29.4.11

أحلام الفتى الدائخ - الحلم الثاني عشر


الحلم الثاني عشر: عملية إنقاذ

كان النهار الذي سبق حلمي هذا قد شهد المرة الأولى التي أتجول فيها في مستشفى الشاطبي للأطفال متدربًا .. كنت أتفقد مع صديق لي الحالات المحجوزة، نسأل الأم عما حدث و كيف حدث، و نحاول أن ننمي حسنا الطبي و مهاراتنا العملية، و كان من نصيبنا أن نصطدم في أولى تجاربنا بحالة لطفل أصابته نوبة حادة من تكسر كرات الدم الحمراء، نتيجة تفاعل مناعي معين يُكوّن فيه الجهاز المناعي أجسامًا مضادة لكراته الحمراء، ما استلزم حجزه بالمستشفى ..

و بعيدًا عن الطفل و حالته، فإن ما رأيته ليلتها في منامي أثبت لي نظريتي القديمة لتفسير هذه الأحلام العجيبة التي أراها، و هي أن أحلامي ما هي إلا تفريغ للواقع الذي مررت به أو كنت شاهدًا عليه بصفة عامة، لكنه ليس "تفريغًا" فحسب، بل هو يعكس في الوقت ذاته عقلا باطنًا أشبه بطبق السلاطة، لا تستقيم فيه حقيقة أو يستوي فيه واقع، بل كلٌ مقلوب رأسًا على عقب، و ربما مقلوب بلا رأس و لا عقب .. على أية حال، فبعض الحالات القليلة جدًا تستثنى من هذا بالطبع، كتلك التي أوردتها في الحلم العاشر ..

بدأ الحلم بمشهد لا أذكر منه الآن تفاصيلاً كثيرة للأسف، لكنني أذكر مضمونه النهائي: هناك طفل نحن – و لست أدري من هم "نحن" هؤلاء، اللهم إلّاي – بحاجة إلى تأمينه و إنقاذه من مجموعة تحاول خطفه، لأن دمه يحمل أجسامًا مضادًا لفيروس خطير، و تلك المجموعة تحاول الحصول عليه للاستفادة منه، و الحصول عليه لن يكون إلا عن طريق "تصفية دم" الطفل كلية – و هي العملية القريبة إلى حد ما من أحد الطرق العلاجية المقترحة لحالة الطفل الذي شاهدته في المستشفى؛ إذ يجري تبديل دمه بدم آخر نقي من الأجسام المضادة، لإيقاف عملية التكسير المستمرة للدم .. كان الاجتماع حادًا بقدر ما أذكر، و كان هناك شخص ضخم الجثة عظيم المنكبين و الوجه أبيض الشعر يصرخ و يضرب بيده على المنضدة أن تأمين هذا الطفل "مسألة حياة أو موت" ..

تغير المشهد سريعًا لأجد نفسي بصحبة الأب الذي يحمل ابنه الرضيع نسير في شارع مظلم، فتقدمت الأب محاولاً التأكد من أن هذا المنعطف لا يحمل من يختبيء وراءه، و قد كنت محقًا .. برز لي على حين غرة شخص تعرفت عليه على الفور – لا أدري ألأنني رأيته من قبل، أم هو إحساس محض أنني أعرفه – فعدت أدراجي مسرعًا أحث الأب على الهرب، لأكتشف أنه يجري "بالتصوير البطيء" حرفيًا، فأخذت الطفل منه و انطلقت أنا أجري، لأكتشف أنه ليس الأب وحده يجري بالتصوير البطيء، بل كل مَن في المشهد باستثنائي ..

بلغت نهاية الشارع، لاكتشف أنني كنت بالقرب من منزلي منذ البداية، و أن هذا الشارع هو ذاته الذي كانت فيه مدرستي الابتدائية؛ إذ ببلوغي نهايته كنت أقف أمام كوبري كليوباترا حاملاً الطفل بين يدي، أختبيء من سيارة الإسعاف القادمة من بعيد بسرعة جنونية، و التي أدركت نتيجة لإحساس غامض أنها سيارة زائفة، ستتصنع حمل الطفل إلى المستشفى لتسلمه لتلك المجموعة فيما بعد ..

و لمن لا يعرفون المنطقة – و هم كُثر و لا شك – فإن كوبري كليوباترا يصل ما بين شارع أبي قير، وبين ميدان تتفرع منه عدة شوارع رئيسة، لعل أهمها شارع ألبرت الأول – الذي ينتهي عند المدينة الجامعية – و شارع توت عنخ آمون – الذي كنت فيه منذ لحظات – و شارع مصطفى كامل، حيث مقر نقابة الأطباء بالإسكندرية .. كنت أقف عند بداية شارع توت عنخ آمون عندما اختبأت من سيارة الإسعاف المسرعة، و اندفعت مسرعًا نحو مكتب تابع لهذه المجموعة التي أعمل معها من أجل تأمين الطفل – و المكتب على أرض الواقع هو مقر جمعية رسالة في الإسكندرية – أطلب تأشيرة "هروب" خارج البلاد من أجل تأمين الطفل بشكل كامل ..

لم أحصل على مبتغاي؛ إذ ظهرت مشكلة جواز سفري بني اللون الذي لا يصلح للهروب، بالإضافة إلى بعض المشاكل الأخرى التي لا أذكر منها شيئًا الآن، لكنني على أية حال استيقظت قبل أن أحلها جميعًا، أو حتى بعضًا منها، و يبدو – في النهاية – أنني لم أنجح في إنقاذ هذا الطفل المسكين ..

23.4.11

أحلام الفتى الدائخ - الحلم الحادي عشر


الحلم الحادي عشر: فيلم رعب !

اعتدت أن تعكس أحلامي اضطراب عقلي و تبلبل فكري أينما راح و حيثما حل، أكان هذا الاضطراب سلبًا أو إيجابًا؛ أكان الاضطراب نتيجة فرح طاغي أو اكتئاب مدمر .. اعتدت هذا، و اعتدته أكثر في فترة الامتحانات، مصاحبًا للضغط العصبي المريع الذي يملأ جنباتي وقتها، و هو الضغط الذي أشعر أنه آخذ في الزوال عامًا وراء عام، و كأنني لم أعد أبالي ..

هذه المرة سبقت اختبار مادة طب الأطفال .. أول اختبار بهذا الحجم من الدرجات منذ بداية العام، و في مادة كطب الأطفال ندرس فيها فروع الطب الباطني دفعة واحدة و نمتحن فيها دفعة واحدة دون تجزئة .. و رغم هذا الوصف المريع إلا أنني أحببت هذا الفرع من الطب، و تراودني نفسي أن أكمل ما بقي لي من حياة كطبيب متخصصًا فيه ..

على أية حال، فلم يكن هذا الحلم هو وحيد عصره، بل هو الثاني في سلسلة تألفت من ثلاثة أحلام، لست أذكر الكثير من أولاها، اللهم إلا مشهد كنت أرقد فيه على شريط السكة الحديدية منتظرًا قطارًا عملاقًا بحجم التيتانك كي يمر من فوقي، و لست أذكر من الثالث أكثر من أنني كنت أقاتل من أجل شيء ما، في مكان ما كأنه ساحة تدريب أوليمبية، مع وجود الكثير من المسوخ المزعجة، أما هذا الحلم، فأتذكره بالتفصيل ..

كنت أجري مستقبلاً ناصية شارعنا متوجهًا نحو بناية عظيمة تحتل الناصية بأكملها و حتى مسافة ثلاثين مترًا أو أكثر، يخرج منها دخان كثيف، أبيض ناصع البياض في الطوابق السفلى، و أسود فاحم السواد في الطوابق العليا .. أما هذه البناية التي تشتعل بهذا الحريق فهي على أرض الواقع ليست إلا أرضًا خرابًا استغلها صاحبها كمكان انتظار للسيارات، و بجوار هذه الأرض الخربة بناية صغيرة عتيقة من ثلاثة طوابق كان من المفترض أن يضمها صاحب الأرض إلى أرضه ليخرج علينا ببرج شاهق يسد عنا ما بقي من ماء و هواء، إلا أن هذا لم يحدث، و بقيت البناية كما هي؛ مسكنًا لعجوز متقاعد و مهندس يقضي أغلب وقته في أوروبا ..

انطلقت نحو البناية أريد معرفة سبب الحريق، و لست أدري ما الرابط الذي يوجد بين هذا المشهد و بين فيلم الرجل العنكبوت في جزئه الأول، الذي ينقذ فيه الرجل العنكبوت عددًا من الضحايا من مبنى اشتعل بنار عظيمة، الذي جعلني أشعر أن هذا المشهد في حلمي قد اقتطع من هذا الفيلم؛ فلا البناية كالبناية، و لا الشارع كالشارع، و لا أنا بكل تأكيد كالرجل العنكبوت ..

دفعت الباب الرئيس و دخلت، و انطلقت أنهب السلالم نهبًا، التي بدت لي لحظتها كتلك التي في البناية الحقيقية تمامًا، بذلك الطابع العتيق المنتمي لأربعينات القرن الماضي، حيث الدرجات الرخامية و "الدرابزين" المعدني الرفيع الذي يرتبط بدرجات السلم بقوائم معدنية رفيعة، تتخللها فراغات واسعة، تكشف من يعتلي السلم صاعدًا أو هابطًا .. انطلقت أنهب السلالم نهبًا، حتى بلغت الطابق الأول، لاصطدم بباب يبدو لمن خبر مثله أنه باب حجرة داخلية على الطراز العتيق الذي ينتمي إليه سلم البناية، فهو طويل يفوق الأمتار الثلاثة طولاً، و ضيق لا يتعدى المتر و ربع المتر عرضًا، و مزخرف بتلك الزخارف التي تجعلنا نقول في تعجب: "لقد كان أهل ذلك الزمان أناسًا مرتاحين بحق" .. طرقت الباب لأجد عجبًا ..

وجدت أمي و والدتها التي توفيت منذ عام، و جمع آخر من النسوة لا أعرفهن، يرتدين البياض بالكامل، من منبت الشعرإلى أخمص القدم، وجدتهن كلهن متحلقات حول تلفاز يبدو عتيقًا بحق، و قد انتبهن له بكل حواسهن، و كتلة خشب كأنها جذع شجرة ترقد في المنتصف يتصاعد منها دخان أبيض كثيف، هو ذلك الدخان الذي شاهدته يتصاعد من الطوابق السفلى للمبنى عندما كنت بالشارع .. سألتهن ماذا هنالك و ما خطب هذا الدخان، فأجابتني جدتي أنها تشعر بضيق في التنفس و لذلك أشعلت كتلة الخشب هذا ..

تراجعت، أو لربما كان الوصف الأدق هو أنني جريت مبتعدًا، تاركًا الباب مفتوحًا خلفي و قد عاود الجمع ما كنّ يفعلن، و راودني شعور قوي أنني ما كنت أتحدث إلا لنفر من الجن و العفاريت الذين سكنوا هذا المنزل و تلونوا بصورة أمي و جدتي، و هاته الجمع من النسوة، و الحق أن هذا الشعور منفردًا أصابني برعب شعرت به في انقباضة عضلات بطني عندما استيقظت ..

انطلقت إلى الطابق الثاني في محاولة لمعرفة مصدر الدخان المتصاعد من هذا الطابق، و في الطريق إلى باب الشقة الثانية تأكد شعوري أن المنزل مسكون و لا ريب، و هو ما جعل فكرة أنني محاصر و أنهم – ساكنو المنزل من الجن و العفاريت و مَن والاهم – قد يؤذونني تسيطر عليّ و تزيد رعبي و توتري أطنانًا، خاصة و أنك في عالم الحلم لا تلعب بقواعد محددة .. كل شيء مفتوح ..

وقفت أمام باب الشقة الذي انفتح، و لا أذكر هل لأنني فتحته أم هو انفتح من تلقاء ذاته، و داخلني شعور عجيب .. كنت أشعر كما لو أني أرى من خلال ماسحات زجاج السيارات، بحيث يكون إغلاق جفوني و فتحها كمرور الماسحات صعودًا و هبوطًا، و مع كل صعود و هبوط ينكشف أمامي جزء من المشهد الذي هو عبارة عن ساحة واسعة خالية تقريبًا، اكتشفت فيما بعد أنها الشيء الوحيد التي تحتويه الشقة بالإضافة إلى نافذة واسعة يقف فيها شخص ما بكل هدوء و شاعرية، بينما الدخان الأسود الفاحم يتصاعد كثيفًا لا من داخل الشقة، لكن - فيما يبدو - من "أمام" النافذة ..

مع كل صعود و هبوط ينكشف أمامي جزء من المشهد الذي هو عبارة عن ساحة واسعة خالية تقريبًا، على أرضيتها وجه كأنما دهسه قطار، فجعله كالجعين المسوّى .. يظهر لي مع كل إغلاق و فتح جزء من هذا الوجه و اكتشف أنه برغم حالته هذه ينظر إليّ بعينين ناريتين، ليتأكد داخلي شعوري السابق أنني محاصر داخل بيت تسكنه العفاريت ..

أتراجع في خوف يرقى بلا شك إلى مرتبة الهلع و الرعب، و أحاول الخروج بأي ثمن من هذا المبنى الملعون، لأستيقظ من النوم تسابقني دقات قلبي، و أحاول جاهدًا أن استجمع شتات نفسي لأقنعها أن ما سبق كان حلمًا، ليس أكثر ..

21.4.11

عزيزي ..


عزيزي
تحية طيبة و بعد،

في أغلب الأحوال لا أجد سواك يسمعني دون أن تفيض روحه اكتئابًا و معاناة، على الرغم من أنك تتضجر أحيانًا .. حقيقة أرى هذا من حقك؛ فما أرويه يثير الضجر بالفعل، و لكن ماذا عساي أن أفعل ؟!
اليوم أنا مدعو إلى حفل زفاف أحد أصدقائي .. ما ترتيبه ؟ أظنه العاشر .. عاشر عشرة أهنئه بزفافه و أصل ليلي بنهاري من أجل حضور الحفل، ثم أعود وحيدًا لذات المنزل الفارغ الكبير المترهل من حولي .. عاشر عشرة، أشهد على زفافه – لأنني أعز أصدقائه – مودعًا إياه القفص بيدي .. عاشر عشرة، و أنا ؟ لست أظنني الحادي عشر ..

نعم يا صديقي العزيز .. هذا ما أكتب من أجله .. لن أحدثك عن قطار العمر الذي يكاد يصل وجهته و لمّا يحمل راكبه الثاني بعد، و لن أحدثك عن شعور الوحدة الممض الذي أورثني شيئًا من انطواء مصاصي الدماء و المستذئبين .. لا، ليس هذا و لا ذاك، بل إن جُلّ ما سأكتب ليس سوى تحليل .. إنني أريد بحق أن أضع يدي على السبب، رغم أني أعرفه ..

أعرفه، لكنني لا أضع يدي عليه، كالذي يرى الجرح ظاهرًا واضحًا، لكنه لا يمد يده بالدواء أو التضميد، كأنه يتلذذ بالألم .. هل أنا كذلك ؟

أحد أولئك العشرة أخبرني بذلك صراحة في مرة من المرات، بينما كنا نتناقش سويًا عن سبب عدم لحاقي به .. قال إن بي لمحة ماسوشية لا مراء فيها .. يقول إنني أصلح، لكني لست أدري لماذا لا أرى في نفسي ذلك ؟
في لحظة من لحظات التأمل – و أولئك كُثر – حاولت تبرير هذا السلوك .. كل منا يحاول أن يصل إلى الاستقرار، تمامًا كالذرات التي تقاتل كي تدخل في تفاعل كيميائي تصل فيه إلى مرحلة الاستقرار الكيميائي، فلا تفقد طاقة و لا تستقبل .. نحن أيضًا كذلك، نحاول الوصول إلى تلك المرحلة، لكن كفاحنا أشد و أقسى بلا شك .. و نرى أنه من أجل خطوة كهذه فإننا يجب أن نستكمل ما ينقصنا .. تلك الأشياء الصغيرة التي نشعر بدونها أننا الأضعف على الإطلاق .. من أجل الاستقرار نحاول الوصول لحالة من الاكتمال ..
أنا أيضًا أقاتل ككافة البشر من أجل ذا، لكنني أرى أن بي نواقص عدة .. فوهات كتلك التي تصنعها النيازك إذ ترتطم بالكواكب لا فجوات و ثغرات صغيرة .. أو ربما هي مبالغة مني في تلك الصورة التي أرسمها لحالة الاكتمال التي أنشدها .. مبالغة تخرجها عن نطاق ما تسمح به قدرات البشر، لكنني أرى غيري يحقق ما يظنه الجميع فوق قدرات البشر، فماذا تسمي هذا ؟

قال لي أحدهم ذات مرة أن الأمر ليس بمشكلة، فلكل منا نقائص و نواقص، و لولا ذا لما شُرع الزواج، فبه يستكمل المرء شيئًا كثيرًا مما يفتقده، لكن الأمر ليس أني لا أجد تلك التي يمكنها أن تملأ تلك الفجوات، بل لست أظنني أجد واحدة ترضى بشخص مهترئ هذا الاهتراء ..

ربما تتهمني بالمبالغة، و هي صفة لست أنكرها، و لست أنكر – و لايمكنني – أنها أنقذتني عدة مرات، رغم أنها أوقعتني مرات أخر، و تبدو ورطتي هذه أطولهم و أكبرهم ..
أعرف أنك ستتهمني بالمبالغة لأنني فعلت هذا قبلك .. ربما لست الصورة التي يرسمنها في مخيلاتهن، لكنني أراهنُ دومًا على جمال الباطن .. لست أريد جمالاً في المظهر و فراغًا في الجوهر، و لئن كنت قد حرمت شيئًا من جمال المظهر، فإنني أدرك تمامًا أن الله منحني من الجوهر ما أعيش به راضيًا عما فقدت ..
لكنني لا يمكن أن أنكر في الوقت ذاته أنه ما من اثنان ينجذبان إلا و كان المظهر عاملاً مهمًا .. أولئك اللائي و الذين يستطيعون التضحية بالمظهر من أجل الجوهر هم قلة .. قلة مندسة لم أقابل منهم إلا واحدًا و واحدة، و هي نسبة لست أراها كبيرة مقارنة بعدد من أعرف .. الأمر ليس مظهرًا فحسب، فأنا أخلع كلمة المظهر هذه على كل ما يشمله كياني .. ملامح، و تصرفات، و تعبيرات و اصطلاحات .. أرى دومًا رصيدي صفرًا من كل هذا، أو هو يقترب منه ..

أدرك كل هذا و أدرك أنني أثقل على نفسي .. فهذا خلق الله، و هو – حتمًا – أعدل العادلين، لكن المشكلة ليست مشكلة مجردة تتمثل مظاهرها في شرخ – بسيطًا كان أم كبيرًا .. المشكلة تكمن في صاحب هذا المظهر الذي يضعه كجبل من جرانيت أمام أي فرصة، أرآها هو أم رآها له غيره، أو ارتآها الطرف المقابل ..

أنت تدرك أكثر من غيرك أن هذه الرسالة تأخرت أشهر، و أنني قد انتويت كتابتها منذ أن ودعت صديقي السابع، لكنني تأخرت .. ربما يضاف ترددي لجملة ما يعوق خطوة هامة كهذه، و هو ما أعزوه في النهاية إلى شعوري العام بالاهتراء الذي أسلفت ذكره ..

حسنًا .. بعد كل هذا يجب أن اسأل نفسي، و أظن أنك مثلي: و ماذا بعد ؟ هل توصلت إلى شيء بعد كل هذا ؟!
الحق، و الحق أقول، إنني لم أكتب شيئًا من هذا كي أصل لأي شيء .. رغم إدعائي في البداية أنني أريد أن أضع يدي على السبب، كي أكتشف الوسيلة .. من الممكن أن تسمي ما سبق "تفريغ شحنات"، مثلما يحدث عندما تبرق السماء .. ماذا أريد من ورائه ؟ غالبًا لا شيء ..

أكرر أسفي إذ سببت لك صداعًا بلا داع، و بلا هدف، لكن الأكيد أنك - مثلي - قد فرغت شيئًا مما بداخلك؛ يا عزيزي ..


Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar