نحى دواته و قلمه جانبا ، و قرأ ما كتب و ابتسامة طفيفة تعلو وجهه ، أحس كأنه يقرأ في أحد الكتب التي اعتاد أن يقرأها في المكتبة الملكية ، أعادته تلك الافكار الى مقابلته مع أرنوك ، تعجب كيف أنه لا يعرف الكثير عما حدث لمعلمه .. كان طفلا عندئذ و لم يخبروه شيئا لشدة ما أحب موار ، و لم يتجرأ أن يسأل عندما كبر خوفا من أن يثير الاما قديمة ، تعجب من بعض كلام أرنوك و كيف لم يفهم معناه ، و تعجب من اصرار أرنوك ألا يراه الملك و لا يعرف باللقاء الذي تم .. قطع سيل تساؤلاته صوت طرق على باب حجرته ، أغلق مذكراته و فتح درجا يبقيها فيه و أغلقه و أدخل المفتاح في جيب سترته ثم أذن لمن بالباب بالدخول.
-ان لم يعجبك ما أعرضه عليك ، فبعه بنفسك لأحد النبلاء ..
-ليكن ما تريد يا رجل .. قالها على مضض ليعطيه الرجل ما كان قد عرضه سلفا من كرونكات قليلة لا تتناسب اطلاقا مع حجم و سمنة هذا الغزال ، ليمضي أرنوك مبتعدا الى حيث المكان الوحيد الذي يقصده عندما يزور المدينة
-لو كنت أحد رجال الملك ، لكنت الان في ورطة
التفت بالرين لصاحب الصوت ضاحكا و قد ميز صوته : قل لي انك لست من رجاله ، ثم ألقى ذلك الصندوق الذي أفرغ مختوياته على جانب الطريق باهمال و هو يتمتم ببعض كلمات ، ثم احتضن أرنوك قائلا في تساؤل : مبكرا جئت هذه المرة
-حظيت بصيد جيد ، كما أن هناك ما يجب أن أخبرك به
-كلي اذان مصغية
- أفضل أن تكون غاريتا موجودة معنا. قالها بجدية أقلقت بالرين الذي قال : ماذا هنالك يا روك؟
- لا شيء يدعو للقلق ..
- بعض الثمار و بعض ، دعك من تلك الأمور الملكية ، أوتعرفين ماذا كان يشغل بالي معظم الوقت؟
- لست أدري ، ربما فتاة تركتها خلفك هنا ؟ قالت ممازحة اياه
- اه نارزا ، انت تعرفين أنني لن أتزوج الان ، أقله ليس كما يرغبون بتزويجي .. ما شغل بالي خقا هم الغوغاء..
-ماذا عنهم ؟
- أريد أن أعرف الكثير عنهم ، هناك شيء ما لست أدركه ، كما أنني لست أرغب أن أكون هذا الحداد ..
- أي حداد ؟؟
- لا عليك ، انه شيء ما أخبرني به موار
- موار-هن ، لقد كان رجلا حكيما ، نعم الصديق و الوزير
- نعم .. أتذكرين ما حدث بينه و بين أبي حقا يا نارزا ؟ لا أستطيع أن أصدق قصة السم و الخيانة تلك
ارتبكت نارزا قليلا و شردت بعينيها تتذكر
- نارزا.. ؟ نادى عليها را يخرجها من ذكرياتها سائلا مرة أخرى عما حدث حينها
- أنا حقا لا أذكر الكثير يا بني ، و أنت تعرف ، نارزا لا تتدخل أبدا في شئون الحكم .. و لكن ما ذكرك به ، أقصد موار؟
- لقد رأيت .. بعض الكتب التي كنت أقرأها عليه
- أنس الماض بني ، و ان كنت تريد خقا تشريفه فاعمل بما علمك
- و هذا ما أنوي فعله.
- لا تقلقي غاريتا ، لقد قابلت را اليوم
- أ ي را تقصد
- و هل نعرف را سواه ، الامير را-هيمين
- ماذا ، يالله ، و هل عرف بنا ؟
- لا يا روك ، لقد أمسكني حرسه بينما كنت اصطاد ، فعرفني بينما عرضوني عليه
- و الان يجب علينا أن نفر مجددا .. قالها بالرين في قلق و حزن
- لا ، رين .. لقد أخبرته أنني الوحيد الذي نجا منا ، و ..
- أصدق هذا ؟
- نعم ، و لكني أحببت أن ابلغكما كي تأخذان حذركما ، لربما أبلغ أباه بالأمر ، و هذا ما رجوته ألا يفعل
- لا زلت أرى أن نختفي لبعض الوقت . قالها بالرين و قد بدا الخوف يتملكه
- لا رين ، انه لا يعرف عنكما شيئا ، و ما كان را ليعرفني لو لم أكن اشبه أبي الى هذه الدرجة .. كما أننا استغرقنا و قتا كي نصل لما نحن عليه الان ، فجميع عيون الملك يعرفونكم كغوفائي و زوجته يديرون خانة ، و يعرفونني كصياد ازوركم للطعام و النساء ، كما أنني لاحظت شيئا عليه ، كأنه لا يعرف ما جرى أو يجري ، كأنه كان سعيدا حقا لرؤياي
- و أن كان يا روك ، فقد كان والده يسعد لرؤيانا و أبانا كثيرا ، و لم يحل هذا بينه و بين ما فعل
- أدرك هذا ، لذلك أردت أن أخبركم ، و الان هل لي ببعض الطعام يا سادة؟ قالها ضاحكا مخاولا أن يهديء من روعهما.
التفت الى هذا الصوت ليرى الرجل الضخم الذي تشاجر معه المرة السابقة فأجاب قائلا محاولا أن ينطقها كما يفعل الغوغاء : نعم ، مر و قت ليس بقليل
- لا بد أنك اشتقت اليهن
- هن ؟
- النساء ..
- بالطبع ، و لكني اشتقت الى الطعام الجيد أكثر
- اذن فعليك بحساء الخضروات ، فامرأة صاحب الخانة لا يضاريها في طهوه أحد
- و ماذا عنك ؟
- لقد تناولت طعامي للتو ، و لكني سأشرب معك حتى تنهي طعامك ثم نشرب سويا
نادى الضخم على النادلة و طلب زجاجة شراب و صحنا من الحساء ، سرعان ما عادت النادلة بالشراب و أخبرتهم أن الطعام سيستغرق بعض الوقت
ملأ الضخم الكأس و ناولها لرا قائلا : حتى يأتيك طعامك
- لست في مزاج للشرب حقا ..
رمقه الرجل بنظرة قلق ، و قال : أنت لا تشرب أبدا و لا تأتي هنا لأجلهن ، فلم تأتي اذا ؟ يا الهي .. أنت من رجاله
- رجال من ؟
- الملك ، انه رجل عظيم ، صدقني يا سيدي أنا لست على علاقة بأي مما يحدث من شغب
تعجب را من تصرف الرجل ، و كأن رجل والده ، و ان كان لا يفهم من هؤلاء ، يخيفون الغوغاء ، و لكنه قال للرجل : لا يا صديقي، و لكني أمتنع عن الشراب و النساء لسبب
- اي سبب هذا الذي يمنع شابا مثلك عنهما ؟!
- انها قصة طويلة ، لا أريد أن أشغل بالك بها
- و هل نملك شيئا الا الوقت أيها القط .. قالها و ابتلع ما كان قد صبه في الكوب دفعة واحدة ليكمل : احك لي ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق