الحلم الخامس عشر: مذاق مختلف للامتحانات
3.11.11
أحلام الفتى الدائخ - الحلم الخامس عشر
الحلم الخامس عشر: مذاق مختلف للامتحانات
كنت أجلس في الصف الثالث أو ربما الرابع في حجرة ضيقة
إلى حد ما، اكتشفت بعد لحظات أنها لجنة امتحان .. هكذا بدأ الحلم فجأة و دون
مقدمات كالمعتاد .. كان امتحانًا في مادة اللغة العربية (الورقة الأولى؛ على غرار
أوراق امتحان الباطنة الثلاثة التي أنهيت امتحانها منذ أيام) للمرحلة الثانية من
الثانوية العامة، المعروفة محليًا بالصف الثالث الثانوي .. كان الامتحان طويلاً
مزعجًا و مليئًا بأسئلة كثيرة من خارج المنهج، ما جعل الأمر متشابهًا إلى حد كبير
مع ما جرى فعليًا في امتحانات الباطنة، لا أعادها الله ..
أتذكر سؤالاً بالتحديد، استرعى انتباهي، ليس لذاته بل
ربما لما سأذكره بعد قليل .. كان السؤال عبارة عن قطعة من قصة ليوسف القعيد اسمها
الفرعون1 (رقم 1 ليس خطأ مطبعيًا) .. قصة قصيرة تحكي عن فرعون أمر باستصلاح أرض
ليزرع فيها ثورًا ذهبيًا، فأحضر لها أفضل طمي في مصر، و خلطه بعسل النحل الذهبي
الصافي، و شمع النحل، ليكون تربة جيدة لاستزراع هذا الثور، كي يقدمه قربانًا
للآلهة ..
جلست أكتب و أكتب و أكتب كما لم أفعل من قبل .. بعدما
استيقظت شعرت أنني كنت أشبع شعوري بالعجز في مواجهة أسئلة امتحانات الباطنة
الخزعبلية .. أذكر أنني أجبت أول سؤالين في الحلم في ثلاثين صفحة !
كانت كراسات الإجابة كتلك التي يستهلكها الطلبة في
المدارس، لا كراسة الامتحانات القياسية التي اعتدنا عليها .. أخذت أكتب و أكتب، ثم
إذا بزميل في المقعد الذي هو أمامي يتساءل عن مغزى هذا السؤال العجيب الخاص بقصة
الفرعون1، و التي ليست مقررة علينا من الأصل .. أجبته أني لا أعرف شيئًا، و أنني
ذاهب لأشتري بعض الأشياء ..
تركت اللجنة – التي كانت في الحي الثالث من المنطقة
الصناعية في العاشر من رمضان – لأجد نفسي في منطقة سبورتنج في لمح البصر .. كان
الوقت ليلاً، رغم أن الامتحان كان في الصباح الباكر .. اشتريت عددًا من مجلة
العربي الكويتية و تصفحته لأجد قصة
الفرعون1 منشورة فيها "بشكل حصري"، و هو ما يعني أنها نشرت يوم
الامتحان، إمعانًا في التعقيد و الإرباك ..
تصفحت القصة سريعًا، و عرفت منها تلك التفاصيل التي
رويتها منذ عدة سطور، و تذكرت أن سؤال الامتحان كان عبارة عن مغزل يدوي و قد غُمس
في شمع و عسل نحل و وضع كما هو – و ليس صورة منه – في ورقة الأسئلة .. كان هذا هو
رأس السؤال، أما السؤال فكان عن استخدامات العسل في مصر الفرعونية، أو شيء من هذا
القبيل ..
عدت للجنة مرة أخرى، لأكمل إجابة الامتحان، الذي بدأنا
نتناقش فيه مبدين تذمرنا من صعوبة الأسئلة .. لا أذكر أن مراقبين – أيًا كان عددهم
– كانوا يمرون بنا، بل كان الأمر مفتوحًا جدًا .. لست أدري ماذا كانت تمثل تلك
الورقة التي سحبتها، و لست أدري عمّ كانت تتحدث بالضبط، لكنني وجدتها فجأة تحت يدي
اليسري كأنما نبتت من العدم، في ذلك الفراغ بيني و بين الجالس جواري في اللجنة ..
كانت صفراء بعض الشيء و عليها كتابة لست أذكرها، لكنني أذكر أنني وقعت عليها
بيسراي بسلاسة تامة، بينما كنت أواصل الكتابة بيميني بسرعة شديدة، قائلا لجاري إنه
يمكن أن يأخذ توقيعي من هنا، و شعرت لحظتها أنني كمن يوقع "أوتوجرافًا"
..
تركت اللجنة مرة أخرى و لست أدري ما السبب، لكنني قررت
العودة إليها سريعًا .. كنت أطير في الهواء – وضعي المفضل في أغلب أحلامي – كأنني
أنزلق على سطح أملس، طيرانًا انسيابيًا هادئًا مريحًا للأعصاب، بالرغم من أن ما
كان يحيط بي لحظتها ليس بهذه الشاعرية .. كان الوقت نهارًا، رغم أنه كان ليلاً منذ
لحظة، و لا أدري ماذا فعلت تحديدًا لكنني قررت العودة مرة أخرى للجنة .. واصلت
طيراني الإنزلاقي مستكشفًا المنطقة من حولي .. كانت كأنها سور بجوار شريط قطار، و
السور من العلو بحيث لا ترى شيئًا مما وراءه، لكنك تعرف قطعًا أنه شريط سكك حديدية
.. كنت أطير بحذاء السور حتى وصلت إلى منعطف أوصلني إلى منطقة أسفل عدد من الكباري
المتقاطعة .. كنت أنزلق بالمقلوب على السطح السفلي للكوبري، بدلا من أن أسير
أسفله، و قد لاحظت انتشارًا كثيفًا للقوات الخاصة، بذلك الزي المميز الذي ذكر
بالفرقة 777 ..
ناورت أولئك النفر من القوات الخاصة، و راوغتهم حتى وصلت
لباب اللجنة، الذي اكتشفت للمرة الأولى منذ بداية الحلم أنه يقع في كهف عظيم من
كهوف منطقة العاشر من رمضان، و إني أطلب منك أن تتجاوز عن هذه النقطة الجغرافية،
فهي ليست أسوأ ما في الحلم بالتأكيد ..
عبرت بوابة الكهف، التي كانت باتساع مسجد محمد علي
تقريبًا، و اكتشفت أن الكهف من الداخل متسع بصورة تذهل الألباب، أما اللجنة ذاتها
فكانت قبوًا في قاع الكهف، لا بد كي أصل إليه أن أدمر كل الفضائيين المتمركزين في
أنحاء متفرقة من الكهف .. توجهت إلى الغرفة الأولى، أو الفجوة الأولى في الكهف، لأكتشف
أنها القيادة المركزية التي يتولاها والدي، فما كان مني إلا أن ضربت الباب بقبضة
يدي التي تحولت كقبضة فتى الجحيم Hell Boy اليمني، و
إن زادت عليها أنها أخرجت عددًا من الزوائد الميكانيكية بعدما اصطدمت بباب الفجوة،
منتشرة داخل الغرفة التي اشتعلت نارًا، و فتحت لي فجوة زمكانية في أرضيتها كي
انتقل إلى اللجنة مباشرة ..
غصت في أرضية الغرفة كأنني أسبح في طبق من الهلام، و اختفى
المشهد تمامًا ليبدأ حلم آخر مختلف شكلاً و موضوعًا ..
كان الحلم الثاني قصيرًا نوعًا ما، و لم تكن فيه تفاصيل
كثيرة، اللهم إلا أن عميدنا الحالي، و عميدنا السابق، قررا – أو ربما قد استجابا
لدعوة من أحد الطلاب – كي يلعبا مباراة كرة قدم ودية .. لم أشهد المباراة، بل شهدت
هذا الحفل الصغير الذي أقيم قبلها، و الذي حضره العميد السابق بنسختين منه، نسخة
شابة و نسخة في عمره الحالي، بينما فقد العميد الحالي نصف وزنه على الأقل، أما ما
كان في المباراة فلست أدريه، فقد استيقظت ..
هيسها معكم
غير معرف
مقسمة هياسيًا مع
أحلام الفتى الدائخ,
ما يكتبه الدائخ
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق