12.7.09

الذهب الأحمر - تابع الفصل الثاني

- عرض زواج ، ياللوغد ..
قالها الملك با-هيب و قد استشاط غضبا و جن جنونه عندما وقف ابنه ليروي له ما حدث في رحلته الاخيرة كسفير .. ثم استطرد : يريدك لابنته ، و هو يعرف جيدا أنني لم ألجأ اليه الا لشدة حاجة ، يعرف جيدا أنني لا أطيقه
-لو كنت قلت ذلك يا مولاي لما خرجت برجالي من هناك
حاول الملك أن يستعيد هدوءه سائلا ابنه: صدقت يا را ، صدقت .. ثم سأله في استنكار و قلق : لا تقل لي انك وافقت؟!
- أوافق علام يا ابتاه ، أنت تعرف جيدا أنني لن أتزوج هكذا ..و ان كان فيستحيل أن تكون ابنة هذا الرجل .. ثم أخذ يروي له..

عندما سمع الأمير كلمات تارام ملك الشمال ، أصابته صدمة للحظة ، اذ توقع كل عرض و تخيل رده الا هذا العرض .. و لم يكن ذهوله لغرابة العرض و عدم توقعه فقط ، بل لأنه سرعان ما أدرك أن رفض هذا العرض ستتبعه بعض استنكارات من تارام و أسئلة لو أجاب عنها بصراحة أو ما يقرب اليها لما خرج و أعضاء وفده من عند تارام و لقامت الحرب بين المملكتين .. أثرى هذا التخيل في ذهنه ما يعرفه عن جنون تارام و طغيانه .. لكنه سرعان ما تمالك نفسه و رسم تلك الابتسامة التي علمها ايه معلمه و مربيه و كان يسميها "ابتسامة الوقت" لأنها تكسب صاحبها الوقت ليفكر في رد دون أن يبدو أنه تأخر بسبب خوف أو تفكير أو سواهما ..
و لكن أي ابتسامات تجدي مع رجل في مثل دهاء تارام .. اذ سرعان ما استدار دورة كاملة و قال للأمير: فما قولك يا بني؟
كانت اللهجة كأنها تسخر منه كيف أوقعه تارام بسهولة .. الا أن را-هيمين سرعان ما رد : ان كان الرد الذي تريده ردي كرا-هيمين الرجل ، فكيف يرفض رجل الزواج بامرأة جمعت الجمال و نبل الأصل و المال و كل ما يبتغيه الرجل في امرأته .. و لكني في قصرك و ضيف بلاطك لا بصفتي الشخصية و انما جئت رسولا عن والدي ، أحمل منه عرضا أعود اليه برد ، و أكون تجاوزت حدود النبل الذي لا ترضى لابنتك زوجا سواها ان قطعت ردا دون العودة اليه و ان أحببت هذا و ملت اليه .. أوليس كذلك جلالتك؟
تغيرت ملامح تارام الساخرة و المليئة بزهوة النصر الى الهدوء و الاعجاب و الحنق أيضا .. الهدوء لأنه لم يكن يملك ردا على كلام الفتى ، و الاعجاب بسرعة بديهته و كيف استل نفسه من المأزق ، و الحنق اذ لم تفلح مخططاته .. و في هدوءه الذي يجاهد يخفي خلفه كل ما يعتمل في نفسه أجاب قائلا: صدقت أيها الأمير الرسول..
ثم أشار لكاتم سره أن يسمح للنبلاء بالدخول و استكمال مجلسهم و ما ستعقبه من احتفالات بوفد الحلفاء على حد وصفه.

تبسم الملك با-هيب قائلا يربت على كتف ابنه: أحسنت صنعا يا بني ، و الله لو كان والدك في مثل موقفك لما أجاب بأحسن من هذا
ثم استطرد متنهدا: لقد أحسن موار-هن تعليمك ، رحمه الله .. لولا خيانته تلك ..
-نعم لقد أحسن تعليمه الاخلاق و الحكمة و حسن التصرف .. قالتها الملكة و قد جاءت تطمأن على ابنها و قد نبئوها بعودته بينما كانت تزور موتى الاسرة في طرف حديقة القصر ..
ثم أكملت في كلمات تحمل بين طياتها الانكار و اللوم : و لازلت غير متصورة كيف لرجل أن يعلم شيئا نبيلا على هذا النحو ثم يخون ..
و كأنما ذكرت الملك بجرح قديم .. فقال في لهجة المدافع: لقد أشار كل شيء ضده عندئذ .. و حتى الان لم يظهر ما يبرأ ساحته
قالت الملكة: و ان .. ثم أثرت أن تنهي النقاش بينها و بين زوجها لتطمئن على ابنها و تسمع منه تفاصيل رحلته

جلس الأمير بعد أن أذن له أبواه بنيل قسط من الراحة بعد سفره ، و بعد أن اطمأن قلباهما عليه ، مفكرا في أيام صباه و معلمه موار-هن .. و كيف أن كثيرا مما هو عليه الان بفضل الله ثم بفضله .. ليس لأن أباه كان أبا سيئا بل لأنه كان مشغولا بتثبيت أركان ملكه حينئذ فلم يجد من يوكل اليه بابنه سوى صديقه الصدوق و مستشاره المخلص ، تذكر الكثير .. تذكر كيف كانت علاقته بمعلمه و صديق أبيه .. و كيف كانت صداقته بأبناء المعلم و الذين طالما تعجب كيف أنهم كانوا جميعا أبناءه و ينادونه أبي لكنهم كانوا يستمرون باخباره أنهم ليسوا اخوة .. كان صغيرا و لم يفكر في السؤال عن الامر حينئذ .. و لم يجرؤ أن يسأل عنه عندما كبر ، لعلمه بما كان يثيره الامر في صدر والديه .. و لم يكن يستطيع أن يسأل الأولاد أنفسهم ، اذ اختفوا تماما مع ما حدث لأبيهم و لم يعرف مصيرهم أحد .. و هكذا نشأ بلا صديق سوى نارزا مربيته ..
و لما تذكر نارزا ، تذكر الغوغاء و ما كان من أمره و اياهم قبل رحلته تلك .. و ابتسم و قد تمدد في فراشه يشعر براحة بال عما فعل ، و عما انتوى أن يفعل


ملحوظة: أعتذر عن طول مدة الانقطاع عن الكتابة في هذه القصة





هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

أزرغد يعني ؟
أخيرًا يا راجل نشفت ريقي .. تكملة الفصل في السكة إن شاء الله، ما تقلقش ..

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar