7.3.08

الذهب الأحمر - تابع الفصل الأول

فها هو الأمير الذي طالما كان فوق الجميع يرزح تحت ثقل هذا الغوغائي الضخم الذي أخذ يكيل له اللكمات ، و بين لكمة و أخرى يرفع رأسه القبيح و يبتسم ابتسامة غبية مستعرضا بضع أسنان متبقية و القوم يضحكون و كأنهم يشاهدون مسرحية ، لم يكن الأمير ضعيفا ، و لكن ما حدث لم يكن متوقعا ، كما أنه حدث بسرعة شديدة كعدو أخذه على حين غرة و بغريزة رجل أكثر منها غريزة أمير،دافع عن نفسه و كان حقا ليخسر بمقاييس الحجم و لكنه تعلم كيف يقاتل و كيف يدافع عن نفسه و سرعان ما استوت الكفتان و كأنما أصبح الأمير غوغائيا ، فأخذ يكيل للضخم لكمة و ينظر للناس مبتسما ، فيصيبه الضخم بلكمة و يضحك بدوره ،و هكذا حتى عدل الأمير عن غوغائيته و كال للضخم بضع لكمات جعلته يرفع يدا و يقول : حسنا .. حسنا ، تربح أنت
ثم قال و هو يتفقد موضع انبثاق الدم من فمه : انك أقوى قط أشقر قابلته في حياتي
ضحك الحاضرون ، حسبها الأمير اهانة أخرى و كاد يعاود هجومه ، لولا أن رأى الرجل الأخر يقترب منه مادا اليه يده و يقول مبتسما : أحسنت يا فتى .. أخذا اياه تحت ابطه سار به نحو المشرب : فلنشرب نخب القط القوي و ناول الأمير كأسا و رفع كأسه الى فمه و شاركه الجميع النخب ، تظاهر الأمير بالشرب و ما ان وضع الجميع كؤوسهم حتى صدحت موسيقى الغوغاء و انطلق القوم يرقصون و الأمير يرقب كل هذا بعينين متسعتين و كانما يسجل كل ما يشاهد في عقله
قطع الضخم عليه تأمله قائلا : ان لك يدا قوية ايها الهر
ابتسم الأمير و قال مازحا : ربما .. لم أجربها قبلا
ضحك الرجل ثم مال عليه و سأله : لم لم تشرب نخبك ؟؟
اضطرب الأمير اذ لم يكن يظن أن الرجل قد لمحه ، و لكنه سرعان ما أجاب : لأني نادرا ما أشرب
- و لم يأتي رجل لا يشرب الى حانة الا لأجلهن
- لأجلهن ؟؟!
- نعم .. النساء يا فتى
- نعم .. اصبت ..
اشار الضخم الى امرأة جلست عند أحد أركان الحانه ، و ربت على كتف الأمير يدفعه الى الأمام قائلا : هاهي .. انها رائعة
-و لكن ..و لكني ..
-هيا لا تخجل .. فلتنل حظك من الدنيا
- ربما لاحقا .. اذ يتعين علي أن أمضي لأكمل بعض المهام ، و لكني حتما سأعود لها ، انها رائعه
- نعم .. صدقني .. تستحق العوده
قالها يربت على كتف الفتى و كأنما يودعه
مضى الأميرمسرعا و كانما لا يصدق أنه نجا من كل هذا ، و تأكد أن أحدا لا يتبعه حتى وصل الى الجانب من جوانب القصر كان يعرف انه لا يحرسه أحد ، و كما خرج بسهولة دلف بسهوله .. و عبر طريقا طويلا في الحديقة حتى وصل الى غرفته و ما ان دخلها حتى استبدل ملابسه بسرعه و أخفى بقايا غوغائيته و هو يضحك من كل ما حدث
زالت عنه مخاوفه عندما نظر لوجهه في المرآة و رآه بلا كدمات ، و م ان اطمئن حتى أخرج دفتره و تناول ريشته وأخذ يكتب
" حسبت أنني سأجد أجوبة لتساؤلاتي ، و اذا بي أعود بالمزيد منها .. كيف يحيا هؤلاء القوم ، كم هو غريب أن يتضاحك القوم لمرأى اثنين يتقاتلان ، و كم هو غريب أن يكون القتال عندهم مزاحا ، كيفا يستطيعون بكرونكات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة كما أخبرتني نارزا أن يأكلوا و يشربوا ثم يجدوا بقية ليلهوا ، كيف انقلبوا من معركة الى رقص و غناء بكأس" .. ضحك اذ تذكر أن "الغوغاء" قد شربوا نخبه .. و ضحك اذ تذكر عرض الضخم له و كيف ساعدته سرعة بديهته على التخلص من المازق ..غلبه نعاسه فاستسلم له لأنه كان يعلم أن عليه أن يستيقظ مبكرا ..
-كيف كان نومك يا بني
-كان جيدا يا أماه .. اشكرك
رد على والدته الملكة و هي تسأله على مائدة الافطار
-و لكن يبدو عليك الارهاق
ربما بسبب هذا الحلم .. لقد كنت أركض طوال الليل
ضحكت الملكة من مزحة ابنها .. كانت تعرف أن لابنها قلبا رقيقا و روحا حلوة ..
سألها عن نارزا ، فأجابته أنها تجمع الأزهار من حديقة القصر لتضعها في غرفته كعادتها كل صباح ثم أكملت : آه كدت أن انسى ،لقد سأل عنك والدك
- حسنا .. علي أن ألحق بجلالته .. عذرا جلالتك و انحنى يقبل يد أمه التي ابتسمت و ربتت على راسه ثم اخذت تتابعه و هو يمضي مبتعدا





هناك تعليق واحد:

Related Posts with Thumbnails
 
Share
ShareSidebar