14.8.10

أحلام الفتى الدائخ - الحلم السابع


الحلم السابع - شيء ما في سوق زنانيري

كي تحسن تصور ما سأحكيه، سابدأ روايتي ببعض التفاصيل الجغرافية .. شارع أبي قير، أو طريق الحرية، هو من الشوارع الرئيسة في الإسكندرية، و هو مواز في أغلب الأحيان لشريط الترام .. عند محطة ترام كليوباترا هنالك شارع طويل يصل ما بين شريط الترام و شارع أبي قير، ليتقاطع مع شريط الترام ثم يكمل المسيرة حتى يصل بك إلى أول شارع السوق - سوق زنانيري - حيث تبدأ أحداث الحلم ..


كنت عائدًا من السوق، و الظلام حولي يقول إني في منتصف الليل أو أبعد، و أحمل بيدي كيسين بلاستيكيين لا أدري ما محتواهما، لكنهما ثقيلان بما يكفي ليمنعا يداي من التحرك بحرية، و يبقيانهما في وضع التدلي دائمًا .. أسير، بينما على البعد أجد مخبولاً كلاسيكيًا من أولئك الهائمين على وجوههم في الطرقات؛ شعر منكوش أكرت مليء بالقاذورات، و سروال قصير يكشف عن ساقين مشعرتين قذرتين، و أسنان مهشمة صفراء، و كلام غير مترابط البتة ..

يحاول هذا المخبول مضايقتي، و ينجح بشكل مستفز، بينما أنا عاجز عن رده لما في يداي، ثم أفاجيء بحائط بشري أبلغ أنا - بقامتي التي تقترب من المترين إلا ربعًا - ركبتيه بشق الأنفس .. أفاجيء بهذا الحائط البشري يعزله عني، و يمنعه أن يصل إليّ، فأتقوّى و أصرخ فيه كي يرحل، فيرحل بالفعل، بينما فتاة صغيرة تناوشه و تجري ضاحكة ..

ما زلنا نسير بلا توقف، لنعبر جميعنا - أنا و الحائط و الفتاة و المخبول - شريط الترام، لكن المخبول يسبقنا و يختفي، بينما أبطئ أنا المسير قليلاً لأجد أن الحائط البشري و الفتاة قد اختفيا أيضًا ..

يعود المخبول ممتطيًا كتفي أجدهم، الذي يبدو من ملابسه أنه من "معلمي الوكالة"، و يشير إلى لافتة حانوت شهير يقع على شريط الترام صارخًا: "انظر .. إنه limbster" و هي الكلمة التي كانت مكتوبة على اللافتة، لاكتشف أن حانوتًا آخر حل محل هذا الحانوت الشهير، و ليس مشتركًا بينهما سوى المكان ..

لا أملك تفسير هذا، لكن كلمة limbster هذه تعني - في الحلم على الأقل - الجزار، و هكذا تحول حانوت الألبان - و هذا هو الحال في الواقع - إلى جزارة يتجه إليها هذا المخبول محاولاً، فيما يبدو، أن يسطو عليها، فأركض محاولاً إيقاف هذه المهزلة ..

أدخل الحانوت لأكتشف أنه يبيع عملات معدنية قديمة و حديثة، و هنالك شخص ظننته مالك الحانوت يجلس بقرب الباب و ينظر في لامبالاة مستفزة إلى ذلك المخبول و هو يفرغ أحد الصناديق مما بها من عملات ذهبية، أكتشفت أنها من فئة السنت الأمريكي، لكنها أضخم بكثير و تكاد تقارب حجمًا ريال السلطان حسين أو أكبر قليلاً، و مصكوكة من الذهب ..

و لأنني من مدمني جمع العملات، فإن لعابي قد سال لمرأى هذه العملات النادرة و العجيبة، فغرفت بيدي بعضًا منها، و وضعته في جيبي، لكن على ما يبدو فإن ضميري قد وخزني، فأعدت هذه العملات إلى صندوق آخر، كل هذا و ذا الرجل ينظر إلينا جميعًا - أنا و المخبول و آخرون لا أدري ماذا يفعلون تحديدًا في الحانوت - نظرة لامبالاة مستفزة ..

أعدت الصندوق لصاحب الحانوت، لأفاجئ بالرجل قد انقلب هذا المخبول، أما الرجل نفسه فلا أدري أين ذهب، فأطبقت يداي على عنقه و التفت إلى الجانب الآخر - حيث كان هذا المخبول منذ دقائق، و حيث كان يفتح الصناديق يفرغ ما فيها - لأفاجئ بملكة إنجلترا تمسك بكتاب يتحدث عن أسطورة الملك آرثر و فرسان المائدة المستديرة، و السيف المسحور الذي كان مغروسًا في صخرة، و قد أخذت هذا الكتاب من أحد الأرفف التي لم تكن موجودة من قبل، لكنني لم أهتم بهذه النقطة كثيرًا ..

أخرجت الملكة السيف المسحور من قلب الكتاب، و تأملته .. كان سيفًا ذهبيًا ليس فيه ما يميزه سوى لونه، لكنه كان صغيرًا ليحمل لقب سيف، و شعرت أن خنجر هي اللفظة الأدق لتصفه .. تحدثت إلى الملكة قائلاً، و لم أزل ممسكًا بالمخبول: Your Majesty, The Avillon ..

هذا الـ Avillon كنت أعني به السيف و الكتاب معًا، و إن كنت أشير للسيف بصورة خاصة، و هو شيء تعجبت منه، إذ أنني أعرف الاسم الحقيقي لهذا السيف، و هو Excalibur، لكنني بعدما استيقظت رجحت أني قلت هذا لأنها كانت الكلمة ذاتها التي وُضعت عنوانًا للكتاب التي كانت الملكة تمسك به ..

أعطتني السيف و الكتاب، فأمسكت السيف بشمالي التي كانت حرة، بينما اليمنى تمسك المخبول، و أشرت للكتاب فتجمد في مكانه معلقًا في الهواء، ثم مزقته فتاتًا صغيرة بالسيف، و لم يزل بعد معلقًا في الهواء، ثم استدرت بالسيف و أطلقت صيحة بطولية - لست أدري ما جدواها - و أغمدت السيف حتى مقبضه في صدر المخبول، و أنا أشرح ما يحدث للجمع الواقف ينظر إليّ في جمود، و ملخص شرحي أن تفتيت الكتاب كان هو الطريقة الوحيدة للقضاء على هذا المخبول قبل أن يفعل شيئًا ما لست أذكره، و لا أظن أنني ذكرته في شرحي، لكنه كان سيفعله ..

أشرت للكتاب بيسراي التي عادت حرة مرة أخرى .. أشرت له براحتى اليسرى كلها فعاد كما كان بعد أن كان مفتتًا، و ابتسمت للملكة - على قدر ما أذكر - ثم استيقظت ..

11.8.10

أحلام الفتى الدائخ - الحلم السادس


الحلم السادس - الملك الذي عاد

بداية الحلم هذه المرة كانت مشوشة، و أشبه بفيلم يحاول فيه المخرج الإيحاء بالفوضى العارمة، عن طريق المونتاج المتقاطع و الزوايا غير المستقرة و البعيدة عن بؤرة الحدث، لكن ملخص ما أذكره هو أن مؤامرة قد حيكت ضد جلالة الملك - الذي لا أعرفه و لست أدري في أي مملكة أو كوكب هو - و أن ابنه قد وقع في يد أحد أمناء القصر الذي تعهده بالرعاية حتى يدبر له طريقة للهرب .. ابنه هذا رضيع في الواقع، و تهريبه كان عن طريق ماموث فضائي حمله لواحدة من الممالك الحليفة لمملكة أبيه الموجودة على كوكب آخر، و التي كانت - لسوء حظه - في حرب طاحنة مع أحد أعدائها ..

يتغير المشهد حيث أراني أسير جوار أحد أصدقائي الذي يعرفه الجميع بعدو المرأة، فإذا به يسير إلى جوار فتاتين حسناوتين يتحدث إلى إحديهما بشيء من الاهتمام، و لست أدري حقًا ما أتى بي أو به داخل هذه القصة التي لا ناقة لنا فيها و لا جمل، اللهم إلا أنني أشاهدها، لكنني و لسبب ما أقرر أنا أن أسير على يديّ ممسكًا بالسور الحديدي الأملس الذي نجلس عليه - أنا و صديقي و فتاتيه - فانطلق حتى أصل لتلك المملكة التي وصل إليها الأمير الرضيع، لأجد أسدًا مدرعًا يعلو ظهره قوس عظيم و سهام، كذلك القوس الذي كان القدماء يصنعونه في الحروب ليطلقوا به الحراب العظيمة، محاكين في ذلك المنجنيق .. قوس عظيم و سهام على ظهره، و يقف إلى جواره ذلك الماموث الذي نقل الأمير الرضيع في البدء، و يتناقشون في مصير هذا الرضيع، الذي يجب أن يعود ليستعيد ملكه، و الطريق إلى هذا يجب أن يمر بانتصار حلفائه على أعدائهم حتى يساعدوه على أعدائه ..

ثم يتغير المشهد مرة أخرى فأجد أنني في وسط ساحة فارغة إلا من مادة الوجود و مادة العدم، اللتان تستعملهما المملكة الحليفة في حربها ضد أعدائها، و يستخدمهما أعداؤهم كذلك، و هاتان المادتان تشبهان الحجارة إلا أنهما تتفتام إلى أجزاء صغيرة سوداء يتحكم فيها الطرفان ليوجها بها الضربات ..

أجدني منخرطًا في التحكم في مادة الوجود، و أحاول السيطرة على مادة العدم التي ينفلت عقالها كل حين، فيما يتصارع الفريقان عن طريق التحكم في المادتين، ثم انسحب أنا شيئًا فشيئًا، و استيقظ، و لست أدري أعاد الملك أم لا ..


Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar