6.7.09

تذكرت

كنت قد انتويت ، لما وجدت نفسي غير قادر على كتابة شيء، أن ابحث في دفاتري القديمة .. و أكتب بعضا مما كنت كتبت سلفا من شعر و سواه .. و كنت قد انتويت أيضا أن أكتب بضعة مرات عن ملاحظاتي حول ما تغير في الشارع المصري بما انني منذ قدوم الاجازة و أن انسان " شوارعجي" .. ثم حدث شيئ غير تماما ما يجب أن أكتبه .. لقد حدث و أن تذكرت المعتصم .. يغرف كثير منا المعتصم و يجهله الكثير .. يعرفه البعض من خطبة الجمعة ، و البعض الاخر من كتب الشعر و الشعراء .. أنا عرفته عندما كنت في الثامنة أو التاسعة من عمري ، كنت قد أشتريت ثلاث سلاسل من كتب الأطفال .. احداها عن غزوات الرسول الكريم محمد صلى الله و رضي عليه و سلم ، أما الاخرى فكانت عن الصحابة أبرزهم .. و كانت الثالثة عن الخلفاء المسلمين .. و قرأت سيرة المعتصم و قرأت القصة التي ذكرها له التاريخ ، أو لنقل التي لا نزال نسمع بها من سيرته .. اذ حدث ان اغار الروم على قرية أهلها من المسلمين و أسروا نسائها فنادت أحداهم قائلة: وامعتصماه ..
سمع المعتصم هذا فصاح في أخيه الصغير قائلا: " يا عم نشرة ايه .. شوفلنا ماتش و لا فيلم ولا أي حاجة مفيدة " ، و أحيانا اخرى ينهض من أمام التلفاز ليجلس على حاسوبه يلعب أو يتابع الفيس بوك ، و ذات مرة جلس على الياهو لكي يحاول اضاعة الوقت .. عفوا ، هذا انا و كثير منا .. أما المعتصم فقد ترك كوبا كان قد انتوى أن يشرب منه ، و قال لبيك لبيك ..و أرسل رسالة الى ملك الروم قائلا : " من خليفة المسلمين المعتصم الى كلب الروم، سأرسل لك جيشا أوله عندك و اخره عندي" ، ثم سار بجيشه حتى وصل الى عمورية أكبر مدنم فحاصرها حتى هزمها " ..
لا أعرف ماذا اقول فكفى ما قيل و لكن ما ذكرني هو ما حدث لـ مروة الشربيني - رحمها الله - .. لا أريد أن أبدأ في الحديث عن ضعف المسلمين و العرب حتى هانوا ، ولا أريد الخوض في صراع اذا ما كان حجابها دافعا لقاتلها أم لا أن يفعل ما فعل ، ولا أريد أن أتحدث عن الفارق بين حكوماتنا و قد شاهدت النخوة و الحمية تأخذهم و قد أحمرت وجوههم غيرة على ابنتهم فتبجح غير واحد منهم قائلا انهم اتخذوا الاجراءات المناسبة و ياليته ما عدد فخورا هذه الاجراءات .. و بين المعتصم ، و لا أريد الخوض في أمر المسلمين أيام المعتصم و الان .. و يا ترى لو نادى فينا حكامنا فهل سنخرج في جيش أوله عند من اعتدى علينا و أخره عندنا .. و لا أريد الحديث عن الذين اهتموا لوفاة مايكل جاكسون ، أو لشريط جديد لمطرب أيا كان ، أو لمباراة كرة أكثر مما أهتموا لما حدث .. لن أتحدث عن أحد و لكنني سأقول ما حدث .. كنت أجلس أمام التلفاز و تلك من المرات القليلة ، اذ أن أغلب وقت فراغي أقضيه في اللعب على الحاسب ، و كنت أقلب فثبتت على قناة النيل الاخبارية ، و تلك من المرات القليلة أيضا عندما لا أجد ما أشاهده .. و سمعت الخبر و فهمت أن مصرية ما قتلت في المانيا بداخل المحكمة .. لا أقول ان اهتمامي القصير بالموضوع و محاولة معرفة أبعاده حتى انتهت تغطية الخبر ، تمحي ذنبي اذ نسيت الموضوع تماما و لم اكترث له و انشغلت بتفاهاتي عن متابعته .. ما حدث و ذكرني هو دخولي على الفيس بوك و قرأت بعض العناوين و وجدت رابطا عرفت فيه حقيقة الأمر ، سرعان ما مر أمامي شريط ذكريات .. تذكرت المعتصم ، تذكرت محمد الدرة .. تذكرت ذات مرة شاهدت فيها التلفاز وقد وقفت امراء فلسطينية تشكي و تستغيث بنا المسلمين ، و تذكرت ما حدث مني عندما سمعت عن مروة - رحمها الله - .. تذكرت كل هذا .. الان تتسع أفكاري أكثر أتذكر هوان أبنائنا على حدودنا مع اسرائيل ، أتذكر اغلاقنا المعابر في وجه الفلسطينين و تبجح البعض بقول "دول يستاهلوا .. هما اللي باعوا أرضهم" .. و ضحكت كمدا اذ تذكرت قوله تعالى في سورة التوبة" و ان أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ... التوبة 6 " صدق الله العظيم ، و أسائل هؤلاء : ما بالكم بما يجب علينا نحوهم الان؟ ..تذكرت كيف رفضنا اغاثة غزة بل كيف كان الوقود الذي حرك جيوشا دمرتها وقودا عربيا ، تذكرت كيف دسنا أحلام أبنائنا على شواطيء ليبيا و سواها في زوارق الموت .. تذكرت كيف أيئسنا جيلا كاملا ، بل أجيالا من أبنائنا من أوطانهم فأصبحت جميع أحلامهم منسوجة في عالم وردي يختلف عما رأوه في بلادهم ثم نطلب منهم أن يتغنوا بحب مصر ..تذكرت صديقا قال لي ذات يوم أنه لو طلب اليه ان يعمل كجاسوس لعمل فبلدك ليست هواءا مباركا تتنشقه ولا ماءا طاهرا تتغنى به و انما بلدك من تحتضنك و ترعاك ، تذكرت فرقة العرب و ضعفهم و هوانهم .. و تحسرت اذ تذكرت الناس يلومون حكوماتهم على عدم قيام وحدة عربية بينما يسيء بعض العرب معاملة من ذهب لكسب العيش عندهم من عرب أخرين .. و البعض الاخر يسب شعبا عربيا بأكمله و يصفه بانعدام الاصل و الخسة ، تذكرت أنني كشاب أخطط لمستقبلي كان علي أن افكر ألف مرة لأني مسلم ، و ألفا أخرى لأني عربي .. و الافا أخرى لأني مصري ان كان حتى حلمي في ذلك العالم الوردي خارج بلادي سيتحقق ام لا .. تذكرت ما حدث لأجمل ما كان في مصر و هم أناسها و كيف تغيروا عن شهامتهم و كرمهم و طيبتهم ..و كيف حولهم ضيق العيش لشعب اخر ما عاد يحتمل في كثير من الاحيان ، تذكرت كيف أكلنا لأعوام مبيدات مسرطنة و لم يحاسب المسئولين ، تسائلت كيف هرع الجميع يتباكى نفاقا و يسرف في دموع التماسيح بكاءا على طفل واحد لقي ربه ، بينما ما فعل أحدهم شيئا لقطارات حملت اسرا الى الموت ، و لا اهتموا بعبارات أطعمت أسرا بأكملها أباءا و أمهات يرون ابنائهم بأعينهم تتقاذفهم الامواج لتطعمهم لليم بقروشه ، تذكرت بلادي التي نتغنى فيها بمشروع للقراءة للجميع بينما الاولى أن نقيم مشروع الطعام للجميع ، تذكرت كيف أقسمت سيدة فقيرة لأمي انهم أمضوا ثلاثة ايام يبحثون عن الخبز في القمامة فلم يجدوه حتى ، تذكرت كيف جعلنا قدوة أبنائنا لسنوات شخصا أبله يتحدث بطريقة كمن أصابته عاهة و يكثر من الشتائم و يهز مؤخرته ، تذكرت مرة سألت مذيعة الدكتور فاروق الباز لماذا لا يظهر في البرامج و ان كان ذلك لانشغاله فأجابها انه لانشغالهم هم بالفنانين و الراقصين و انه لم يظهر لأن أحدا لم يطلب منه ، تذكرت بلادي التي تباع أرضها و ثرواتها بثمن بخس ، تذكرت كيف و قد دخلت احد الكليات المسماة بكليات القمة لأجد نفسي أمضي سنوات من عمري هباءا ، تذكرت و لو حاولت أن أتذكر -رغم ضعف ذاكرتي- لتذكرت ما يكفيني لأكتب مواضيع و مواضيع .. ختام القول ، لقد اثرنا الكسل ، و أدمنوا العمل .. لقد استعمرونا بلا سلاح ، لقد ملكوا رغيف خبزنا فذللنا لهم .. لقد قلدوا أحسن ما عندنا و قلدنا أسوأ ما عندهم .. بايدينا يا سادة وصلنا لما نحن فيه من ضعف ،و الضعيف لا يهاب ، و من لا يــُهاب يـــُـــذل ..





هناك 4 تعليقات:

ست البيت يقول...

كتر خيرك قلت فوفيت
واوجزت
دمت بحفظ الرحمن

غير معرف يقول...

و ليتك ما تذكرت !

MaNoOoSh يقول...

هم احتلونا بدون سلاح واحنا سلمنا عقلنا وارادتنا بدون ادنى مقاومة

Unknown يقول...

ليه بس يا عم احمد
فكرتنا ليه..
ما كنت تبنا غرقانين فى اللاشىء والهبل والعته
فى الجون يا حبيبة

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar