ترددت ، و لكن البرد المتساقط شجعني .. سرت في ظل مظلتك و حاولت ألا تشعر ، ثم رأيتك تقف و تستدير مبتسما ، أسرعت مضطربة أحاول الاستمرار في طريقي ..
سمعت صوتك : " لو سمحتي .."
التفتت اليك ، رأيتك تمد يدك بالمظلة قائلا : أيمكن أن تحمليها دقيقة لأجلي؟
لم أكن أعي ما يحدث ، و لكني حملتها ..
" وهذا.."
ناولتني كتابا بنفس الابتسامة فأخذته
" حسنا .. ان بيتي قريب من هنا " و أشرت بيدك الى الجهة الأخرى .. " يمكنك أن تأخذي المظلة ، عنوان عملي في الكتاب ..يمكنك أن تعيديها غدا "
حاولت التكلم فأبى لساني ، حاولت النطق فلم أنطق الا : " و لكن .."
" أرجوك ، سأكون ممتنا "
ثم استدرت و عبرت الطريق اى الجانب الاخر ، تابعتك حتى وصلت هناك ثم مضيت و أنا بين حين و اخر ألتفت .. كنت تتجه نحو مبنى ثم اختفيت
ذهبت في اليوم التالي الى عملك ، قالوا أنك اتصلت معتذرا لبرد أصابك .. أشفقت عليك ، مررت في طريق عودتي ببيتك الذي لمحتك تختفي فيه ، ترددت ألف مرة قبل أن أطرق الباب ..
سألت عنك ، قالوا لا تسكن هنا.. وقتها أدركت كل شيء ..
بعد أسبوع مررت كعادتي بعملك فوجدتك ولا زال بك أثر من ارهاق ، رأيتني و نظرت اليّ ، تاهت عينيّ في عينيك للحظات ، ثم أفقت .. ناولتك مظلتك و قلت :
" شكرا لك ، أسفة على ما سببت لك من مرض.."
"لا تقلقي .. لا مشكلة .."
ناولتك الكتاب .. " أعتذر منك ، لمحت العنوان .. شدني فقرأت فيه قليلا .."
" حقا .. شدني ايضا يوم اشتريته .." تحت المطر " .. عنوان جميل "
" نعم "
" يمكنك اكماله ، و عندما تنتهين ، ستجديني هنا .."
" شكرا لك "
رددت بابتسامتك ، رددت عليها
" حسنا بعد اذنك "
" تفضلي "
استدرت لأرحل و سعالك يودعني كأحسن كلمات الغزل ، و فجأة انقطع السعال ، استدرت فوجدتك تستند الى الجدار ممسكا رأسك
هرولت تجاهك : " سيدي، هل أنت بخير ؟؟ "
" نعم .. نعم لا تقلقي .."
لم أنه الكتاب و لكني أحببت أن أراك مجددا .. جلبت الكتاب معي و ذهبت الى عملك ، لم أجدك .. سألتهم ، قالوا : " مريض في مستشفى المدينة العمومي "
هرعت الى هناك و سألت عنك .. أخبروني برقم الغرفة .. سألتهم بم أنت مريض ، " سرطان بالمخ " ..
أسرعت اليك و دمعي في عيني
وجدتك كما أنت .. رغم شحوب وجهك تبتسم .. قلت لي : " عرفت أنك ستأتين ، هل أنهيتيه ؟؟ "
" نعم " قلت و أنا أبكي ..
" أنت سريعة في القراءة "
سال دمعي .. و أناأراك ممدا أمامي ..
" لا لم أنهه ، لكني أردت أن أراك .."
و كأنني حينها أنا المريضة و أنت تخفف عني ، حكيت لي و رويت ، قرأت لي من الكتاب احدى القصائد ..
ثلاثة أيام ..
و عندما مررت باكرا كعادتي لأقضي اليوم أرعاك ، لم أجدك ..سالتهم عنك
" رحل بالأمس .. و هو يشاهد هطول المطر من النافذة ، ألست أنت السيدة .... ؟؟"
هززت رأسي باكية تعتصر عيناي دمعها و يعتصر الحزن قلبي
" لقد ترك لك ورقة قبل هذا .. لا زالت مكانها بجوار فراشه "
في الورقة مكتوب .. " أشعر بأنني سأشاهد اخر هطول للمطر .. وددت لو كنت معي ، وددت لو كنت زوجتي و احتضنتك تحت حبات المطر ، تداعب تلك الحبات جبينك و شعرك الأسود ملتصق به .. و لكن لم تمهلني الأيام طويلا ..
أشكر الله على المطر فلولاه ما عرفت أجمل و أحب مخلوقة اليّ .. بجوار الرسالة ستجدين المظلة و الكتاب .. أرجوك ، احتفظي بهما ، وعندما تنجبين أطفالا أعطي البنية المظلة و الكتاب أعطيه للصبي ، علميهما أن يحبا المطر .."
تناولت المظلة ، ضممتهما و الدموع في عيني .. طلبت أن أراك ، قبلتك في جبينك ، لا أدري لماذا سكت حينها ولم ابك ، كنت تبتسم كما أنت دوما ، لم يفعل بك الموت الا أنه أضفى على وجهك مسحة من الملائكية ..
لا زلت أمشي دوما تحت المطر ..
تخفي حباته دمعي الحزين على فراقك و تترك ابتسامة أرسمها لأنه جدير بي أن أكون مثلك .. أخفي حزني بداخلي لأجعل الناس سعداء
بقلم / أحمد حبيبة
هناك تعليقان (2):
إيه ياعم ده ..
إيه الرومانسية دي .. لا بجد ..
بص بعيدًا عن رقتها، ففكرة تحت المطر دي جديدة و لذيذة ..
الله يرحمه بقي ما لحقش يشوف الشتا الجاي .. بس البركة فيها ..
ايه يا عم الحزن دا كله
بس على فكرة دا كدة بيوصف احساسك
ليه مالك حزين بالشكل ده
بس في حاجة مش عجباني ودا مجرد رأي
(سعالك يودعني كأحسن كلمات الغزل )
العبارة دي مش عجباني والاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية
بس في الاول والاخر ----------رائعة جداا والرمانسية فيها عالية اوي اوي
إرسال تعليق