17.11.08

بالإجبار


اكتشفت مؤخرًا أن نصف ما فعلته أو أفعله في حياتي هو بالإجبار، و أن النصف الآخر بالاضطرار .. أما ما اختاره فعلاً فهو هل أُجبر أم اُضطر ؟!
أنا هنا لا أناقش قضية هل الإنسان مخير أم مسير، فهي أعقد و أكبر من أن تحتويها تدوينة، خاصة لو كانت المدونة باسم تهييسة .. لكنه مجرد رصد .. كشف حال تمغة كما يقولون و لو أني لا أدري ما دخل التمغة في الموضوع ..
أول ما اجبرت عليه هو أنني ولدت لأبي و أمي، و الحق أقول هو أنني - لو وهبت الاختيار - لكان لي شأن آخر، لكنه شيء بالإجبار .. ثم إنني - وهذه حقيقة لا ألوي عنقها - دفعت دفعًا كي أصبح بدينًا علي طريقة "سيب الواد يتغذي .. ده لسه صغير"، و هو ما أوصلني للمعاناة بأن أصبح علي شفا حفرة من مرض السكر و ارتفاع الضغط المزمن و تصلب الشرايين - و لست أبالغ - و لم أزل بعد تحت العشرين ..
و ماذا بعد ؟ .. تسلسل أحداث حياتي لا أستطيع أن أصفه بأنه كان بالإجبار أو الاضطرار لحظة الحدث، لكنني اكتشف بعد فترة أنه لم يكن من الممكن ألا أفعل سوي هذا .. مدرستي الابتدائية التي التحقت بها، لم التحق بها إلا لسببين ليس لي فيهما يد .. أن أخي قد التحق بها، و بهذا أكون معه في نفس المدرسة، و أنها قريبة من منزلنا .. و رغم أنها ليست بهذا السوء، لكنها أيضًا لم تكن بهذا الحسن ..
و حتي لا أكون ظالمًا أو متجنيًا، أو سوداويًا، فليس الأمر كله فوق أم رأسي كالمطارق، بل إن بعضه لو لم يكن بالإجبار لما استطعت أن استمر، و أبسط مثال هو ما تقرأونه الآن .. أنا لم اختر أن أوهب القدرة علي الكتابة، لكنني أًعطيتها و لولاها حقًا "لطغشقت من زمان" ..

و بعيدًا عن قصة حياتي البائسة التي لا تهم الكثيرين، لأن كل منا فيه ما يكفيه، فلتر ما حولك لتكتشف هذا ..
صناديق القمامة التي لا تجدها - و يا عجبًا - إلا مع الكناسين ساعة تجميع القمامة، و أين كانت من قبل ؟ .. لست تدري و لن تدري، و تجد أنك مجبر أن تكون "معفنًا" و تلقي القمامة في عرض الطريق - في أحسن الأحوال - بدلاً من أن ينقلب منزلك إلي مقلب ..
إشارات المرور التي لا يحترمها أحد لتجد أن السائقين يسابقونك باعتبارك - و هذه حقيقة علمية اكتشفتهتها العبقرية المصرية - أسرع من السيارة بنسبة 1 إلي 25 .. تجد نفسك مجبرًا أن تعبر الطريق في مسارات حلزونية كالدجاجة الدائخة التي يجري ورائها الفرارجي بالساطور ..
الطاخ طاخ طك طك طك طك طك المتواصلة طوال النهار من جيرانك الذين يصلحون سباكة الحمام إلي البناية التي سترتفع لتسد عنك الماء و الهواء و النور و .. و ..
أنت مجبر هنا و مجبر هناك و مجبر هنالك و مجبر في كل ظروف المكان التي تعرفها في اللغة العربية .. هل اخترت مما سبق شيء ؟ .. هل اخترت أن تصبح "معفنًا" بمعني الكلمة ؟ .. هل اخترت أن تجري في الشارع كالأبله ؟ .. هل اخترت أن تصرخ ؟
أنت مجبر علي نصف أفعالك و مضطر في النصف الآخر، و لن تكون مخيرًا - صدقني - إلا إذا أوجدت لحياتك نصفًا ثالثًا ..





هناك 4 تعليقات:

Unknown يقول...

على فكرة انت ممكن تبقى " مضطر " انك ما تكتبش تانى فى المدونة دى .. ودة ببساطة لا ن واحد "......." مظطر هوة طمان فهم تدوينتك دى غلط .... وراح فاقعك اسفين عند المباحث بتهمة " التشكيك فى ثوابت الدين الاسلامى " ... ساعتها برضه احنا _كمدونين_ حنبقى مضطرين ان احنا نعلن براءتنا مما قلته ولسة حتقوله
هههههههه... بهزر طبعا .. بس حبيت ابدأ بداية مختلفة

بص يا سيدى .. الموضوع فعلا معقد الى اقصى درجة .... مشكلته انه ليه نقاط تماس كتيرة اوى مع ديننا .....عارف ان انت بترصد بس .... دة انا كمان بأيدك وبشدة .. دة اللى انت قلته ده دايرة صغيرة اوى من دواير "الاضطرار" اللى مالية حياتنا .... طب ازّاى نحل المشكل دة؟؟؟
طب نجيبها من ناحية تانية.. هوة انت لو باباك ومامتك ماكانوش داخلوك المدرسة دى ....كنت حاتعمل ايه ؟؟؟.. يعنى لو ماكنوش أجبروك على الدخول فى المدرسة دى كنت حاتعمل اييه ؟؟؟.....كنت حتخش مدرسة تانية .... وكان حيبقى نفس السؤال.... وكنا حنلف فى حلقة مفرغة
انا حانهى التعليق عشان دماغى حتفرقع ..ز منك لله خليت دماغى تشتغل

SKOBL- Little Lazy Me يقول...

عبد حبيب قلبي ... بص ، بعيدا عن الخلاف العظيم هل الانسان مصير أم مخير ... و لأني أصغر مما أفتي فيه بالنسبة للناس فأنا قررت أفتي فيه بالنسبة لنفسي ... احنا اللي بنختار حاجات كتير أوي ... بص معاك ان حاجات كتير أوي اتفرضت علينا في حياتنا لكن برضه مش كلها وحش ... مش عايز اقولك ان مش من الصح انك تقرر أن أبوك و أمك كان من الافضل لو حيبقوا غيرهم ... عايزك تبص للحاجات الكويسة فيهم و افتكر دايما ان هما مهما عملوا عليك برهم ، و ان من برهم انك تقنع نفسك انهم أحسن ناس في الدنيا ، مافيش انسان كامل و صدقني مهما كانت العيوب في اباء و امهات عيوبهم أفظع بمراحل ... البدانه دي معاك ان هما عودونا على حاجات غلط و ان ده الموروث الشعبي في مصر ، لكن في النهاية انت قدرت انك تغلب عليها و ده لازم يكون أكبر مصدر لسعادتك .. لأنك حاربت لأجله و لك تؤته سهلا - ابن تؤته دي للمجهول - المدرسة ده طبيعي ان ما يكونلكش فيها اختيار ، و صدقني مافيش تجربة بتعدي كلها بخسارة ، كونك عرفت منين تيجي الخسارة دي مكسب و كبير كمان ... و بعيد أنت عارف أنا لما بافتكر نقط الخلل في حياتي باتضايق و أقول طب ليه ؟؟؟ بعدين أتخيل ان النقط دي ما كانتش حصلت ، جايز كنت حاكسب حاجات لكن كنت حاخسر حاجات .. و انا في المجمل عاجبني و الحمد لله .. بقية بقى التصرفات اليومية دي ... خد بالحكمة القائلة " كبر ... فلولا التكبير كانت طرشقت من زمان" و ارمي الهم وراك وخلاص ... يلا سلام عشان أروح أسرقلي شوية نوم

و لك كل التحيات

القلم السكندري يقول...

بعيدا عن مسألة الجبر والاختيار..

وفي الأمر سعة أن نتكلم عما يتعرض له الانسان من صنوف القهر

والذي يلتف كالافعي حول عنق أي مصري علي وجه الخصوص


ولكن يبدو أننا أدمناه.. وربما سعينا إلي القفص لو لاحت لنا الحرية يوما ما

لك موفور التحية

i just wana be me يقول...

ساعات بنحتار هل لو كانت كل حاجة بختيرنا هل كانت بتكون احسن من حالنا الي احنا فيه؟

ساعات نتمنى نغير كل حاجة حصلت من يوم ماتولدنا لكن بالنهاية حتى لو غيرنا واخترنا كل حاجة زي مانحب هنوصل اننا مش راضيين ومش عجبنا ونقول ياريت حد اجبرنا على حاجة غير

ببساطة هي الحياة كده !! ننجبر على حاجات ونختار حاجات بالاجبار او لان مفيش خيارات تانية بالنهاية احنا بنحدد هنوصل لفين بطريقة مابنحسش فيها لكن بنحب نلوم غيرنا ونقول مكنش اختيرنا ...

شكرا يا مستر :)

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar