- الأمير را-هيمين بن الملك با-هيب صاحب ممكلة النازوم ..
و بينما هو يتلكم، تقدم را وسط نبلاء إقليم الشمال متجهًا نحو الملك تارام، الذي مد يده علي سبيل التحية برا، فالتقطها الأخير و أنحني انحناءة خفيفة و قال:
- تحيات لك و سلام من أبي صاحب مملكة النازوم يا جلالة الملك ..
رفع تارام يد را، و رفع را معها وجهه، و أشار له بالجلوس فيما قال:
- تحيات مقبولة و سلام دائم يا سمو الأمير .. رياح خير أهلت بك علينا بكل تأكيد ..
- و هل غير الخير بين الحلفاء ؟
ثم أشار بيده إلي تابعه الذي دخل القصر معه، فانحني مستأذنًا ثم عاد بعد لحظة يتبعه عدد من الخدم يحملون صندوقًا بدا ثقيلاً، ساروا به حتي وضعوه أمام الملك، و هنا قال را:
- لو يتفضل جلالة الملك فيقبل الهدية ..
أشار الملك للخدم بسبابته أن يرفعوا الغطاء، فرفعوه ليتراجع الملك من الدهشة و الانبهار ..
هبط را تلك الدرجات القليلة التي تفصله عن الصندوق و مد يده و أخرج ما فيه لتخرج صيحات الانبهار و الإعجاب من النبلاء الحاضرين مجلس الملك ..
كان سيفًا من الذهب الخالص مرصعًا بمجموعة من أنفس ما يمكن أن يوجد من كريم الأحجار، إلا أن عظم القيمة لم يكن هو المبهر، بقدر ما كان هذا التكوين الذي كان عليه السيف، و هذه الزخرفة المعجزة علي نصله، و توزيع الأحجار عليه بصورة جعلته آية في الجمال، و التي لم تكن لتخرج إلا علي يد صانع السيوف الأول في مملكة النازوم ماف-نين ..
قدمه را قائلاً:
- من حليفكم يا جلالة الملك ..
لثانية أو اثنتين لم يتحرك تارام، إذ ألجمه الانبهار الذي أثلج صدر را، و جعله يتيقن أن الحديث و التفاوض مع الملك الآن صار أسهل .. حمل تارام السيف عن را، و بهدوء أعطاه لكاتم السر ليودعه الخزانة الملكية فيما كانت كل العيون معلقة به، بما فيها عيناه هو شخصيًا ..
مال را إلي تارام قائلاً:
- لو يأذن جلالة الملك أن أحدثه علي انفراد ..
نظر إليه تارام مخمنًا السبب، و بإشارة من يده خرج النبلاء واحدًا إثر الآخر فيما بقي كاتم السر، فنظر را إلي تارام كأنه يقول: "و هذا أيضًا جلالتك .."، فقال الملك:
- ني هو كاتم السر .. ليس هناك من اجتماع ملكي لا يحضره ..
تنحنح را و هم بالحديث لولا أن بادره تارام قائلاً:
- أري الأمر جللاً يا سمو الأمير ..
- هو كذلك حقًا .. لنقل أنه تبادل للمنافع ..
- بأي صورة ؟
اعتدل را في جلسته و أخذ نفسًا عميقًا يعينه علي الحديث ثم قال:
- لا يخفي علي جلالتكم أن الهوبوز يهجمون مرة تلو الأخري كأنما هم سيل لا ينقطع ..
و كأنما أطلق را بركانًا بداخله، قال تارام:
- بل هم جحيم لا ينقطع .. يتكاثرون كالأبالسة و يهجمون كالشياطين .. عليهم لعنات الآباء و الأجداد إلي يوم يفنون ..
شعر را بالراحة من حديث الملك إذ أحس بصدق توقعات والده، و أن تارام لن يستغرق وقتًا طويلاً حتي يوافق ..
قال را:
- نحن أيضًا نعاني من هجمات الهوبوز .. لذلك نعرض صفقة مربحة لكلينا .. فيلق من جيش جلالتكم و فيلق من جيشنا بقيادة مشتركة و تمويل مشترك .. و عرض تجاري مغر أيضًا ..
لم يتحدث تارام، بل أخذ يداعب ذقنه بطرف سبابته، ثم قال:
- سأتحدث بصراحة يا سمو الأمير .. إن كلمة دمج فيلقين لهي كلمة صيغت بذكاء .. فيالقنا مائة ألف راجل و خمسون ألف فارس .. فيالقكم نصف هذا العدد .. ألا تري أنكم تأخذون منا رجالاً بأكثر مما تعطون ؟
- و لهذا نقدم عرضًا تجاريًا ..
- و ما هو ؟
- إقليم الشمال فقير في الأخشاب، و تستوردون معظم احتياجاتكم من الخارج .. سنوفر لكم الأخشاب بثلاثمائة كرونك للكانو، أي ما يوازي خمسمائة بولدو، و هو أقل من نصف ما يمكن أن تدفعوه في أي صفقة تعقدونها ..
قام تارام عن مجلسه و ذرع المجلس ذهابًا و إيابًا، و قد منع را أن يقف لوقوفه، و بعد لحظات قال:
- عرض مغر، و أنا موافق ..
شعر را بقلبه يخفق بعنف خفقة ارتج لها جسده قبل أن يستعيد رباطة جأشه .. شعر بسعادة لأن نجاحه كان بهذه السهولة و من المرة الأولي، و الذي يبدو أنه جاء هكذا فقط لأن تارام قد انكوي بنار الهوبوز حتي احترق، و أنه في حاجة فعلية للمدد ..
- و لكن ..
قالها تارام ليهبط قلب را في قدميه، ثم تابع:
- و لكن لدي عرض أفضل من صفقة الأخشاب ..
لم يتوقع أن يعرض تارام صفقة بديلة، و ليس لديه معلومات تمكنه من أن يفاوض بصورة مربحة، لكنه انتظر حتي يعلن تارام عرضه، ثم يفكر كيف المخرج ..
- و ما هو يا جلالة الملك ؟
- إنه عرض زواج .. موافق شريطة أن تتزوج أنت من ابنتي كارين ..
و أسقط في يده ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق