتح الهدية ، يطلع كركرينا و هو لابس شورت ابيض و قميص فوشيا و كرافت لبني .. مسرح شعره على جنب و ماسك بوكيه ورد و يقولها": كل سنة و انتي طيبة يا أجمل و أرق و أحلى تهييسة في الدنيا
نغني سوا سوا : يلا حالا بالا بالا .. حيوا أمو التهاييس .. عيد ميلادها الليلة و الكل حيهيص ..

Cut..

قصة و سيناريو و حوار : جدع و سكوبل

15.9.08

رجل الحمار

يقول المثل "الشاطرة تغزل برجل حمار"، و لست أجد هذا الحمار متربعًا و فاردًا رجلاه كأبلغ ما يكون سوي في ممارسة مهنة الطب .. ما يحدث ليس غزلاً برجل حمار، بل هو غزل بدون أي شيء علي الإطلاق ..
أسعدني الحظ أن صاحبت جراحًا، هو صديق لوالدي، في بعض العمليات الجراحية التي يجريها و أثناء كشفه علي المرضي في المستشفي، كنوع من التدريب العملي بدلاً من أكوام الكلام النظري التي تُحشي بها أدمغتنا بلا أي فائدة .. و الحق أقول ان ما كنت أكتبه في جهاز ضغط و سماعة لا يعدو شيئًا أمام ما يحدث بالفعل ..
لست أجد أبلغ من ذلك الموقف الذي حدث، إذ اضطر الجراح لإلغاء أربع عمليات لسبب لا يمكن أن يحدث إلا في مستشفي حكومي مصري .. لا يوجد "رابسو" في المغسلة لتعقيم فرش العمليات ! .. أترك لكم التعليق ..
كم من مرة اضطر هذا الجراح أن يتحايل و يتحايل حتي لكأنه في فقرة الساحر في السيرك حتي يتم فتح خراج، أو استئصال كيس دهني أو .. أو .. أو ..
عادة ما تكون الأدوات ناقصة :
- عاوز جفت ..
- مفيش يا دكتور ..
- طب ماسك إبر ..
- برضه مفيش ..
و اضطر الجراح في النهاية أن يمسك الأنسجة التي كان سيخيطها بأصابعه بصورة لا تحدث و لا يمكن أن تحدث إلا ها هنا ..
و بعيدًا عن كل هذا، لأنني لو استرسلت فلن يكفيني مقال واحد و لو بلغ طوله عشرة أمتار، دعوني أحاول أن أفهم أو اتفهم لماذا يحدث ما يحدث .. المشكلة أن المستشفي التي يعمل فيها هذا الجراح ليست مجانية، بل إن المريض يقطع تذكرة علاج اقتصادي بثلاثة جنيهات و عشرة قروش - بالمناسبة .. نحن الدولة الوحيدة التي تبتدع نظام الفكة المعجزة هذا .. اشمعني عشر صاغ يعني ؟! - و يدفع عن كل خدمة طبية مبلغًا و قدره .. مثلا، فتح الخراج يتكلف سبعة و ثلاثين جنيًها .. الغيار علي الجرح يتكلف خمسة عشر جنيهًا و هو أقل الخدمات سعرًا .. أذكر أن خفيرًا نظاميًا جاء بابنته الصغيرة بخراج في جبهتها، و ليس من علاج سوي الفتح و التنظيف، و إذا به يكاد يصعق عندما اكتشف أن الفتح سيكلفه مهية أربعة أيام متصلة فما كان من الطبيب إلا أن قال: "لا شفناك و لا شفتنا و أن ما أعرفكش" و فتح لها الخراج "سكّيتي" دون مليم دفعه ..
المهم، أن المستشفي ليست مجانية حتي يقال إنها تعتمد علي الدولة اعتمادًا كليًا في ميزانيتها، بل هي تحصل جزءًا من هذه الميزانية من أموال الناس الذين يترددون علي المستشفي، فلم إذا هذه العفانة و الرداءة ؟
و إذا كانت رجل الحمار في المستشفيات الحكومية معروفة للجميع، فالطبيب تقريبًا يعتمدعلي مهاراته في العمل لا علي إمكانيات، فإن رجل الحمار في القطاع الخاص تبدو غريبة، فهي إما تتمثل في تضارب نتائج الفحوصات، أو زيفها، و أتحدث هنا تحديدًا عن المعامل و مراكز الأشعة .. نفس الشخص يجري نفس التحليل في نفس اليوم لتفاجيء أن هناك ثلاثة نتائج مختلفة من ثلاثة معامل .. تقارير الأشعة ليست بأفضل حالاً لكنها أخف وطأة من التحاليل المعملية، إذ يمكن للطبيب التأكد بنفسه من صحة التقرير من صورة الأشعة الموجودة معه ..
أذكر أن طبيبًا أجري عملية لاستئصال الحويصلة المرارية لمريضة، و بعد ما يقرب من سنة اشتكت من بطنها، فطلب منها أشعة بالموجات فوق الصوتية، فإذا بتقرير الأشعة يقول أن المرارة متضخمة قليلاً و بها بعض الحصوات، و لست أدري كيف رآها و قد أزالتها المريضة منذ عام كامل !
بالطبع ليست كل الأخطاء واردة في كل وقت، لكن المعدلات عالية بصورة تدعو للعجب .. إذا كان القطاع الحكومي متنيل علي عينه للأسباب التي نعرفها جميعًا، من سرقة و نهب و فساد ليس له حدود، فما هي المشكلة في القطاع الخاص ؟
هناك فوضي، ربما مردها في الأساس إلي أن التعليم الطبي في النازل منذ زمن، لكن السبب الرئيس في رأيي أنه لا أحد يشعر أن هذه البلد تستحق منه أن يبذل مجهودًا من أجلها، و هذا للأسف هو أسوأ ما في الأمر ..

14.9.08

تخاريف صيام

فاضلي نص ساعة صيام و أفطر .. يعني الساعة ستة و نص لما بدأت أكتب .. مش لاقي حاجة أعملها .. و بما اني باحاول أكتب من شهر و كل ما أكتب تلات سطور أقف و الحنفية قافلة تماما .. لكن أنا نسيت أعيد عليكم في رمضان .. و أهي جت متأخرة شوية .. بس أنا حاسليكم و اروقكم و اهون عليكم النص ساعة الاخيرة .. اه أصلها نص ساعة مهمة أوي .. تعدي بالراحة لكن أجمل نص ساعة من أول اليوم .. لأنها رغم انها قمة العذاب و الشعور بالجوع و التعب و العطش ، رغم كل ده هي بتنتهي بالأذان و الفطار .. و ألاقي الحاجة والدتي بقى عامله ما لذ و طاب .. النشويات بقى تلاقي رز خلطة و المكسرات بتلعب على وشه و بتقولك تعالى كل و قزقز .. و مكرونة اسباجيتي تشفط عيدانها زي ايام زمان و انت صغير و تفضل الصلصة على بقك زي أحمر الشفايف .. و يا سلام بقى على برام كده يحبش وسطهم .. و الكسكسي تأكلك منه معلقتين و بعدين تقرر انه لازم يتبلع بشربة الضاني تمد ايدك و تشرب شوربة و تبلع تحس كأنك ولا كلت أي حاجة لغاية دلوقتي .. و تلمح جنب الشوربة طبق السلطة .. تأخدلك كام قطمة عشان تثبت لنفسك انك ماشي ع الريجيم و ملتزم و بتكتر من السلطة .. لكن فجأة عينك تيجي على صينية بطاطس باللحمة .. حاجة كده مسبكة و مليانه دهون .. بس هو في دهون زي الضاني ، تمد المعلقة في الشوربة و تطلع قطعة اللحمة الضاني الغرقانة تحت .. و تقطم منها كده ، يا سلام ، و الله ما في أطعم من كده .. تقولها و انت مبسوط ترد عليا الحاجة .. " امال لو دقت البطة " .. أمد عيني لمنتصف المائدة لأجد دكر بط بحجم الرومي متربعا كملك ينتظر من يزيحه عن عرشه .. فأقرر أن أكون من يفعل هذا و لكن تسبقني يد أمي لتقتطع وركا من هذا الملك .. و تحطه في طبقي .. و في ثواني تلاقيها وصلت بقي و راحت في غياهب جهازي الهضمي .. تجري ايدي على طبق المخلل أكل كام جزرة مخلله و ادوق اللفت ، يفتتح نفسي كمان أمد المغرفة و اخدلي شوية رز بالمكسرات .. و أجيب شوية بامية باللحم المفروم و أقعد أعمل قطمات منهم هما الاتنين .. أشرب شوية شربة عملا بنصيحة الصعيدي اللي قال لجدي الله يرحمه " كلها لحد ما تضيق و زرقلها الميه تزريق " بس الشربة الضاني تكتم على نفسي أكتر .. أمد ايدي و اصب كوباية قمر الدين و أشرب و انتعش أستعدادا لدورة جديدة من الأكل .. أحط حتة فراخ بانيه في نص رغيف و أكل و أستمتع ..و في نص السندوتش أفتكر اني نسيت أحط بطاطس مقلية معاه أروح جاي مالي الرغيف بطاطس لحد ما تختفي قطعة الفراخ البانيه .. ودني مع التلفزيون أسمع ظاظا و جرجير جاي .. أعملي سنوتشين كباب في طبق و أخد حتتين جلاش و شوية كفتة داوود بدمعتهم و أجري ع التلفزيون .. بس الامدادات دي ما تكفيش و أقعد محتار أروح أجيب كمان و لا اتفرج على ظاظا .. في النهاية أوصل لحل وسط هو اني أتسلى بالحلو لحد ما يخلص ظاظا و بعدين أروح أكمل.. أمسك طبق القطايف و واحدة تجر اختها و اختهم تحصلهم و مع شوية كنافة على حبة أم علي .. أحس اني نفسي اتكتم .. أجيب جوافياية و أقعد اقطم منها و أنا مستمتع جدا .. أشاور لأخويا الصغير يناولني طبق بلح الشام و لقمة القاضي .. يديهولي بس ياخد قصادهم طبق القطايف .. مش مهم ،عشر دقايق و أحس ان بطني عجنت من كتر بلح الشام أمسك شفشق الخروب و اصب كباية .. أخويا يقوللي استنى ده انا جبت سوبيا و مسقعها في التلاجة .. أقوله صبلي معاك .. بس بايدك ناولني طبق الحلويات الشرقية اللي جابوه الضيوف امبارح .. و معلش بقى مش حاقدر أكملكم علشان أذان القاهرة اذن أهه و لازم أستعد .. أنا ماسك شفشق قمر الدين و باصب كباية عشان اشق ريقي .. أصبلكم معايا ؟؟ عنيا بس ناولني واحد رز بلبن بايدك

*ملحوظة ع الماشي : ما كتب من وحي الخيال و ليس سلوكا صحيحا لقوله تعالى فيما معناه " و كلوا و اشربوا ولا تسرفوا "

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar