30.9.09

الذهب الأحمــر - تابع الفصل الثاني

" غريب أنني أتشوق لهذه الزيارة ، منذ مدة ليست بقصيرة و أنا أتذكرهم بضحكاتهم ، بنظراتهم ، بذلك الشيء العجيب الذي يربطهم ، قد لا يعرفون بعضهم البعض و لكنهم يتعاملون و كأنهم أصدقاء أحماء يربت أحدهم على كتف الاخر و يمازحه ، كأن الغوغائية صلة قرابة تجمعهم ، مالا أدركه عنهم كثير ، لكني سأحاول التعرف عليه شيئا فشيئا .. لقد قال لي المعلم موار يوما ان الملك الذي لا يعرف شعبا يحكمه كالحداد الذي لا يعرف كيف يوقد نارا أو يطرق ، و لست أنوي أن أكون هذا الحداد .. أريد أن أكون ملكا عظيما كوالدي "
نحى دواته و قلمه جانبا ، و قرأ ما كتب و ابتسامة طفيفة تعلو وجهه ، أحس كأنه يقرأ في أحد الكتب التي اعتاد أن يقرأها في المكتبة الملكية ، أعادته تلك الافكار الى مقابلته مع أرنوك ، تعجب كيف أنه لا يعرف الكثير عما حدث لمعلمه .. كان طفلا عندئذ و لم يخبروه شيئا لشدة ما أحب موار ، و لم يتجرأ أن يسأل عندما كبر خوفا من أن يثير الاما قديمة ، تعجب من بعض كلام أرنوك و كيف لم يفهم معناه ، و تعجب من اصرار أرنوك ألا يراه الملك و لا يعرف باللقاء الذي تم .. قطع سيل تساؤلاته صوت طرق على باب حجرته ، أغلق مذكراته و فتح درجا يبقيها فيه و أغلقه و أدخل المفتاح في جيب سترته ثم أذن لمن بالباب بالدخول.
***
-بالله عليك يا رجل ، يندر الحصول على غزال في مثل حجم هذا .. تعرف جيدا أنك لو بعته لأحد النبلاء فلن تأخذ فيه أقل من عشرة أضعاف ما تعرضه علي..
-ان لم يعجبك ما أعرضه عليك ، فبعه بنفسك لأحد النبلاء ..
-ليكن ما تريد يا رجل .. قالها على مضض ليعطيه الرجل ما كان قد عرضه سلفا من كرونكات قليلة لا تتناسب اطلاقا مع حجم و سمنة هذا الغزال ، ليمضي أرنوك مبتعدا الى حيث المكان الوحيد الذي يقصده عندما يزور المدينة

-لو كنت أحد رجال الملك ، لكنت الان في ورطة
التفت بالرين لصاحب الصوت ضاحكا و قد ميز صوته : قل لي انك لست من رجاله ، ثم ألقى ذلك الصندوق الذي أفرغ مختوياته على جانب الطريق باهمال و هو يتمتم ببعض كلمات ، ثم احتضن أرنوك قائلا في تساؤل : مبكرا جئت هذه المرة
-حظيت بصيد جيد ، كما أن هناك ما يجب أن أخبرك به
-كلي اذان مصغية
- أفضل أن تكون غاريتا موجودة معنا. قالها بجدية أقلقت بالرين الذي قال : ماذا هنالك يا روك؟
- لا شيء يدعو للقلق ..
***
- نارزا ، اشتقت اليك. قالها را و هو ينهض لاستقبال مربيته التي قالت : و أنا أيضا يا بني ، ارجو أن تكون رحلتك قد اتت ثمارها
- بعض الثمار و بعض ، دعك من تلك الأمور الملكية ، أوتعرفين ماذا كان يشغل بالي معظم الوقت؟
- لست أدري ، ربما فتاة تركتها خلفك هنا ؟ قالت ممازحة اياه
- اه نارزا ، انت تعرفين أنني لن أتزوج الان ، أقله ليس كما يرغبون بتزويجي .. ما شغل بالي خقا هم الغوغاء..
-ماذا عنهم ؟
- أريد أن أعرف الكثير عنهم ، هناك شيء ما لست أدركه ، كما أنني لست أرغب أن أكون هذا الحداد ..
- أي حداد ؟؟
- لا عليك ، انه شيء ما أخبرني به موار
- موار-هن ، لقد كان رجلا حكيما ، نعم الصديق و الوزير
- نعم .. أتذكرين ما حدث بينه و بين أبي حقا يا نارزا ؟ لا أستطيع أن أصدق قصة السم و الخيانة تلك
ارتبكت نارزا قليلا و شردت بعينيها تتذكر
- نارزا.. ؟ نادى عليها را يخرجها من ذكرياتها سائلا مرة أخرى عما حدث حينها
- أنا حقا لا أذكر الكثير يا بني ، و أنت تعرف ، نارزا لا تتدخل أبدا في شئون الحكم .. و لكن ما ذكرك به ، أقصد موار؟
- لقد رأيت .. بعض الكتب التي كنت أقرأها عليه
- أنس الماض بني ، و ان كنت تريد خقا تشريفه فاعمل بما علمك
- و هذا ما أنوي فعله.
***
- حسنا يا روك ، ماذا هناك ؟ أقلقتنا
- لا تقلقي غاريتا ، لقد قابلت را اليوم
- أ ي را تقصد
- و هل نعرف را سواه ، الامير را-هيمين
- ماذا ، يالله ، و هل عرف بنا ؟
- لا يا روك ، لقد أمسكني حرسه بينما كنت اصطاد ، فعرفني بينما عرضوني عليه
- و الان يجب علينا أن نفر مجددا .. قالها بالرين في قلق و حزن
- لا ، رين .. لقد أخبرته أنني الوحيد الذي نجا منا ، و ..
- أصدق هذا ؟
- نعم ، و لكني أحببت أن ابلغكما كي تأخذان حذركما ، لربما أبلغ أباه بالأمر ، و هذا ما رجوته ألا يفعل
- لا زلت أرى أن نختفي لبعض الوقت . قالها بالرين و قد بدا الخوف يتملكه
- لا رين ، انه لا يعرف عنكما شيئا ، و ما كان را ليعرفني لو لم أكن اشبه أبي الى هذه الدرجة .. كما أننا استغرقنا و قتا كي نصل لما نحن عليه الان ، فجميع عيون الملك يعرفونكم كغوفائي و زوجته يديرون خانة ، و يعرفونني كصياد ازوركم للطعام و النساء ، كما أنني لاحظت شيئا عليه ، كأنه لا يعرف ما جرى أو يجري ، كأنه كان سعيدا حقا لرؤياي
- و أن كان يا روك ، فقد كان والده يسعد لرؤيانا و أبانا كثيرا ، و لم يحل هذا بينه و بين ما فعل
- أدرك هذا ، لذلك أردت أن أخبركم ، و الان هل لي ببعض الطعام يا سادة؟ قالها ضاحكا مخاولا أن يهديء من روعهما.
***
دفع را-هيمين باب الحانة بيده و دلف الى هذا العالم الصاخب ليتجه الى ركن جلس فيه مراقبا ما يجري خوله كأنه طفل يتعلم ، قطع تركيزه صوت خشن : مضى زمن منذ رأيناك هنا أيها القط ؟
التفت الى هذا الصوت ليرى الرجل الضخم الذي تشاجر معه المرة السابقة فأجاب قائلا محاولا أن ينطقها كما يفعل الغوغاء : نعم ، مر و قت ليس بقليل
- لا بد أنك اشتقت اليهن
- هن ؟
- النساء ..
- بالطبع ، و لكني اشتقت الى الطعام الجيد أكثر
- اذن فعليك بحساء الخضروات ، فامرأة صاحب الخانة لا يضاريها في طهوه أحد
- و ماذا عنك ؟
- لقد تناولت طعامي للتو ، و لكني سأشرب معك حتى تنهي طعامك ثم نشرب سويا
نادى الضخم على النادلة و طلب زجاجة شراب و صحنا من الحساء ، سرعان ما عادت النادلة بالشراب و أخبرتهم أن الطعام سيستغرق بعض الوقت
ملأ الضخم الكأس و ناولها لرا قائلا : حتى يأتيك طعامك
- لست في مزاج للشرب حقا ..
رمقه الرجل بنظرة قلق ، و قال : أنت لا تشرب أبدا و لا تأتي هنا لأجلهن ، فلم تأتي اذا ؟ يا الهي .. أنت من رجاله
- رجال من ؟
- الملك ، انه رجل عظيم ، صدقني يا سيدي أنا لست على علاقة بأي مما يحدث من شغب
تعجب را من تصرف الرجل ، و كأن رجل والده ، و ان كان لا يفهم من هؤلاء ، يخيفون الغوغاء ، و لكنه قال للرجل : لا يا صديقي، و لكني أمتنع عن الشراب و النساء لسبب
- اي سبب هذا الذي يمنع شابا مثلك عنهما ؟!
- انها قصة طويلة ، لا أريد أن أشغل بالك بها
- و هل نملك شيئا الا الوقت أيها القط .. قالها و ابتلع ما كان قد صبه في الكوب دفعة واحدة ليكمل : احك لي ...





ليست هناك تعليقات:

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar